جود سعيد: واقع السوريين أسوأ من مأساة «رحلة يوسف»

المخرج جود سعيد
المخرج جود سعيد

أحمد سيد

استطاع المخرج جود سعيد من خلال الفيلم السوري الجديد “رحلة يوسف.. المنسيون” أن يلقي الضوء على أوجاع اللاجئين السوريين، حيث تعمق في الجانب الإنساني بعيدا عن ملابسات الحرب السورية، وقرر أن يقدم معاناتهم بكل أشكالها منذ بدايتها وحتى نزوحهم إلى مخيم اللاجئين، كما أضفى حالة من الرومانسية والحب ويدافع عنه بعيدا عن ويلات الحرب وأوجاعها ليرسم صورة واقعية يعيشها السوريون.. “أخبار النجوم” ألتقت المخرج السوري جود سعيد الذي كشف لنا كثير من التفاصيل عن فيلمه، والصعوبات التي واجهها أثناء التصوير، فضلا عن تعاونه شبه المستمر مع أيمن زيدان.

• هل كنت تتوقع خروج فيلم “رحلة يوسف.. المنسيون” من مهرجان القاهرة السينما دون الحصول على جائزة؟
“القاهرة السينمائي” من المهرجانات المحببة والقريبة إلى قلبي، وعدد من أفلامي عرضت به، أبرزها “مطر حمص” و”بإنتظار الخريف”، وعندما تلقيت دعوة بعرض فيلمي الجديد في المهرجان لينافس بمسابقة “آفاق عربية”، سعدت ولم أتردد، لأنني أعلم أن المهرجان يمنح الفيلم فرصة للمشاهدة وهو ما تحقق بالفعل، بالرغم من عرض الفيلم في توقيت صعب في ظل انشغال الكثير بمباريات كأس العالم، إلا أنني كنت حريص على التواجد داخل القاعة لمراقبة الجمهور الحاضر للفيلم الذي كان كثيفا، ووجدت حالة من التفاعل القوي، والتعاطف مع الفيلم الذي يحاول التعمق في الحالة الإنسانية التي يحملها العمل، وهو ما أسعدني وأعتبرها هي الجائزة الحقيقية، حيث تفاعل الجمهور مع رحلة “يوسف” وعائلته، ففي الوقت الذي خرج فيه الكثير من السوريين إلى بلاد اللجوء خوفا من الحرب، خرج هو وعائلته خوفا على الحب دون أن يعلموا ما تخبئ لهم الأيام من بلاد جديدة وهوية تائهة، وقد كانت فكرة المشروع نتيجة ثمار جلسة جمعتني بالفنان أيمن زيدان، وكنا نرغب أن نحكي للعالم عن مأساة النزوح عن الوطن، وشكل الحياة فيما بعد هذه الخطوة.

 • ألم تقلق من بعض المشاهد الصعبة التي احتوى عليها الفيلم خاصة المشاهد الجنسية أن تؤثر سلبا على الفيلم، وأقصد تحديدا مشهد اغتصاب الطفل الصغير؟
لم أقلق من هذه المشاهد، لأنها واقع نعيشه كسوريين، ومخيمات اللاجئين مليئة بمثل هذه الأفعال، وحاولت أن أنقل واقع نعيشه، فضلا عن ذلك تم تصوير هذه المشاهد بطريقة راقية لا يمكن أن تنفر منها، ولم يكن هناك مشهد واحد يظهر لك بشاعتها، وأن كان الواقع مختلف تماما عما قدمته في الفيلم، وأن مخيمات اللاجئين التي تجمع الكثير من السوريين بعد نزوحهم عن الوطن بسبب ويلات الحرب ليس هو الحل لقضيتنا العربية، حيث يتعرض اللاجئ لصعوبات في المعيشة، وإنتهاك لأبسط حقوقه.

