أزمة تغريب اللغة الرسمية

عضو مجمع اللغة العربية: لغتنا كريمة كالنهر سخية سخاء الندى والمطر

مجمع اللغة العربية
مجمع اللغة العربية

كان العالم العربى «البيروني» يقول: «لأن أُهجى بالعربية خير لى من أن أُمدح بالفارسية»؛ ومن قبله كان عمر بن الخطاب يقول: «تعلموا العربية فإنها تزيد من المروءة».

رغم أن الدستور ينص على أن اللغة العربية هى اللغة الرسمية للوطن، لكنها لم تعد اللغة الرسمية لقلوبنا بعد ما انتشرت الرطانة على ألسنة أبنائنا وواجهات محلاتنا باعتبارها دليلا على الحداثة والعولمة، وإذا كانت الأمم المتحدة تعترف باللغة العربية وتخصص لها يوما للاحتفال فى 18 ديسمبر من كل عام باعتبارها إحدى اللغات القومية الكبرى فإننا ننبذها من حياتنا وكأنها لغة ثانوية ونسخر من المتحدثين بها وكأنهم مشايخ من زمن فات!.


يقول د. محمد حسن المرسي، عضو مجمع اللغة بالقاهرة، إن اللغة العربية كريمة كالنهر، سخية سخاء الندى والمطر، لكن كثيرا من أبنائها قابلوا كرمها بالجحود، والإهمال، حتى فى مجال تعليمها وتعلمها، فقد وصلت بها الحال أن أصبحت من الموضوعات التى يشتد نفور المتعلمين منها، وترتفع شكواهم من صعوبتها وتعقيد قواعدها، وأصبح ضعفهم فيها ملموساً فى قراءتهم، وحديثهم، وكتابتهم، وبدا جلياً ما آلت إليه حالهم فى المدارس والجامعات، عزوفاً عن دروس اللغة العربية، وهبوطاً فى مستوى التحصيل والتمثل، والنتيجة الطبيعية لذلك، متخرجون يعملون فى كل مجال من مجالات الحياة، اللغة على ألسنتهم رطانة، وعلى أقلامهم عجمة وإغراب.


وأوضح أن هذا الواقع ليس وليد العصر الحاضر، بل إن له فى التاريخ جذورا عميقة؛ ومع هذا أكد أنه من المتفائلين، وأنه ليس من أنصار التركيز على الأخطاء، وجلد الذات، والبكاء على اللبن المسكوب، ولدَيه إيمان راسخ أن الأفضل آت، وقال: ألمس ويلمس معى كل منصف جهودا تبذل، لكن علينا أن نعرف أننا نتعامل مع إرث متراكم عبر مئات السنين، ودون لجوء لفلسفات، ودون تسطيح لقضية أؤكد أنها تتلخص فى أمرين: الإرادة، والإدارة.
ويشير د. عبد الله عبد الحليم، عميد آداب حلوان السابق، إلى أن اللغة العربية تواجه تحديات كبيرة وغير مسبوقة فى هذه الفترة من حياة الأمة العربية، نظرًا لغلبة لغات الأمم المتقدمة وانبهار أبنائنا وطلابنا بها، وهو ما يستدعى تدخلات عاجلة من كل مؤسسات الدولة الثقافية والدينية والإعلامية والتعليمية دون استثناء، لمواجهة أخطار التغريب المحدقة بنا من كل جانب؛ وأضاف أن ذلك ليس مستحيلًا لأن اللغة العربية تحمل فى نفسها مقومات استمرارها؛ كما أنها ليست بالصعوبة التى يتصورها البعض بدليل أن كثيرًا من الأجانب يدرسونها ويُجيدون التعامل بها، بل ويحصلون فيها على أعلى الدرجات العلمية وفى أدق التخصصات اللغوية.


ويقول أحمد أبو حوسة، الباحث بمجمع اللغة العربية إن علينا تجاوز الاحتفالات السنوية بيوم اللغة العربية والانتقال إلى حشد الجمهور العربى للاعتزاز باللغة التى يفتقر إلى مثلها الاتحاد الأوربى والتجمعات الغربية، ورغم ذلك فهم يمثلون القوى العظمى اليوم، والخطوة الأولى فى هذا الطريق تبدأ بقرار سيادى فى كل دولة عربية لتطبيق الالتزام الكامل بالعربية الصحيحة وتعريب العلم لبناء الوحدة العربية على أسس صحيحة، ويمكن أن نسترشد فى ذلك بتجارب الدول الكبرى فى التعليم باللغة الأم.