حصاد 2022.. اكتشافات وافتتاحات وآثار مستردة

ثماثيل آثرية
ثماثيل آثرية

يعد قطاع السياحة والآثار، من القطاعات الهامة التي توليها الدولة الرعاية الكاملة بتوفير كل الإمكانيات وتوجيه كل الوزارات للعمل معها وتوفير البنية الأساسية لنمو القطاع وزيادة التدفق السياحي إلى مصر.

ونجحت وزارة السياحة والآثار، خلال العام المنصرم 2022 في تحقيق عدد كبير من الإنجازات، نرصد منها ما يتعلق بقطاع الآثار:

وألقى الدكتور عبد الرحيم ريحان خبير الآثار، وعضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، الضوء على عدد من إنجازات قطاع الآثار في مجال الاكتشافات والافتتاحات والآثار المستردة. 

مشروعات قومية

أرست الدولة قواعد ثلاثة مشاريع قومية كبرى تعمل كل أجهزة الدولة على إنجازها وهى مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة من رفح إلى الدير المحرّق ومشروع التجلي الأعظم بمنطقة سانت كاترين ومشروع تطوير القاهرة التاريخية مشيدا بجهود د. مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.

اكتشافات أثرية

وأوضح ريحان أن أبرز وأهم الاكتشافات الأثرية خلال عام 2022 بدأت باكتشاف البعثة الأثرية المصرية بمنطقة وادي النصب في جنوب سيناء لبقايا مبني استخدم لقائد بعثات التعدين المصريّة بسيناء خلال عصر الدولة الوسطى 1710 قبل الميلاد" بموقع يتوسط مناطق تعدين النحاس والفيروز يمتد على مساحة 225 متر مربع تقريبًا.

وفى فبراير اكتشفت البعثة المصرية التشيكية خبيئة لمواد التحنيط أثناء أعمال الحفر الآثري داخل مجموعة من آبار الدفن التي تعود إلى عصر الأسرة الـ26 والتي تقع بالجزء الغربي من جبانة أبو صير، وكذلك اكتشفت البعثة المصرية بحفائر معبد الأقصر عقب إزالة منزل توفيق باشا أندراوس لوحة أثرية نادرة تجمع للمرة الأولى بين الملكين تحتمس الرابع وأمنحتب الثاني وهما يقدمان القرابين لآمون على كرسي العرش.

وأشار الدكتور ريحان إلى أن البعثة الأثريّة المصريّة بمنطقة تل الكدوة بشمال سيناء نجحت في الكشف عن مجموعة آبار مياه طريق حورس المفقودة "طريق حورس الحربي"، التي ترجع إلى بداية عصر المملكة المصريّة الحديثة، وفى مارس كشفت البعثة المصرية النمساوية المشتركة العاملة بمعبد كوم أمبو بأسوان عن مركز إداري يرجع إلى العصر الانتقالي الأول، والكشف أسفر عن أكثر من 20 صومعة مخروطية كانت تستخدم لتخزين الحبوب، وكشف بمنطقة سقارة عن طريق البعثة الأثرية برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار الدكتور مصطفى وزيري عن أول وأكبر خبيئة تعود إلى العصر المتأخر أثناء أعمال موسم الحفائر الرابع بجبانة الحيوانات المقدسة "البوباسطيون" بمنطقة آثار سقارة تضم 150 تمثالًا من البرونز مختلفة الأحجام لعدد من المعبودات المصرية القديمة فضلًا عن تمثال برونزي للمهندس أيمحتب بدون رأس غاية في الدقة والجمال.

كشفت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار والعاملة بجبانة قويسنا الأثرية بمحافظة المنوفية خلال شهر نوفمبر عن مقابر أثرية ترجع لفترات زمنية مختلفة تحتوي على عدد من المومياوات ذات ألسنة ذهبية، وترجع القيمة التاريخية والأثرية لجبانة قويسنا إلى تنوع طرق وأساليب الدفن بها ووجود جبانة نادرة لدفن بعض الطيور.

وعثر على بقايا مدينة عسكرية على ساحل البحر الأحمر من بينها اكتشاف بقايا حمام ضخم عمره 2200 عام كان ضمن مركز تجاري يشمل تجارة بيع أفيال الحرب في شرق إفريقيا في ميناء بحري قديم في مصر تحديدًا على الشاطئ الغربي للبحر الأحمر، وترأس الحفريات الجارية في "برينكي" ماريوز جوايزدا الأستاذ المساعد في علم الآثار في معهد البحر الأبيض المتوسط والثقافات الشرقية وستيفن سايدبوثام أستاذ التاريخ في جامعة ديلاوير الذي يركز على الاقتصاد العالمي القديم، كما اكتشف فريق بحثي مشترك من جامعة ديلاوير الأمريكية وبرشلونة الإسبانية، والمركز البولندي لآثار البحر المتوسط مقبرة للصقور داخل ميناء "برينيك" الأثري على ساحل البحر الأحمر في مصر.

