بدء المناقشة بين الأطباء والبرلمان على تحديد «المسؤولية الطبية»

المسؤولية الطبية
المسؤولية الطبية

 

محمد طلعت

«المسؤولية الطبية» واحد من أهم مشاريع القوانين التي يتم مناقشتها في مجلس النواب نظرًا لأنه يهم كل مواطن يعيش على أرض مصر، فهو يحدد العلاقة بين الطبيب والمريض، يعطى حقوقًا ويطلب واجبات قد يراها البعض حاسمة وحقيقية في تحديد المسؤولية داخل القانون.

لكن على الجانب الآخر قد يراها آخرون تحتاج لتعديلات لكي تتناسب مع الحالة المصرية، وما بين هؤلاء وهؤلاء تشتعل الأجواء ويظل مشروع القانون حبيس الأدراج، خاصة أن أحد أطراف الصراع والذي يجد أن مشروع القانون المقدم بشكله الحالي يحتاج لتعديلات كثيرة هى نقابة الأطباء نفسها، وعلى الجانب الآخر اعضاء لجنة الصحة في البرلمان، لذلك هى معركة مشتعلة لكن السؤال الذي لابد من طرحه هو ما هى أوجه الخلاف بين الطرفين ولماذا هناك صراع من الاساس وليس تقريب وجهات النظر في مشروع قانون استمر النقاش حوله شهورًا طويلة دون أن يصلوا لحل حتى الآن، اجابات تلك الاسئلة وغيرها في السطور التالية.

نقابة الأطباء ترى أن مشروع قانون المسؤولية الطبية موجود داخل البرلمان منذ ٧ أعوام كاملة ولم يخرج حتى هذه اللحظة للنور رغم المناقشات وجلسات الاستماع المطولة داخل لجنة الصحة بمجلس النواب ولكن عندما شاهدوا ما تم إنجازه في مشروع القانون من بنود كان لهم عدد كبير من التحفظات التي قد تصل لرفض كامل للقانون.
النقابة ترى أن الشكل الحالي لمشروع القانون به بنود قالوا عنها كارثية ولابد من تعديلها وهناك بنود أخرى مبهمة يجب توضيحها قبل إقرار القانون؛ فمثلا يرون أن عقوبة الحبس والغرامة تكون فقط على مقدم الخدمة الطبية الذي يقوم بإجراء غير مرخص له مزاولته وفي غير حالات الطوارئ أو الذي أهمل إهمالا جسيمًا تسبب في ضرر للمريض أو الذي استخدم آلات ووسائل غير مسموح بها من الدولة، وللمنشأة الطبية غير المرخص لها وتكون العقوبة في هذه الحالة على إدارة المنشأة.

أما في حالة حدوث ضرر للمريض نتيجة خطأ طبي من مقدم الخدمة الطبية المرخص له والمؤهل تكون العقوبة هي التعويض المادي للمريض أو ذويه تبعًا لدرجة الضرر.
وترى النقابة أيضا أنه في مسألة المسؤولية الطبية التي تخص مقدم الخدمة والطبيب؛ يجب أن يتم النص على مخاطبتهم قضائيًا وقانونيًا بهذا القانون فقط ولا تطبق عليهم أية عقوبات جنائية أو مدنية سوى المقررة في هذا القانون مع عدم الإخلال بحق المتضرر في التعويض وعدم الإخلال بالعقوبات الواردة بالقوانين واللوائح الإدارية والنقابية.

