«الأخبار» فى جولة داخل الهيئة

الأرصاد الجوية: شتاء العام الجارى.. برد وعواصف وأمطار غزيرة

محرر « الأخبار»  خلال جولته داخل هيئة الأرصاد الجوية
محرر « الأخبار» خلال جولته داخل هيئة الأرصاد الجوية

تداخلت فصول السنة وخاصة شهرى الشتاء والصيف ويبقى خيط واحد هو حقيقة الإحساس بالبرد الشديد أو الحر الشديد وبينهما تغيب هوية الطقس بسبب ما تشهده مصر من ظواهر مناخية تحتاج إلى إستلهام الواقع والتنبؤ بخطط المواجهة، هو ملخص التعامل مع ملف يومى يبحث عنه الكبير والصغير...إنه عالم الطقس والحرارة.. البداية لمعرفة تفاصيل هذه الظواهر، بجولة لـ «الأخبار» داخل الهيئة العامة للأرصاد الجوية لمعرفة كيفية رصد درجات الحرارة والتنبؤ بالأحوال الجوية يوميا أو لمدة أسبوع على الأقل، وتغير توصيف طقس مصر من حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاء كما اعتدناه فى كتب الجغرافيا ، وتوقعات الشتاء الحالي.

البداية كانت بدخولنا لمبنى الهيئة فى الدور الثالث حيث يقع مركز التنبؤات والانذار المبكر، عشرات المتخصصين يعملون كخلية نحل دون توقف الكل يقف أمام خرائطه أو سجلاته الجميع يدون ملاحظاته ويسجل تسجيلات وتوقعات الأرصاد القادمة من أجهزة الرصد أولاً بأول.


طرق رصد 
لقاؤنا كان مع محمود عباس كبير الراصدين، بهيئة الأرصاد الجوية، الذى بدأ حديثه بأن أول شئ يساعد فى معرفة الأحوال الجوية هى محطات الرصد المنتشرة فى جميع محافظات مصر، حيث يكون هناك نوعان من أجهزة الرصد أحدهم يدوى والآخر اوتوماتيك.

ويقوم الاثنان برصد درجات الحرارة، سرعة الرياح، وغيرها وتبدأ هنا مهمة الراصد بتسجيل كل هذه الارقام على هيئة شفرة متعارف على قواعدها من خلال المنظمة العالمية للأرصاد الجوية

ثم يقوم الراصد بإبلاغ المركز الرئيسى فى القاهرة بكل السجلات والارقام التى تم رصدها ويتم تسجيلها كتابيا فى عدد من السجلات طوال اليوم تتم هذه المرحلة على مدار الساعة وجميع المحطات المنتشرة فى مختلف المحافظات تقوم بالاتصال لتسجيل الرصدة التى يتم ارسالها من قبل الراصدين فى محطات الرصد.


وأضاف كبير الراصدين، انه يتم الاعتماد الان بشكل أساسى على اجهزة الرصد الاوتوماتيك ويتم استخدام اليدوى فى حل حدوث اى طوارئ او اى عطل فى جهاز الرصد الاوتوماتيك، كما أن الراصد يقوم بإضافة البيانات التى لا تستطيع الأجهزة الالكترونية رصدها مثل معدلات الرؤية والشبورة المائية والعواصف الترابية.

وكذلك السحب وأنواعهم فالراصد يكون دارسا لـ ٢٧ نوعاً من السحب ويحدد ارتفاعاتهم «سحب مرتفعة أو سحب متوسطة أو منخفضة» سحب تسقط أمطار معها وأخرى لا تعطى أمطاراً وأخطر أنواع السحب هى « السى بى».

ولدينا محطات رصد فى كافة المطارات واذا شاهد الراصد هذا النوع من السحب يبلغ فوراً حتى يتم اتخاذ قرار الطيران من عدهم وفقا لحجم خطورتها لان هذه السحب اذا مرت بها الطائرة على ارتفاع معين قد تتسب فى توقف محركات الطائرة لذلك فهى من اخطر أنواع السحب علاوة على الامطار الغزيرة التى تسقط معها وارتفاع هذا النوع من السحب قد يصل لألف متر.


وتقوم تلك الأجهزة بإرسال سجلات الرصد مباشرة للهيئة، وبعد تسجيلها من الهيئة يتم وضع هذه الأرقام بشفرة معينة متعارف عليها من قبل المنظمة الدولية للطقس ثم يتم وضعها يدويا على خرائط الطقس سواء لدولة مصر او خرائط مطبوعة لمصر والدول المحيطة بها.