 الآثار المستردة

وفى مجال الآثار المستردة، فقد نجحت إدارة الآثار المستردة بقيادة الدكتور شعبان عبد الجواد في استرداد عدد من القطع الأثرية المهربة للخارج أبرزها تمثالين أثريين من بلجيكا، في غاية الجمال وذلك في سبتمبر 2022 القطعة الأولى لتمثال من الخشب الملون لرجل واقف يرتكز على قاعدة من عصر الدولة القديمة ينما تمثال آخر صغير من الأوشابتي المصنوع من الخشب من العصر المتأخر وتم تسليم القطعتين للجنة من المتحف المصري بالتحرير تمهيدًا لعمليات الترميم ثم العرض المباشر داخل المتحف المصري.

ونجحت مصر في استرداد 16 قطعة أثرية مصرية من الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بالتعاون بين وزارة السياحة والآثار ومكتب المدعى العام بنيويورك، وبالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية والجهات المعنية المختلفة بالدولة وأن القطع التي تم استردادها كان قد تم تهريبها من البلاد بطريقة غير شرعية وهو ما أثبتته التحقيقات التي تمت بالولايات المتحدة الأمريكية فى ثلاث قضايا مختلفة.

ومن بين القطع المستردة 6 قطع أثرية من متحف المتروبوليتان تم مصادرتها من قبل مكتب المدعى الأمريكي في مدينة منهاتن بنيويورك في القضية الكبرى التي شملت تهريب عدد من القطع الأثرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ومازالت التحقيقات مستمرة بها في فرنسا، وتضمنت القطع جزء من تابوت خشبى مغطى بطبقة من الجص الملون يصور وجه سيدة، ولوحة من الحجر الجيري عليها نقوش من الكتابة الهيروغليفية ومنظر لتقدمة القرابين، وقطعة من من الكتان مزينة برسومات ملونة تحكى قصة عبور البحر الأحمر من سفر الخروج مقسمة إلى خمسة قطع صغيرة، وتمثال من البرونز لرجل راكع على ركبتيه، ومقصورة من الحجر الجيرى المزين بنقوش ملونة لشخص يدعى "كيميس" والذى كان يحمل لقب كبير الموسيقيين، ولوحة جنائزية من بورتريهات الفيوم تصور سيدة من العصر الروماني.

ومن بين القطع المستردة 9 قطع أثرية نادرة كانت بحوزة أحد رجال الأعمال الأمريكيين والتى أثبتت التحقيقات أنه تم حيازتها بطريقة غير شرعية، بالإضافة إلى قطعة عملة من الذهب ترجع للعصر البطلمي.

وتسلم سفير مصر في سويسرا، وائل جاد، تمثالًا أثريًا من البرونز، للمعبودة إيزيس تحمل حورس الطفل" يرجع للعصر المتأخر، وقد زار وفد فنى مصرى من وزارة السياحة والآثار سويسرا خلال الفترة من 29 مايو إلى 2 يونيو 2022، ضم كل من الدكتور شعبان عبد الجواد، المشرف العام على الإدارة العامة للآثار المستردة، والمستشار أدهم الجنزورى، المستشار القانونى لوزير السياحة والآثار لشؤون المتحف المصرى الكبير لبحث ملف استرداد الآثار المصرية المهربة وسبل تعزيز التعاون بين الجانبين فى مجال الاتجار غير المشروع للآثار، وذلك فى ضوء الاتفاقية الموقعة بين البلدين فى عام 2010 بشأن استيراد ونقل القطع الأثرية بطرق غير مشروعة وإعادتها إلى موطنها الأصلى.

وتم الترتيب لإعادة مجموعة من القطع الأثرية التى تنتمى للحضارة المصرية القديمة سبق وأن تسلمها السفير وائل جاد، سفير جمهورية مصر العربية لدى الاتحاد السويسرى، من مكتب الثقافة الفيدرالى فى أغسطس 2021، وتشمل هذه القطع جزءًا من تمثال سيدة من الألباستر، قطعة حجرية عليها نحت يمثل جزءًا من المعبود بس، غطاء لإناء كانوبي من الحجر ممثل بالشكل الآدمي، تمثال أبو الهول من الحجر، لوحة من الحجر عليها نقوش تمثل بعض الشخصيات والكتابات، لوحة من الحجر منفذًا عليها بعض المناظر، إناء من الألباستر أسطواني الشكل.

الافتتاحات

في مجال الافتتاحات فقد نجحت وزارة السياحة والآثار في إحياء مسار العائلة المقدسة ممثلة في وزارة السياحة والآثار ووزارة التنمية الإدارية ومجهودات المحافظين في ثمانية محافظات تمت فيها أعمال تطوير ملموسة وكانت الافتتاحات السابقة لنقاط هامة في المسار شملت تل بسطا وسمنود وسخا ووادى النطرون وشجرة مريم وكنيسة السيدة العذراء بجبل الطير بسمالوط.

