جريمة وسط الشارع سجلتها كاميرات المراقبة.. أب يستعين بمجهولين ويخطف ابنه

من فيديو خطف الطفل
من فيديو خطف الطفل

هبة عبد الرحمن

 فى الوقت الذى تحتفل فيه الدولة بل والعالم كله باليوم العالمى للعنف ضد المرأة، هناك الكثير من الامهات الابرياء اللائى يعانين من قانون ضعيف لا يقدر على الدفاع عن ابسط حقوقهن فى كونهن أمهات لديهن الحق فى الاحتفاظ بحضانة أبنائهن.

اقرأ أيضا|الصور الأولى من حادث الصحراوي الغربي بقنا.. نقل 15 مصابًا إلى المستشفى
فها هى واحدة من الامهات المظلومات اللائى عانين من كافة انواع العنف خاصة النفسى منه ـ وهو الأصعب ـ حيث قابلها زوجها بكافة انواع الإهانة من الإذلال بمنعها من تحقيق حلمها بأن تكون استاذة جامعية واستكمال دراستها العليا، بسبب غيرة أعمت قلبه وعقله من انها أم ابنائه وسوف يعود نجاحها عليهم، والإذلال بطردها كل يوم والآخر من بيت الزوجية لأن ذنبها انها يتيمة الابوين ولن يجد الزوج الظالم من يقف فى وجهه مستغلا ضعفها، ووصل به الامر لخطف ابنها فى جريمة تقشعر لها الأبدان، حيث اعترض اتوبيس المدرسة بسيارته وسط الشارع وفى وضح النهار ومعه مجموعة من الاشخاص، غير عابئ بأى قوانين أو نظام، وخطف ابنه من الاتوبيس مروعًا الاطفال الموجودين به ومهددًا السائق ومشرفة الاتوبيس، وسجلت كل ذلك كاميرات المراقبة المنتشره فى الشوارع، ورغم حصول الام على نسخهة من الفيديوهات لكنها لم تفدها بشيء، وهي الآن تقدم استغاثتها من خلال»اخبار الحوادث» طالبة عرض مأساتها على المسئولين لمساعدتها فى الحصول على حقها، ووضع حد لتلك الجريمة الشنعاء بخطف الابناء من امهاتهم، والى التفاصيل.

لا يهمنى أى شيء سوى عودة ابنى إلى حضنى، ولا اريد أى حقوق ولا أطالب سوى بحقى فى حضانة ابنى وأن يبقى معى ومع شقيقه الاكبر الذى يشعر بفقد شقيقه وساءت حالته النفسية لدرجة انى عرضته على طبيب امراض نفسية للعلاج، بسبب الصدمة التى يعيشها منذ اختفاء شقيقه عنه بتلك الطريقة البشعة بعد أن قرر والده بمنتهى القسوة خطفه وحرماننا منه، ليبعده عن حضنى ويفرقه عن شقيقه.

بتلك الكلمات المؤثرة وبصوت حزين ضعيف ودموع لا تتوقف، بدأت «رشا. ش39سنة» كلامها عن مأساتها، وتستكمل قائلة:
زواجى من والد ابنائى كان عام 2010 رزقنا الله بطفلين عمر 11عامًا وحمزة 7سنوات، كان زواجنا تقليديًا تمامًا، وبعدها بدأ زوجى يفتعل معى المشكلات منذ اول يوم زواج؛ حيث اقسم بأنه لن يعطنى جنيهًا واحدًا فى يدي، وأنه سوف يشترى كل متطلبات البيت بنفسه لكن فلوس لن يعطينى، وبالطبع وافقت على مضض حتى لا يتهمني أحد بأني اسعى لخراب بيتي؛ وبعد الزواج بأشهر قليلة بدأت المشكلة الحقيقية بيننا والسبب هو غيرته الشديدة من قيامى بالحصول على درجة الماجستير من كلية الاحصاء جامعة القاهرة، فقد انهيت إعداد الماجستير قبل الزواج لكن قمت بمناقشة الرسالة وانا حامل فى ابنى الكبير عمر، وبعد نجاحى وحصولى عليها فوجئت بزوجى بمنتهى القسوة والعنف يلقى على القسم بألا أخطو بقدمى إلى الجامعة مرة أخرى وإلا أكون طالق منه.

لم اتردد لحظة ومثل كل زوجة مصرية تخاف على بيتها قررت عدم التفكير فى استكمال حصولى على الدكتوراة رغم اندهاش أساتذتي من انسحابي هذا، واكتفيت رغمًا عني بما حصلت عليه من درجة علمية، رغم طموحى الكبير واملى فى أن احقق جزءًا من كيانى فى هذا الشأن، ولكن قلت لنفسى أن بيتى اهم وحياتى الزوجية أحق، خاصة انى كنت حامل فى ابنى الكبير.