ويتم وضع الارقام التى تأتى من المنظمة الدولية من الدول الأخرى ليتم بعد ذلك مرحلة تحليل تلك البيانات ثم مرحلة التنبؤ بحالة الطقس لفترات متابعدة سواء يوميا او على مدار ٣ ايام او على مدار اسبوع كامل.


وانتقلنا بعد ذلك الى الدكتور محمود القياتى متنبئ جوى بهيئة الأرصاد الجوية، ليشرح بعد ذلك مرحلة تحليل خرائط الطقس ثم كيف يتم وضع توقعات الطقس حيث أكد «القياتي» انه بعد الانتهاء من عملية الرصد وتسجيل كافة الارقام الواردة من محطات الرصد يتم ارسال هذه السجلات الى المنظمة العالمية وفقا لبروتوكول تعاون ما بينها وبين مصر لتبادل معلومات الطقس.


وواصل «القياتي» حديثه مع «الأخبار»، بإنه يتم بعد ارسالنا هذه البيانات عودة بيانات الدول الآخرى لنا وهناك أكثر من نظام نعمل به الأول يدويا ونقوم برسم توقعات الطقس عليه من خلال الأرقام المسجلة محليا.

وكذلك العوامل الخارجية سواء منخفضات جوية او خلاف من الظواهر الجوية القادمة من الدول الأخرى والتى قد تؤثر على حالة الطقس فى مصر ونقوم عن طريق هذه السجلات بتحليل ورصد التنبؤات بالطقس سواء على مدار اليوم او الاسبوع وكذلك التوقع بما قد يكون عليه الفصول الاربعة.


وأوضح د محمود أن الراصد الموجود بالهيئة يستقبل بيانات من المحطات ثم يسجلها ثم يقوم المتنبئ الجوى بقراءة الوضع فى مصر حالياً مثل بيانات القاهرة وبيانات الإسكندرية وهكذا فى كل التسجيلات القادمة من مختلف محطات الرصد، موضحاً ان هناك ١٥٠ محطة رصد ترسل بياناتها على مدار الساعة للهيئة، فحتى يكون هناك تنبؤ دقيق يجب ان يتم دعمه برصدات دقيقة.

حيث يتابع المتنبئ أيضا صور القمر الصناعى مثل الصور الخاصة بالعواصف والأتربة وكذلك صور السحب وبروتوكول التعاون الموقع ما بين مصر والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يتيح تلك الخرائط والصور القادمة من الدول الأخرى مقابل ان ترسل بيانات أيضا لها.


وأكد القيتي، أنه لا يمكن ان تتابع محطات الرصد فى مصر فقط ونتنبئ بالطقس بناء عليها فقط ولكن يجب معرفة ما يوجد فى الدول المحيطة لأننا نتعامل مع كتل هوائية تتحرك باستمرار ولذلك المتنبئ من خلال دراسته يكون على دراية بان على مدار أسبوع قادم او وقت قادم اذا كان هناك على سبيل المثال كتلة هوائية قادمة من ليبيا وكذلك كتلة أخرى من جنوب أوروبا.

وغيرها من العوامل المؤثرة يرصدها المتنبئ ليضع توقعات وتنبؤات للطقس دقيقة من خلال خبرته،واضاف ان التنبؤ يكون قائم على دراسة وتحليل دقيق لخرائط الطقس العوامل الخارجية المؤثرة عليه وهناك قاعدة ثابتة لدينا انه كلما زادت فترة التوقع كلما كانت غير دقيقة ووارد ان يحدث تغيير بها فى اى لحظة بسبب التغييرات المناخية.


وأكد «القياتي»، ان المتنبئون فى الهيئة كانوا يتوقعون ان يكون الخريف هذا العام مختلفاً عن الأعوام السابقة لأنه من الطبيعى ان يحدث به سيول ولكن هذا العام كان من المتوقع عدم حدوثها وقد كان، لم تحدث فعلا سيول وهذا غير معتاد حدوثه ولكن بسبب التغيرات المناخية اصبح لفصول السنة شكل آخر لم نعتد عليه على مدار الأعوام الماضية.

وأضاف القياتي، أن هذا العام كان المتوقع بسبب التغيرات المناخية ان يكون فصل الخريف مختلفاً عن كل الأعوام الماضية فالمعتاد فى الخريف حدوث سيول وكميات من الامطار، وبالتالى هذه العام حدث ما هو متوقع من التغيرات المناخية.