واكدت النقابة خلال اجتماعها الطارئ الذي عقد بمشاركة عدد كبير من قيادات النقابات الفرعية على ضرورة أن ينص القانون المزمع إصداره من مجلس النواب بشكل واضح على تحمل صندوق مخاطر المسؤولية الطبية المنصوص عليه في مشروع القانون للتعويض المادي الذي يحكم به لصالح المتضرر أو ذويه إضافة إلى تحمله الغرامات، كما طالبوا بأن ينص على أن تعود حصيلة الغرامات إلى ميزانية التأمين الصحي.
أما الموضوع الأهم الذي تراه النقابة وهو أن ينص مشروع القانون على عدم قبول التقاضي بالتعويض إلا بعد صدور تقرير نهائي من اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، بالإضافة إلى النص على أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وفروعها هي المختصة دون غيرها بتلقي شكاوى الضرر الطبي التي تقدم في جميع جهات التحقيق المختلفة وتشكيل لجان نوعية طبية تتبع اللجنة العليا للمسؤولية الطبية ويكون دورها فحص الشكاوى وإعداد تقرير طبي فيها.
تلك كانت ردود نقابة الأطباء على مشروع القانون والاعتراضات التي قدموها مؤكدين على مشاركتهم في كل جلسات الاستماع المقبلة في البرلمان لطرح أفكارهم والوصول لحل مناسب حتى يصدر القانون بصورة تليق مؤكدين على قيامهم بجمع توقيعات إلكترونية للأطباء في مصر من أجل رفع الامر لرئيس الجمهورية للتدخل لإنصاف الأطباء في مشروع القانون قائلين في الاستمارة الالكترونية الموجودة على صفحة النقابة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك؛ أن الطبيب إذا تم إقرار مشروع القانون بتلك الطريقة هو سجين محتمل.

وكل ما يريده الاطباء وفقا للدكتور إبراهيم الزيات عضو مجلس النقابة العامة للأطباء؛ هو قانون عادل للمسؤولية الطبية مؤكدًا أن القانون تأخر إصداره وسبقتنا دول كثيرة في إصداره سواء كانت عربية أو دولية، وأنه لايوجد ما يستدعي الحبس في القوانين الخاصة بالمسؤولية الطبية في العالم على عكس مشروع القانون المصري.
واستشهد عضو مجلس النقابة بقانون الإعلام المصري الذي تم إقراره قبل عدة سنوات مؤكدًا على أنه نص على منع الحبس بسبب قضايا النشر وعليه من يقول إنه ستكون هناك عدم دستورية إذا تم المنع في قانون المسؤولية فليراجع قانون الإعلام الذي أقره مجلس النواب من قبل.

وطالب عضو المجلس بضرورة تشكيل محاكم طبية متخصصة كما هو الحال مع المحاكم الاقتصادية.


أما الدكتور حسين خيري نقيب الأطباء فقال: إنه لايوجد منطق أن يتم حبس مقدم الخدمة الطبية المؤهل والمرخص له أو حتى تغريمه ويكفي التعويض المادي للمريض عن الضرر الطبي.
فيما قال الدكتور أحمد حسين: إن القانون بشكله الحالي إذا تم إقراره فسيؤدي إلى هجرة المهنة من البقية من الأطباء الذين مازالوا يعملون في مصر.

وجهة النظر الأخرى

على الجانب الآخر يرى عدد من المعترضين على ما تطرحه النقابة أنه إذا لم يكن هناك رادع قانوني من خلال عقوبات صارمة لن يكون هناك فائدة من القانون، فمن اخطأ لابد أن يحاسب مشيرين لآخر حالة خطأ طبي وقع قبل أيام في الاسكندرية وتحديدا في منطقة الرمل التي تسبب فيها إهمال طبيب تخدير في وفاة طفل صغير ويجرى التحقيق معه حاليًا بعد أن خرج بكفالة مالية، أليس من العدالة أن ترى هذه الاسرة وغيرها من الأسر التي فقدت عوائلها وأطفالها بسبب خطأ طبي من أخطأ يعاقب، فكل أموال الدنيا لن تعوض عن من فقدوه.

مؤكدين على أن الأطباء يريدون أن يكونوا فوق القانون والمحاسبة إذا أصروا على موقفهم فمن يقول انظروا لقانون الإعلام ليس به حبس ويجب أن يكون قانون المسؤولية مثله خاطئ فمن يهمل ويتسبب في وفاة شخص لايجب أن نقارنه بشيء فعقابه واجب ويجب أن يتفهم الأطباء ذلك فإذا كانوا لهم حقوق فللمريض حق أن يتم الاهتمام به وإذا أهمل أحد وتسبب له في الوفاة يجب أن يتم معاقبته.


في النهاية ذلك القانون لابد أن يصل لحل وسط يرضي جميع الأطراف لانه قانون مصيري ومهم وخلال الأيام المقبلة هناك جلسات استماع أخرى سيتم عرض كل الأفكار فيها.

أقرأ أيضأ :أطباء سوهاج تعقد اجتماعاً موسعاً حول الفاتورة الإلكترونية والمسؤولية الطبية