 • برغم بشاعة الواقع الذي حاولت أن تنقله في الفيلم، إلا أنك كنت حريص أيضا على توجيه رسالة في بعض المشاهد أن الحياة لابد أن تستمر خاصة في قصة حب حفيد “يوسف”، وزواج الجد في مخيم اللاجئين.. هل كان ذلك لتخفيف بشاعة الواقع؟
في كل أفلامي احاول أن ألقي الضوء على الجانب الإنساني، وأننا نعيش حياتنا رغم ويلات الحرب والصعوبات التي نمر بها، وتجد الأسر السورية تفرح وتحزن مثل أي أسرة عربية، وفي نفس الوقت يعانون من الحرب، حيث أصبحت جزء من حياتنا، كما أننا كممثلين وصناع سينما نصور أفلامنا، نجد انفجار قرب موقع التصوير، ونكمل حياتنا وتصويرنا بشكل طبيعي.

 • ما سر اعتمادك هذه المرة على مؤلف يخوض التجربة لأول مرة وهو الكاتب الصحفي السوري وسام كنعان؟
أنا من مدرسة “سينما المؤلف”، وربما هذا العمل أيضا قريب الى سينما المؤلف كونى أشارك فى كتابة السيناريو أيضا، ولكن هذا لا يمنع أن اتعاون مع مؤلف أخر وأتولى إخراج العمل وهو أمر طبيعى، ولكن اميل أكثر الى سينما المؤلف، كما أن وسام كنعان من المؤلفين المميزين، ويمتلك قدرة على التعبير والتعمق في النفس البشرية، وهو ما كنت أحتاجه في هذا العمل.

 • نهاية الفيلم كانت قاسية.. هل كان ذلك مقصودا؟
بالتأكيد، وكنت سعيدا بها رغم قسوتها، لذلك فضلت أن تكون النهاية مؤلمة، فهي نهاية تترك بصمة للناس حتى تتذكرها.        

 • هل استغرقت تحضيرات الفيلم وقتا طويلا؟
بالفعل، بدأت عام 2019، نظرا لطبيعة أحداث المشروع، وعملية اختيار الممثلين، وبعض الشخصيات الرئيسية في الفيلم، خاصة المراهقين، وأسندتها إلى أشخاص لم يكن لديهم سابق خبرة في التمثيل، وخلال التحضير له اخترت ما يناسبني في هذا العمل، وقررت التصوير في أماكن بعيدة عن مخيمات اللاجئين، وفي نفس الوقت لا أبتعد عن المسار أو الخط الرئيسي للفكرة التي أعددتها وصناع الفيلم.

 • هل واجهتك صعوبات أثناء تصوير الفيلم؟
من أبرز الصعوبات التي واجهتها زيادة الميزانية المخصصة بسبب تراجع الأوضاع الاقتصادية في سوريا مؤخراً، بجانب توقف التصوير أكثر من مرة، وذلك بسبب تفشى فيروس “كورونا”، فكل تلك الظروف كانت تتطلب إيمانا حقيقيا من فريق العمل، لنتمكن من ظهوره إلى النور، خاصة أن التصوير أمتد لعامين تقريبا.

 • هل أثرت “كورونا” على حالة الإندماج من جانب بعض الممثلين مع الشخصيات التي يجسدوها في الفيلم؟
بالتأكيد، الفترة التي تم توقف تصوير الفيلم بها كانت مؤثرة، حيث التوقف لفترة طويلة بسبب “كورونا”، وكنا في حاجة للتحضير من جديد حتى يستعيد الممثل نفس المشاعر التي كانت لديه في المرحلة الأولى من  التصوير.

 • كيف ترى التعاون مع أيمن زيدان خاصة أنها لم تكن التجربة الأولى لكما؟
أنا وأيمن بيننا “كيمياء فنية”، وجمعني به عدد من الأعمال السابقة، وبيننا حالة من التفاهم الكبيرة، لذلك نستريح في العمل سويا، حيث يعلم ما أريده من المشهد دون أن نتحدث كثيرا، وهو كذلك يبادلني نفس الشعور، فضلا عن أنه مخرج أيضا، ويمتلك قدرات فنية هائلة.

اقرأ أيضًا| مرصد الأزهر: مخيم الهول.. يوقظ آمال «داعش» ويؤرق المجتمع الدولي