كتابات التلاميذ «نعكشة»| الخط العربي.. حظه قليل وحصته في المدارس تائهة

■ إحدى حصص مدارس الخط  العربى
■ إحدى حصص مدارس الخط العربى

اعوجاج الخط دليلٌ على ضعف التفكير وعدم اتزان السلوك، ونعكشات طلابنا تقول إن الحرف العربى يُعانى نُطقًا وكتابةً بمدارسنا بعدما تخلت عنه الوزارة فأضحى فى ذيل اهتمامها، وتوزعت «حصة» الخط على نشاطات أخرى، وغاب المدرّس المُتخصص فى فنون «الرقعة والنسخ والثلث والكوفي» فتراجعت خطوط أبنائنا وشردت عن السطر، وغاب الحرف العربى عن تزيين جدران المدارس بعدما كان يزهو فى عقول تلاميذها.

 فى هذا التحقيق نناقش مع المتخصصين مشكلات الخط العربى فى المدارس:


فى البداية يؤكد الفنان مسعد خضير البورسعيدي، نقيب نقابة الخطاطين، أن الخط العربى هو هويتنا لأنه مترجم اللغة، وقد بدأ يتراجع فى مصر ويتقدم فى باقى الدول العربية التى تُنفق على الفنانين بسخاء، وذلك لعدة أسباب منها أن وزارة التربية والتعليم أصبحت العدو الأول والأكبر على الخط العربي، لأن مدرس الخط يحصل على 5 جنيهات فقط فى الحصة وتتراجع إلى 3 جنيهات، ومعظم المدرسين يعملون لوجه الله.

 

وتابع: "المدارس لا تُعطى حصة للخط، وإنما هى الكراسة فقط ولا يُدرّسها أحد، ويتم تخريج مدرسين من مدارس الخط التى كانت 370 مدرسة وبالإغلاق المتتابع لم يتبق سوى أقل من 70، ولا يتم إعطاؤهم فرصة التدريس بحجة أنهم غير تربويين؛ ولقد طالبنا كثيرًا بالاستعانة بهؤلاء الفنانين للتدريس ولو بالحصة وقابلتُ شخصيا معظم وزراء التربية والتعليم واتفقنا على خطوات جيدة وقبل أن يصدر بها قرار يتراجع أو يتغير!".


اهتمام رئاسي


ويضيف نقيب الخطاطين، أن الرئيس السيسي مهتم جدا بفن الخط العربي وكان له الفضل فى تأسيس مدرسة خضير البورسعيدى للخط العربى فى بيت السحيمي، وفى مكتبة مصر العامة ببورسعيد، وهناك مدرسة ثالثة قيد الإنشاء فى المنيا.

 

واستطرد: "ننتظر من وزير التربية والتعليم أن يكون على قدر هذا الاهتمام الرئاسي؛ وأريد أن أبشر الخطاطين بأننا نتوقع خلال الفترة المقبلة موافقة البرلمان على إنشاء نقابتنا المهنية لنملك قوة القانون فى المطالبة بحقوق الخطاطين المهدرة، فلم يعد الخطاط يستطيع أن «يأكل عيش» بخطه بعدما حاربته الوزارة والوسائل التكنولوجية الحديثة، فتراجعت الخطوط العربية فى الصحف وأفيشات الأفلام والدعاية والإعلان، وحتى كتابة المصاحف".

 

وواصل حديثه قائلا: "لهذا فإن المواهب الجديدة تحتاج إلى عيون لاقطة توظف الأشياء جيدًا وألا تبحث عن المال، وفى متحفى 15 ألف لوحة ممنوعة من البيع ولا توجد أى تعاملات مالية لمشاهدتها، كما قمتُ بتأسيس جائزة بقيمة 25 ألف جنيه تدفعها وزارة الثقافة للموهبة الأفضل سنويا، وهناك 20 جائزة تشجيعية قيمة الواحدة 500 جنيه".


غير مفعلة !


ويؤكد عبد الحميد مصطفى، مدير مدرسة الخطوط العربية بالمدرسة السعيدية بالجيزة، أن «الخط» مهم جدا فى حياة الأمة العربية، وإهمال الخط كان سببا فى تدهور التعليم، لأن حصة الخط قد تكون موجودة ولكنها غير مُفعلة لعدم وجود مدرس متخصص ودارس للخط، سواء من مدرسى اللغة العربية أو المنفردين للخط، بعدما وقفت التعيينات وتم إسناد حصة الخط إلى غير الدارسين مما أفقد الطالب إحساسه باللغة، وحتى البقية الباقية من المدرسين بالتربية والتعليم فى طريقهم إلى الانقراض لعدم وجود بدائل.


ويضيف أن تدهور الأجر المادى لحصة الخط الذى تقرره الوزارة ولا يتعدى 5 جنيهات أسهم فيما يحدث، لأنه رقم غير ملائم أبدًا لحصة يُدرسها متخصصون متفردون ونادرون فى مجالهم ومن الطبيعى أن يكون لهم أجر مميز؛ ولكن الوزارة أهملت مدارس الخط ولا يتم تعيين خريجيها ولو بالحصة، رغم أن طالب الخط يدرس أربع سنوات ثم عامين دبلومة تذهيب ولا تستفيد منه الوزارة، ولهذا أرجو أن يهتم مسئولو الوزارة بحصة الخط لأنها جزء من كيان الأمة والمجتمع، وغيابها عن مدارسنا أثر فى سلوكيات الطلاب ومهاراتهم.


وعن كراسة الخط يقول مدير مدرسة الخطوط، إن كراسة الخط موجودة ولكن باعتبارها جزءا من الكتب فقط، فالطالب لا يفتحها ولا يعلم عنها شيئًا لأنه لا يوجد من يرشده إليها، فضلا عن أن الكراسات الجديدة لديها منهج مختلف عن القديم الذى كان يسهم فى كتابته أساتذتنا الرواد، وكل ذلك أسهم فى انصراف الطلاب عنها، مما أثر بقوة على التلاميذ، خاصة فى المرحلة الابتدائية، لأن الخط يؤثر فى سلوكيات الطالب، مثل: حُسن التنظيم والإتقان ودقة الملاحظة مما ينعكس على شخصيته فيما بعد.