كنوز| العقاد يكتب: شجرة الميلاد ليست مسيحية

شجرة الميلاد -  العقاد
شجرة الميلاد - العقاد

كل عام جديد وأنتم بخير..

بعد ساعات قليلة يلملم 2022 أوراقه التى تشبعت بكل أنواع الصعوبات والقلاقل والحروب والأمراض والأزمات التى اختنق بها ومنها العالم كله، وما باليد حيلة، فالناس ستحتفل بقدوم العام الجديد، وهى تتضرع إلى الله بالدعاء لكى تمتد يده الحانية لإعادة السلام والمحبة، وتخيب كل توقعات من يرون أنها ستكون سنة أصعب من سابقتها!! 

والغريب أن أصحاب العقول المنغلقة لا يريدون للناس أن تفرح، أن تخرج من حالة الكآبة والأخبار المتلاحقة السيئة، ويحرمون عليهم الاحتفال بالكريسماس وبابا نويل وشجرة الميلاد التى يتم تزيينها بالمصابيح المضيئة التى تبهج النظر وتلفت انتباه الصغار والكبار، ويراها دعاة الانغلاق بدعة وهم لا يعرفون أصل حكايتها الذى يحدثنا عنه أديبنا العملاق عباس محمود العقاد فى مقال بجريدة «أخبار اليوم» نقتبس منه السطور التى يقول فيها: 

فى سنة 1740 كتب القس «دانهاور» من ستراسبورج يعجب من شجرة عيد الميلاد قائلا: 

«إنه من الصغائر التى يشغل بها الناس أوقاتهم فى عيد الميلاد، بدلا من اشتغالهم بكلمات الله، إنهم يقيمون شجرة من فروع التنوب ويُزينونها بالعرائس والحلوى المسكرة، ويَهزونها لتُسقط ثمراتها ويفرحون بها، ولا أدرى من أين جاءت هذه العادة، فهى عادة صبيانية كان خيرا منها أن يعودوا الأطفال على أن يتعلقوا بدوحة الروح السيد المسيح». 

والقس الفاضل صادق فى قوله، هذه العادة لم تكن من تقاليد المسيحية الأولى، لكنها من العادات التى احتفظ بها أبناء الشرق الأوسط فى القارة الأوروبية، ونقلوها إلى حفلات رأس السنة، ثم حفلات عيد الميلاد، لأنها تجرى مع حفلات رأس السنة فى موسم واحد، أما أصلها القديم فهو سابق لميلاد السيد المسيح بأكثر من ألفى عام، وأول ما عُرف من تاريخها أن البابليين الأقدمين كانوا يسمونها شجرة الحياة، وأنها تحمل أوراق العمر فى رأس كل سنة، فمن اخضرت ورقته كُتبت له الحياة طوال السنة، ومن ذُبلت ورقته وتساقطت فهو ميت فى يوم من أيامها، وسرت هذه العادة إلى الشرق من أوروبا الشرقية والوسطى، وجعلوا يحتفلون بالشجرة ويختارون لها الورق من الأشجار التى تحتفظ بخضرتها طول العام ومنها: أوراق البقس والتنوب واللبلاب وما إليها.

وحكمتها أن اللون الأخضر تخافه شياطين الجدب والقحط، وهكذا يتفاءلون بالشجرة الخضراء.

وقد حدث الاحتفال بعيد الميلاد نفسه بعد عدة قرون من مولد السيد المسيح الذى كان مولده مولد السلام والمحبة، وما أحوج العالم إلى السلام والحب فى هذه الأيام.

فليهنأ العالم بمولده حيث كان ولينتهج فيه منهج صاحبه إن كان فى العالم بقية من خير وصلاح وبقية من إيمان بغير المال والسلاح.

عباس محمود العقاد «أخبار اليوم» 31 ديسمبر 1954

إقرأ أيضاً|نجوم الأوبرا يحتفلون بالعام الجديد على المسرح الصغير