شعراء فى يــــــــــــوم اللغة العربية l عبدالرحمن الطويل: لا أهتم بصراعات الشكل

الشاعر عبدالرحمن الطويل
الشاعر عبدالرحمن الطويل

عبدالهادى عباس

وُلدت فى القاهرة فى الثانى والعشرين من سبتمبر عام 1988، وفى مكتبة والدى- رحمه الله - تعرفت على الشعر من خلال عدد كبير من المختارات الشعرية التى قرأتها وجعلت علاقتى بالشعر تبدأ مبكرًا.

بدأت الكتابة الشعرية منذ المرحلة الثانوية، وخلال المرحلتين الثانوية والجامعية كتبت مئات القصائد التى أعتبرها بمثابة مرحلة التدريب.
درست المرحلة الجامعية بكلية التجارة جامعة القاهرة وتخرجت فيها عام 2010، وخلال هذه المرحلة اقتربت من الشعر أكثر بمواصلة القراءة والتثقيف الذاتى والكتابة، حتى أنى كنت أذهب إلى المكتبات داخل الجامعة لشراء كتب كليتى فأشترى معها وقبلها كتب العروض والأدب وما أجده من دواوين شعرية، وهو ما أدى بى فى النهاية إلى الالتحاق بكلية دار العلوم بعد التجارة، وتخرجت فيها عام 2016.

صدرت مجموعتى الشعرية الأولى (بريق غيهبى) عن دار روائع عام 2015، ثم صدرت مجموعتى الثانية (سِفر لم يكن) عن الهيئة العامة للكتاب عام 2017، ومجموعتى الثالثة تحت الطبع.
حصلت على المركز التاسع فى جائزة الجمعية السعودية للغة العربية عام 2017، كما أكتب القصة والنصوص النثرية على فترات متباعدة.
كما لى شغف خاص بالقاهرة القديمة تاريخًا وآثارًا، مع عناية خاصة بخطط مدينة الفسطاط التى أشتغل على مشروع بحثى كبير عنها.
أكتب قصيدة الشطرين وقصيدة التفعيلة، ورغم أن نتاجى من النوع الأول أكثر إلا أنى أجد نفسى فى النوعين بذات القدر، ولستُ معنيًّا بصراعات الشكل الشعرى، وأراها بالأساس عملًا غير شعرى ولا يخدم الشعر، ويُهدر طاقات الشاعر والناقد.

أرى الشعر فى كل شيء، وأرى أنه يصلح للتعبير عن كل شيء، وأرى أن أعلى الشعر ما كانت شعريته فى المعنى، خاصة المعنى الجديد، فشعرية المعنى عندى مقدمة على شعرية الصورة وشعرية التركيب اللغوى.
انشــــــغـل الشــــعـــــــــر الكلاسيكى بالأغراض التقليدية والمناسبات، والشــعر الرومانسى بالمشاعر الشـخـصـية والتفاعل مــع الطـبيـعـة، فيـمــا جاءت موجات الشعر الحر بجرعات كبيرة من الواقعية التى تطرح هموم الواقع بشكل شعرى، وقدم عدد من شعراء الحداثة جرعات كبيرة من الغموض والسريالية وقصيدة المغزى لا المعنى، وفى العقدين الأخيرين سيطر البوح على الحالة الشعرية ما سبب تشابهًا فى المنتج عند كثير من الشعراء وبينهم، وأرى الحل بالاشتغال الجيد على الأفكار والموضوعات الجديدة وتنشيط جينات الشعر الخاملة فيها، وهذا يستدعى من الشاعر قدرًا كبيرًا من التأنى والإعداد مع حاجة متجددة إلى تنمية ثقافته وتنويعها.
لا أومن بقصيدة لا تقول شيئًا، وفى أكثر الأحيان أتهم شاعرها بأنه لا شيء لديه يقوله ويستتر وراء الغموض، بالطبع هناك استثناءات تحتاج إلى تلقٍّ خاص، لكن مشكلة هذا النوع من الكتابة أنه فتح الباب لتصنيف الهذر شعرًا.
فى الأعوام الأخيرة صرت أبحث عن لغة شعرية رصينة وسهلة فى آن، العربية المعاصرة تقوم بالمهمة ولا حاجة بنا إلى الغريب، والعامية تشتمل على قدر كبير من الفصيح المغفول عنه الذى يساعدنا على بناء لغة شعرية عصرية، بشرط عدم التكلف، وألا تصبح غايات الشاعر اللغوية من القصيدة أعلى صوتًا من الشعر فيها.

كلُّ الذى لم أقل .. يا ليتنى قُلتُهْ
ولم يبِت فى ضلوعى عاجزًا عُلتُهْ.
لرُبما حثَّ سيرَ الحُلم نحو يدي
أو حط عن كاهلى عبئًا تحمّلتُهْ.
سكتُّ خوفَ ضياع الـ لستُ أملكه
ضنًا به
وبفضل الصمتِ ما نلتُهْ.
أخذًا بأحوطِ ما قالوا وما نصحوا
وما أحاط بغيرى منذ أعملتُهْ!
لأنه لم يُبِن عنى حديث دمي
ولا أصاخ لقلبى حين رتلته.
ولم يُترجم بلاغاتى وأخيلتي
على الذى بحماقاتى تخيلتُه.
لأنه نصحُهم فى نفع أنفسهم
فكيف أنفع نفسى إن تقبَّلته.
وكيف أغرف مِن قِدرٍ مُغلَّقةٍ
لصاحبٍ من فصوص القلب أكّلته.
مطبوخةٍ لغريبٍ لستُ أعرفه
لم يرتحل فى هواها ما ترحّلتُه.

أقرأ أيضأ : كنوز| بلاغة «جبران» في شجاعة العفو والاعتذار