بسمة ناجي تكتب: قائمة الجارديان لأفضل روايات عام 2022

صوره أرشيفية
صوره أرشيفية

تستكشف رواية (جُوع) لروس رايسين، أحد ألمع الروائيين فى بريطانيا، الصراع بين الطموح والواجب

أثارت بعض أهم الكتب الصادرة خلال عام 2022 جدلًا واسعًا بين النقاد. انقسمت الآراء حول رواية هانيا ياناجيهارا الملحمية (إلى الفردوس). تتناول الرواية الامتيازات والمعاناة فى تصورات تبادلية لأمريكا خلال ثلاث فترات: أواخر القرن التاسع عشر، وتفجر الإصابات بمرض الإيدز فى الثمانينيات، وتدهور المستقبل الاستبدادى بفعل موجات الأوبئة. تأثرتُ بالمدى الواسع الذى تغطيه الرواية وتجسيد الضرر النفسى الفردى الناتج عن التحولات التاريخية المُزلزلة.


لاقت روايتا كورماك مكارثى القاتمتان (المسافر) و(ستيللا ماريز) ردود أفعال متباينة أيضًا، وهما أول إنتاجه بعد انقطاع عن نشر الروايات لستة عشر عامًا. نفس الآراء المتناقضة أحاطت برواية (دروس) لإيان ماك إيوان، المنغمسة فى أحوال النفس البشرية.

تحديد عمر بطل الرواية ليعاصر سياسات ما بعد الحرب من الحرب الباردة وحتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، والتصدى لقضايا كطبيعة الإبداع وإرث الاستغلال الجنسى، يجعلنا نميل لقراءتها على أنها لائحة اتهام ضد جيل الطفرة السكانية الذى «التهم طبقة الكريمة».

 


تطرح رواية (بورنفيل)، لجوناثان كو، نفس التساؤل أيضًا، «كيف وصلنا إلى هنا؟». يتألق كو بروايته الثالثة خلال أربع سنوات، والتى يتتبع من خلالها مصائر عائلة عبر لقطات من التجارب المجتمعية، من تتويج الملكة وحتى كأس العالم 1966 والإغلاق بسبب تفشى وباء كورونا، فى صورة مؤثرة ورهيفة للتغييرات الفردية والتحولات الوطنية.


وكان تأثُر «على سميث» بالإغلاق مرحًا وعميقًا، ونتج عنه روايته (كتاب مُكَمِل)، التى تتناول تأثير تطورات العالم الخارجى على عُزلة امرأة، كما تتعرض للروابط بين الكلمات والعصور والأشخاص. بينما تسخر جينيفر إيجان فى روايتها (بيت الحلوى) من التقدم التكنولوجى المتوقع فى المستقبل القريب، فى عالمٍ يمكن فيه تحميل ومشاركة الذكريات.

وتُقدِم تأملاتها للمخاوف الحالية المتعلقة بالرقابة والخصوصية بإبداعٍ مذهل. تتساءل رواية محسن حميد (الرجل الأبيض الأخير) عن العِرق وما يمثله الآخر فى مجتمع خيالى يتغير فيه لون البشرة تلقائيًا.

أحببتُ رواية جوى ويليامز المُربكة والمجنونة (جرَّافة)، والتى تدور أحداثها فى مستقبل سوريالى يلفه الانهيار البيئى والفناء  البشرى، وهى تشبه أليس فى بلاد العجائب لكن فى نهاية العالم.
تتميز رواية الكاتب بيرسيفال إيفريت العبثية (الأشجار) بأصالة الإبداع الأدبي.

وبتركيزها على سلسلة جرائم قتل بشعة فى منطقة المسيسبى، تنتقل الرواية بين الرعب والكوميديا والخيال البوليسى لكشف تاريخ الإعدام خارج القانون. فى روايتها (مجد) تُضَفِر نو فيوليت بولاوايو قصة مزرعة الحيوانات لجورج أورويل بتقليد القص الشفاهى وجوقة وسائل التواصل الاجتماعى لإدانة الديكتاتورية والقمع فى جميع أنحاء العالم.

رواية سيلبى وين شفارتز (بَعد صافو) هى رواية أخرى تتلاعب بالشكل، وتستعيد القصص الخفية من خلال تجميع السيرة الذاتية والدراسة الأكاديمية والرحلات الشعرية الخيالية فى اسكتشات لفنانانات وكتابات معاصرات كفرجينيا وولف وكولييت وجوزفين بيكر.


من الروايات البارزة الأخرى التى تلقى الضوء على الماضى، رواية لويز كِنيدى (خطايا)، التى تدور أحداثها فى أيرلندا الشمالية خلال سبعينيات القرن العشرين. تدور أحداثها حول علاقة خطيرة بين امرأة كاثوليكية شابة ورجل بروتستانتى أكبر سنًا.

وتجمع بشكل رائع بين السرد المباشر والحاد والعين الثاقبة المراقِبة للتفاصيل الاجتماعية. فاز شيهان كاروناتيلاكا بجائزة بوكر عن روايته (الأقمار السبعة لمعالى الميدا)، وهى قصة قتل وغموض وأشباح.

وتدور أحداثها وسط مذابح الحرب الأهلية فى سريلانكا كما تركز على الجهود المبذولة للحفاظ على الحياة العادية فى مواجهة العنف الطائفي. تعرض رواية كاثرين شيدجى (تعاطُف عن بُعد) تقصيًا رائعًا للذنب الجماعى ومحاولات نسيان الفظائع النازية.

