محمود سالم يكتب: مش معقولة ولا مبلوعة

محمود سالم
محمود سالم

كان من الصعب تصديق كلام موظف هيئة البريد المصرى عندما رفض إرسال طرد إلى شركة أمازون عبارة عن موبايل مبررا ذلك بضرورة الحصول على موافقة أمنية ، وخاصة حينما أضاف أن الهيئة ــ وهى هيئة حكومية ــ لا يمكنها تنفيذ ذلك وأن المسموح لها هى شركات القطاع الخاص وهى بالمناسبة ربما تكون أجنبية  وكأن الموافقة الأمنية تسرى فقط على البريد المصرى أما الشركات الخاصة والأجنبية فلا تسرى عليها، وهى بالقطع حجة « مش معقولة ولا مبلوعة « ولا تنطلى على طفل صغير وليس على رجلا عجوزا مثل صاحب الواقعة التى أصابته بالدهشة منذ وقوعها حتى الآن .. والكارثة أن القصة اتضح أنها مبلوعة لكنها غير قابلة للهضم !

الحكاية وما فيها حدثت داخل هيئة البريد المصرى فرع هليوبوليس غرب ، ويومها حجز صاحب الواقعة دورا وحصل على رقم 5069 وانتظر قرابة الساعة حتى وصل إلى موظف لا يعرف وجهه الابتسامة  وكأنه يريد التخلص من الذى يحمله على كاهله من طالبى الخدمة ، ليدور حوار بين الموظف الذى يسأل الرجل : طلباتك ؟ فيرد مسرعا : عاوز أبعت الموبايل ده إلى شركة أمازون وأدى عنوانها .

ليأتى الرد الصاعق : موبايل لا ! .. ليه يا مولانا . سؤال كان من الواضح أنه استفز الموظف فلم يرد لكنه تدارك الأمر وقال : البريد المصرى ليس من حقه إرسال الموبايلات والشركات الخاصة هى صاحبة الحق .. لم يستطع الرجل إمساك لسانه وقال للموظف : يا سلام .. حضرتك متأكد ليرد : طبعا متأكد . وسأله مرة أخرى : أرجوك إسأل زميل لك أو مديرك ، ليأتى الرد الحاسم : قلت لك ممنوع ..  خرج الرجل من مقر البريد وهو يضرب كفا بكف ويكلم نفسه بصوت هامس : يا خسارة التطوير والتجميل والإعلانات التى تملأ شاشات التليفزيون والفضائيات بشأن ذلك التطوير والقول بأن البريد المصرى « ده وقته » !  

سيادة الدكتور شريف فاروق رئيس مجلس إدارة البريد المصرى : أنا شخصيا أرفع القبعة لك وللــ 40 ألف موظف فى هيئة البريد المصرى وكل التقدير لما حدث من تطوير فالجميع فخورون به ، ولكن تبقى بعض الأمور لابد من علاج الإعوجاج الذى تعانيه مثل عدد شبابيك الصرف وخاصة وقت صرف المعاشات ، وبالطبع البحث عن حكاية منع البريد المصرى من إرسال بعض المنتجات وقصرها على الشركات الخاصة !

لا أحد يريد هدم النجاح الذى تحقق ولكن ثغرة بسيطة يمكنها تشويه الصورة الجميلة ، والأدهى أن البريد المصرى كان أولى بنحو 1100 جنيه حصلت عليها إحدى شركات البريد الخاصة مقابل إرسال الموبايل إياه !