صياد بورسعيد يدفع حياته ثمنًا لدفاعه عن بائعة مناديل

الضحية
الضحية

أيمن عبد الهادي

«ما ينفعش كده يا شباب هي علشان غلبانة.. تقبلوها على أمكم أو أختكم»؟.. بهذه الكلمات تحدث شاب في محافظة بورسعيد مدافعًا عن سيدة بسيطة تبيع المناديل، ولم يكن يعلم أن دفاعه عنها سوف يكون سببًا في إنهاء حياته.
مسلم هاني أحمد عوض شاب يبلغ من العمر 20 عامًا يعمل في بيع وتجارة وصيد الأسماك بميناء الصيد بـ محافظة بورسعيد، وقد وسع الله من رزقه فبات لديه مراكب صيد، ولم يجعل ذلك لنفسه بل تحمل النفقات عن أسرته، وتحمل كذلك علاج والدته المريضة.

وبينما مسلم ذاهبًا إلى عمله رأى مجموعة من البلطجية يتنمرون على سيدة بسيطة تبيع المناديل، يقومون بإهانتها، فلم يستطع الصمت على هؤلاء، قال لهم معنفًا:»ما ينفعش كده يا شباب هي علشان غلبانة.. تقبلوها على أمكم أو أختكم»، وما كان من أحدهما إلا أن اخرج من ملابسه مطواة وطعنه بها 12 طعنة نافذة في البطن، نقل على إثر ذلك إلى مستشفى السلام ليتلقى العلاج، وظل يصارع الموت، حتى كتب الله له النجاة، وبمجرد خروجه من المستشفى بدأت محاولات الجناة معه للتنازل عن القضية لكنه رفض ذلك، وأصر على الحصول على حقه بالقانون، لكن الجناة خططوا لقتله.

البداية عندما استقبل مستشفى السلام الدولي ببورسعيد مسلم هاني أحمد عوض، والذي يبلغ من العمر 20 عامًا عن طريق الأهالي، وبعد توقيع الكشف الطبي تبين أنه مصاب بنزيف في المخ، وجرى حجزه في العناية الحرجة منذ 3 أيام، حاول الأطباء إنقاذه من النزيف الناتج عن اعتداء الجناة، إلا أنه توفى داخل قسم العناية الحرجة متأثرًا بإصابته.
تلقى اللواء مدحت عبد الرحيم مدير أمن بورسعيد بلاغًا بالحادث، ووجّه على الفور بتشكيل فريق بحث جنائي للوقوف على الأسباب، وتحرير محضر بالواقعة، على أن تتولى النيابة العامة التحقيق، التي أمرت بالتحفظ على الجثة بالمشرحة تحت تصرفها، وفرضت مديرية أمن بورسعيد إجراءات أمنية بمحيط الواقعة، وذلك لسرعة فرض السيطرة الأمنية، وتمكنت من ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة.

التحريات

كشف تحريات رجال المباحث حقيقة الواقعة؛ حيث تبين أن مسلم خرج من المستشفى بعد الواقعة الأولى، وفي أول مرة يمر من أمام منزل الجناه حتى تعرض له والد المتهم، وطلب منه التنازل عن المحضر الأول، فقال له لن اتنازل حتى أحصل على حقي بالقانون، فقام بالتعدي عليه بـ مارينة من الحديد، ليأتي تاجر خردة ويضربه بغسالة قديمة من الحديد على رأسه، ويأتي آخرون ليعتدوا عليه بالضرب، ليعود بائع الخردة مسرعًا يحمل ماتور من الحديد ويضربه به على رأسه محدثا نزيفًا شديدا.

حاول المارة نقل المصاب إلى المستشفى إلا أن الجناه منعوهم مهددين اياهم: محدش هيشيله من الأرض إلا ميت، في مشهد يؤكد إجرامهم، وفي النهاية يحمله الأهالي إلى المستشفى ليظل على الأجهزة لمدة 36 ساعة، حتى صعدت الروح إلى بارئها.
ويكشف يوسف السيد العربي الصديق المقرب من المجني عليه لـ «أخبار الحوادث» أنه تنبأ بوفاته، موضحًا أنهما كانا سويًا بالمقابر قبل أيام، وقام مسلم بتنظيف وغسيل المقبرة، وقال له: أنا حاسس يا سيد أننا هنيجي هنا الجمعة ونعمل ليلة حلوة ويمكن اكون أنا الميت، وأشار إلى أنه لم يأخذ الحديث على محمل الجد، وطالبه بالتوقف عن هذا الكلام.