بينما يُفكك هرنان دياز فى روايته (ثقة) الهوس  الرأسمالى ووهم الثروة بوجهات نظر مختلفة لسرد قصة مموِل من نيويورك. بعد رائعتها هامنِت، تقدم ماجى أوفاريل فى روايتها الصادرة حديثًا (صورة الزفاف)، حكاية بديعة من عصر النهضة لفتاة محاصرة فى مؤامرة أرستقراطية إيطالية.

كما تعرض كيت أتكينسون فى روايتها (أضرحة الفرح)، ما وراء الحياة الليلية الصاخبة فى لندن عشرينيات القرن الماضي. فى رواية (مأوى للزمن) لجورجى جوسبودينوف، بترجمة أنجيلا روديل عن اللغة البلغارية، تعالج «عيادة الماضى» مرضى الزهايمر، وتلعب بأفكارهم عن التاريخ والحنين لاستكشاف أوروبا خلال القرن العشرين والارتباك الحالى بسرد ذكى ودافئ. 


وكانت 2022 سنة غنية بقصص العائلات التعيسة. تتناول شارلوت مندلسون فى روايتها (رفع القناع)، السيطرة النرجسية لفنان قضى عقودًا يسحق الحياة والطاقات الإبداعية لزوجته وأطفاله. اتسمت رواية (آسفة لشعورك بهذا)، لريبيكا ويت، بالمرح والاتزان العاطفى فى تناولها للتنافس بين الأشقاء والأمهات المُعقدات.

ولا توجد ضحكات فى رواية سارة مانجوسو (أُناس بلا قلب)، التى قدمت سردًا مُزعجًا، لكنه رائع، عن كيف يسمح الصمت والغطرسة والقمع فى نيو إنجلاند لسُم الإساءة بالتسرب بين أجيالها لعقود.


تستكشف رواية (جُوع) لروس رايسين، أحد ألمع الروائيين فى بريطانيا، الصراع بين الطموح والواجب حيث تتولى طاهية دور الرعاية عندما يصاب زوجها بالخرف. رواية ناموالى سيربيل الثانية، (الشقوق)، تروى ببراعة الاضطرابات النفسية للحزن على مدى العمر من خلال قصة امرأة تطاردها ذكرى شقيقها الأصغر.

والذى توفى تحت رعايتها فى طفولتها. تبع دوجلاس ستيوارت روايته (شوجى بين) الحائزة على جائزة بوكر بروايته (مونجو الصغير) القاسية التى تتناول الخلل الوظيفى داخل الأسرة. فى رواية (إيمى ولان)، التى تدور أحداثها فى مجتمع مزرعة متداعٍ، تُقدم سادى جونز رؤية طفل للصِلات الأسرية المضطربة ودراما الحياة والموت فى العالم الحقيقي.


وفى روايتها (حين أغنى ترقص الجبال)، والتى تقع أحداثها فى جبال البرانس، تمنح إيرين سولا كل شيءٍ صوتًا، من الجبال إلى العواصف والفطر والكلاب. هذه الرواية هى أول أعمالها التى تُنشر بالانجليزية، بترجمة مارا فاى ليثيم، عن الكتالونية. أتت الرواية الأولى للشاعرة كلير بولارد (دلفى)، كتأثر بظروف الوباء العالمى، حيث تجتمع النبوءة اليونانية القديمة والإحباطات اليومية خلال فترات الإغلاق لمواجهة مخاوفنا فى المستقبل.

وتُقدم رواية (فلاديمير) لجوليا ماى جوناس، قصة مُحملة بمبادئ ما بعد MeToo، حول انجذاب أستاذة جامعية لشاب أصغر سنًا، وهى قصة ذكية وممتعة. كما حققت رواية (دروس الكيمياء) لبونى جارموس، نجاحًا كبيرًا. أضفت جارموس سحرًا على قصة عالمة عبقرية تتعامل مع الذكورية فى أوائل ستينيات القرن الماضى فى أمريكا.


وقدمت ثلاث مجموعات قصصية بارزة صادرة خلال 2022 أصواتًا جديدة ومعاصرة. تلتقط مجموعة سابا سامز المربكة والمثيرة (أرسلى صورًا عارية) لحظات التغيير الوشيك فى حياة فتيات وشابات.

وفى مجموعته (نظام المكافآت)، يُشَرِّح جيم كالدر الحياة المعاصرة فى وهج شاشة الموبايل الذى لا يخبو، كما ترصد مجموعة جورنيك جول (لنرحَل) طبيعة العلاقات وظروف الانفصال فى المجتمع البريطانى البنجابي. عاد القاص الموهوب جورج سوندرز بمجموعته (يوم التحرير)، وهى قصص رمزية مأساوية لمجموعة بشر عاديين محاصرين فى جحيمٍ يفوق تصوراتهم.


وأخيرًا، ظهرت معجزة صغيرة عابرة للأنواع الأدبية: فى روايتها الأولى، (ماريجولد وروز)، تقدم الشاعرة الحائزة على جائزة نوبل لويز جلوك، السنة الأولى من حياة فتاتين توأم بخفة فلسفية وبهجة ومرح وإمكانيات أدبية لا تُعد تضمن إنهاء قراءة الرواية فى جلسة واحدة.

اقرأ أيضًا | «مقبرة الرمال» تفوز بجائزة بوكر الدولية