وهو ارتفاع فى معدل درجات الحرارة عن المعدلات الطبيعة فى العام الماضى وكذلك كميات الامطار كانت أقل من المعدل الطبيعى وكذلك لم تحدث سيول فى المحافظات مثل بعض محافظات الصعيد وسلاسل جبال البحر الأحمر لان من المعتاد حدوث امطار فى الخريف.

وتراكم المياه عليها مما يسبب السيول ولكن ذلك لم يحدث بسبب التغيرات المناخية مؤكداً ان العالم الآن لمس تأثيرات التغيرات المناخية فى الطقس والتى يختلف تأثيرها فى كل منطقة عن الآخرى.
وفى نفس السياق قالت د منار غانم، متنبئ جوي، أن الشتاء فى الـ ٥ الأعوام الماضية حدثت فيه ظواهر جوية عنيفة غير معتدلة مثل تساقط حبات البرد بشكل كبير جدا.

وحبات البرد هى كرات الثلج الصغيرة التى تسقط مع الأمطار وشاهدناها تغطى أكثر من محافظة وكرات الثلج الصغيرة ظهرت فى خريف العام الماضى فى أسوان وكذلك فترات البرد أصبحت تزيد عن المعتاد بالإضافة الى سقوط الأمطار الغزيرة.


وبدأ موسم الشتاء رسميا الأربعاء الماضى فى ظل انخفاض فى درجات الحرارة وفى ظل التغيرات المناخية من المتوقع حدوث ظواهر جوية عنيفة مثلما التى حدثت فى الأعوام الماضية كسقوط حبات البرد على المحافظات الساحلية بصفة خاصة وانخفاض ملحوظ فى درجات الحرارة وموجات من البرد تستمر لفترات طويلة قد تصل لـ ٢١ يوماً متواصلة مثلما حدث العام الماضى وبالتأكيد تلك تمثل توقعات بنسب لا تتجاوز دقتها الـ ٢٠٪ ووارد أن تتغير الظروف الجوية وفقًا للظروف الجوية المحيطة.


وقالت د منار غانم إنه من الممكن أن تصل درجات حرارة لـ ١٠ درجات على القاهرة مع العلم أنه قد وصلت القاهرة من قبل لـ ٨ درجات واذا قد تصل لذلك مرة أخرى لكن ذلك غير معتاد مع حدوث الرياح يزيد الإحساس بدرجات الحرارة المنخفضة.

ووارد ان يحدث تقارب فى موجات التبريد أى ان تتكرر موجات انخفاض درجات الحرارة الشديد لمدة أطول تصل لأسبوع او اثنين بسبب التغيرات المناخية وهذا لم نعتد عليه فقد كانت تلك الموجات مدتها يومان أو ثلاثة أيام.


وقال د محمود القياتي، إن مركز الإنذار المبكر بالاشتراك مع إدارة مختصة بدراسة البيانات المناخية ولديها بيانات منذ ٢٠٠ سنة مضت أى منذ بدأ مجال الارصاد الجوية فى مصر فتلك البيانات تظل مؤرشفة ويتم استخدامها فى مجالات أخرى.

ويتم من خلالها وضع توقعات للفصول القادمة بناء على دراسة خرائط الطقس وبيانات محطات الرصد التى يتم تسجيلها طوال اليوم حيث يتم ارسال تلك السجلات شهريا لهذه الإدارة بشكل شهري، ليتم بحث دراسات المناخ والمتوقع حدوث فى كل فصل ويتم وضع هذه التوقعات قبل حدوث كل فصل سواء الشتاء او الربيع أو الصيف أو الخريف.


تغير التوصيف 
وأكدت منار غانم أنه بالتأكيد هناك تغيرات حدثت فى توصيف طقس مصر وحاليا يوجد لجنة تدرس البيانات المناخية التى حدثت فى مصر والمنطقة خلال ال ٣٠ عاماً الماضية بالاشتراك مع وزارة التربية والتعليم لمعرفة الصفات والسمات المشتركة فى تلك السنوات ليتم توصيف دقيق للحالة الجوية فى مصر.

وبالتأكيد التوصيف الموجود حار صيفا معتدل شتاء سيتغير بناء على ما ستحدده تلك اللجنة.

اقرأ ايضًا | «الأرصاد» توضح حقيقة تعرض البلاد لمرتفع جوى سيبيري