وكشف صديق المجني عليه؛ أن الشخص الذي قتله بمساعدة آخرين كان قاصدا قتله، لرفضه التنازل عن قضية نجله الذي طعنه من قبل 12 طعنة نافذة بالبطن، وأكد أن المتهمين بعدما قتلوه رفضوا أن يحمله أحد من على الأرض في نية واضحة للقتل العمد.
وأكد، أن المجني عليه صياد ولم يكن له مشكلات مع أحد، لكنه اعترض على إهانة بائعة مناديل على باب الله لا تبغي غير رزقها ورزق اسرتها فقط.
والدة المجني عليه
واحتضنت أم مُسلم الصياد بميناء الصيد ببورسعيد كفن ابنها بعد الانتهاء من إجراءات الطب الشرعي، قائلة: بدل ما أجيبله ملابس عرسه وأجوزه أجيبله الكفن، مؤكدة أن نجلها قُتل غدرًا على يد مجرمين ومسجلين خطر في نطاق حي الضواحي، تنبأ بوفاته قبلها بـ 24 ساعة.

وروت الأم تفاصيل الواقعة قائلة؛ إن القصة لم تبدأ بالقتل، وانما بدأت قبل أشهر عندما كان نجلها يدافع عن سيدة تبيع علب المناديل وطعنه المتهمون  12 طعنة نافذة في البطن والصدر، وظل يصارع الموت حتى كتب الله له الشفاء من الواقعة الأولى.

واستكملت أن تجار الشابو بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله، فانتظروا خروجه من المستشفى وحال مروره من أمام منزلهم الكائن بمنطقة الحراسات، تعدوا عليه بالضرب على رأسه وصدره، حتى سقط فاقدًا للوعي، ولم يتركوا للأهالي فرصة لإنقاذه ونقله لإحدى المستشفيات، وذلك للتأكد من موته، وعلقت: آخر كلماته لي كانت موجعة وقال لي»ماما أنا بموت»، وأوضحت أن نجلها كان مكافحًا وكان ينفق عليها ووالده، حتى أنه أجرى لها عملية على نفقته، كان يعيش من أجل أسرته يسافر رحلات صيد طويلة، ربنا ينتقم منهم حرقوا قلبي على ابني.

ووصفت الجدة حفيدها بـ شهيد الشهامة مؤكدة أن المتهمين الذين قتلوه من أسرة تبيع المخدرات ومسجلين جنائيًا على حد قولها، وأشارت أنهم منذ هذه الواقعة وبسبب رفض الأسرة التنازل في القضية، قد قرروا قتله، وأوضحت أنه بمجرد تعافيه من الـ 12 طعنه ونزوله لعمله، تعدوا عليه بالشوم والحديد، ولم يتركوه حتى تأكدوا من موته، وحمله الأهالي للمستشفى وظل يصارع الموت لساعات حتى صعدت روحه لبارئها.
وأتم الطب الشرعي، إجراءات تشريح جثمان الشاب الذي قُتل غدرًا على يد آخرين بـ محافظة بورسعيد، وذلك داخل مشرحة مستشفى المبرة، واستمرت إجراءات تشريح الجثمان لمدة ساعة ونصف، أثبت خلالها الطب الشرعي وفاة الشاب نتيجة ضربه بآلة حادة على الرأس تسببت في نزيف حاد بالمخ وكسر بالجمجمة أودى بحياته.
المتهمون يمثلون الجريمة

في حراسة مشددة وفي حضور النيابة العامة قام المتهمون بتمثيل الجريمة، وشيّع المئات من أهالي محافظة بورسعيد، جثمان الشاب الذي قتل غدرا على يد آخرين إلى مثواه الأخير في مقابر الأسرة ببورسعيد، وسط انهيار أهله وأصدقائه وأقاربه.
وتباشر النيابة العامة التحقيق في القضية، واستمعت إلى أقوال شهود العيان، وأمرت بحبس المتهمين 15 يوما على ذمة التحقيقات.

اقرأ أيضًا: «الضحية طفل الدقهلية».. الأمن العام يضبط «العاشقين» قاتلي البراءة