ولفت الدكتور ريحان إلى المواقع التى تم افتتاحها فى المسار عام 2022 وشملت موقع وادى النطرون الذى تم افتتاحه يوم 28 مايو الماضى والذى شهد معجزة نبع الحمراء حين عطش الطفل ولم تجد السيدة العذراء مصدرًا للماء سوى بحيرة شديدة الملوحة، فخاضت داخلها لأمتار وأخذت بعض الماء منها لتروي طفلها ليتحول الماء المالح إلى عذب، ويتفجر في نفس الوقت ينبوع مياه عذبة بارتفاع 1.5 متر عن سطح المياه العادية والتدفق لازال حتى اليوم وهى معجزة "نبع الحمراء" في التراث المسيحي وهذه المياه مباركة ولها معجزات سواءً المالحة منها أو النبع العذب، فهي تشفي أمراض الروماتويد والروماتيزم، وجميع أمراض الحساسية بأنواعها كما قامت وزارة السياحة والآثار بإعداد ملف تسجيل أديرة وادى النطرون دير السريان وأبى مقار والباراموس والأنبا بيشوى تراث عالمى باليونسكو وتم الانتهاء من الملف وتسليمه 
وفى سبتمبر الماضي تم افتتاح شجرة العذراء مريم الشهيرة في المطرية والتي استظلت تحتها العائلة المقدسة حين قدومها إلى مصر ولا زالت تُعرف حتى اليوم بـ"شجرة مريم" وأنبع السيد المسيح بئر ماء بجوارها ونبتت هناك نباتات عطرية مثل نبات البلسان وهناك شارع بالمطرية يسمى شارع البلسم، وشارع يسمى بئر مريم وانقطع شجر البلسان فى القرن السابع عشر بسبب فيضان النيل، وقد زارت إمبراطورة فرنسا أوجيني شجرة مريم عام 1869 في افتتاح قناة السويس.

أمّا عن دير السيدة العذراء بجبل الطير بسمالوط الذى تم افتتاحه فى 26 يوليو الماضى والذي يرتفع عن سطح البحر 66 متر حيث أنشيء على قمة جبل الطير الملاصق للنيل وأطلق عليه هذا الاسم  نسبة إلى طيور البوقيوس الأبيض التي كانت تتردد عليه والذى شهد قدوم العائلة المقدسة وبقائها في مغارة بالجبل وقد أنشأت القديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين كنيسة منحوتة في الصخر عام 328 م عرفت بكنيسة الكف لمعجزة السيد المسيح حين منع سقوط صخرة عليهم عندما سند الصخرة الكبيرة بكفه الصغير فانطبع كفه على الصخرة، وصار الجبل يعرف باسم "جبل الكف".

وأردف ريحان قائلا: أن منطقة جبل الطير تستقبل 3 مليون زائر من المسيحيين والمسلمين خلال شهر مايو من كل عام وشهد الموقع أعمال تطوير شاملة منها ترميم الكنيسة الرئيسية والمدخل الرئيسى لها والاستراحة والطريق السياحى وتمهيد الطريق المؤدى إليها بالبازلت وأعمال التشجير وتأمين بالموقع
 أحداث هامة.

وشهدت الآثار الاحتفال بحدثين مهمين، الأول الاحتفال بمرور مائة عام على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون والتي شهدتها محافظة الأقصر فى 4 نوفمبر بمشاركة وزارة السياحة و الآثار ممثلة في الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، بالتعاون مع مركز البحوث الأمريكي شملت أُمسية فنية بساحة معبد الأقصر شارك بها أحمد عيسى وزير السياحة والآثار.

والحدث الثانى الاحتفال بمرور 200 سنة على فك رموز حجر رشيد، مما نتج عنه نشأة علم المصريات وهو من أهم العلوم على مستوى العالم التى تتضمن معالم الحضارة المصرية وتوافق هذا الاحتفال مع اليوم العالمى للسياحة 27 سبتمبر من كل عام وفتحت مصر جميع مواقعها الأثرية مجانًا للجمهور من المصريين والعرب والأفارقة والأجانب المقيمين في البلاد ونظمت احتفالات وفعاليات مختلفة بجميع المواقع الأثرية.

وشهد المتحف المصري بالتحرير اقبالًا غير مسبوق، ورصد متحف الحضارة بالفسطاط دخول 10 آلاف زائر، وأطلقت وزارة السياحة والآثار ممثلة في الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي ولمدة أسبوع، حملة إعلانية إلكترونية تحت عنوان "200 عام من العلم المستمر" "years of science in the making 200" في العديد من دول العالم، منها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والسعودية وكندا وإسبانيا وفرنسا، بهدف تعريف العالم بالسبق الحضاري والعلمي الذي تميزت به الحضارة المصرية القديمة.

وفى رشيد موقع العثور على الحجر نظم متحف رشيد الوطني مجموعة من الفعاليات والأنشطة المتميزة التي شملت معرضًا فنيًا وتراثيًا عرض نموذج طبق الأصل لحجر رشيد بالحجم الطبيعي، وتمثالاً نصفيًا للعالم الفرنسي شامبليون، ومجسمًا لقلعة قايتباي مكان اكتشاف الحجر، إضافة إلى ورشة تفاعلية مع الأطفال والشباب للتعرف على أبجديات الخط الهيروغليفية