استغل زوجى أنى يتيمة الابوين، وعدم وجود أحد للدفاع عنى، واستقوى على فى ايذائى نفسيًا ومعنويًا، بدلا من أن يحتويني ويعوضنى خاصة انه كان يدرك تماما رغبتى فى تكوين بيت واسرة واعيش حياة سوية هادئة، كنت لا افتعل معه المشكلات لأى سبب بل كنت ارضى بأى شيء رغم بساطته حتى لا أرهقه، ورغم كل ذلك كان يفتعل الشجار لأتفه الاسباب حتى يطردنى من منزل الزوجية، الذى كان يقع بالقرب من منزل والدته، رغم انى كنت اعاملها بما يرضى الله، واقوم على خدمتها لأوقات كثيرة أملا فى اكتساب ودهم وعطفهم على، وتعويضى عن فقدى لأبواى، لكن كل هذا لم يضعوه فى عين الاعتبار بل كنت اعلم أن والدته هى من تشحنه ضدي وتقسى قلبه علي، بقرارتها وتحكم رأيها وتدخلها فى الكثير من الامور وبالطبع تقف فى صف ابنها حتى ولو كان مخطئا.                                                                                                                                                                                                                                                                                  الطفل الضحية

في الغربة

وتستكمل «رشا» روايتها بأسى بالغ قائلة:وفى عام 2015 جاءت فرصة سفر لزوجى للعمل بإحدى الدول العربية، وسافر هو فى البداية وكنت حامل فى ابنى الثانى حتى انى انجبته وانا لوحدى ولم يكن معى احد يساندنى، ذهبت للمستشفى بمفردى ومعى ابنى الكبير، وعانيت هذا اليوم معاناه كبيرة، وسافرت بعدها بعام اليه انا وابناؤه وعشنا معه هناك قرابة 5 سنوات.
فى تلك الفترة لم اتركه بل قررت مساعدته بكل ما أوتيت من قوة، خرجت للعمل هناك، ومن جبروته كان يجبرني أن اتحمل كافة مصروفاتي، من نفقة اقامتى انا وابنائى بل حتى أنه فى بعض الاحيان يجعلنى ادفع له اقامته رغم انه معفى من دفع نفقات اقامته لأن الدولة التي يعمل بها ألغت نظام الكفيل، لكنه كان ينفقها على نفسه ويجعلنى ادفع له الاقامه ظنًا منه أنني لا اعلم بهذا.

حتى فى فترة وباء كورونا أعطاه العمل هناك اجازة بينما كنت اعمل انا «اون لاين»، وكان يأخذ كل ما احصل عليه من راتب ولم يترك لى أى مليم لنفسى، حتى انى عدت بعد كل هذه السنوات فى عام 2020 ولا امتلك اى شيء، وبعد عودتنا بسبب كورونا كانت الشركة التى يعمل بها زوجى فتحت فرعًا لها هنا فى مصر وعمل زوجى بها بأجر عالي، ورغم ذلك بخل على بشدة وافتعل معى الكثير من المشكلات حتى طردنى من منزل الزوجية واقسم يمين بالطلاق بعدم عودتى مرة اخرى، وكأنه كان ينوى الانفصال بعد عودتنا إلى مصر، حيث كان لم يمر على عودتنا سوى اشهر قليلة، وعدت الى بيت اسرتى بصفط اللبن وبدأت معاناتى مرة اخرى، حيث تركنا زوجى بدون أى نفقة وخرجت من منزل الزوجية بدون أى شيء، ورغم كل محاولات الصلح والجلسات العرفية بين كبار العائلتين لكن دون جدوى، رفض زوجى رفضًا قاطعًا عودتى رغم انى صرحت برغبتى فى استكمال حياتنا الزوجية ورفضى للطلاق، لكنه اصر على الانفصال بدون أى حقوق لى وقال «عندها المحكمة تاخد حقوقها».

وتركنا نعانى الفقر والعوز بينما قام زوجى بشراء سيارة احدث موديل ولا يشترى سوى أرقى الملابس حتى سجائره مستورده ويعيش فى رفاهية كبيرة، لدرجة انى اضطررت لعمل بحث حالة اجتماعية لإثبات أن حالتى المادية متعسرة بسبب الانفصال بينى وزوجى وبأنى لا امتلك المال الذى يمكننى من دفع مصروفات ابني، وقررت تحويله من مدرسته إلى مدرسة اقل منها ماديًا بسبب عدم امتلاكى المال اللازم، أما ابنى عمر فرفضت المدرسة نهائيًا تحويله من المدرسة إلا بعد دفع مصروفاته لذلك كل واحد منهما فى مدرسة.

خرجت للعمل– والكلام على لسان الأم - بمساعدة الناس فى مجال عملى بالجامعة ولكن بالطبع راتبى لا يكفى كل احتياجاتنا، فالمدرسة وحدها تحتاج إلى قسط شهرى 4000 آلاف جنيه، بجانب الملبس والمأكل وباقى المتطلبات، ولم اتمكن من رفع دعوى ضده للحصول على المصروفات المدرسية وذلك لانى لا امتلك حتى حق رفع الدعاوى، كما انى لا اود ايذاءه حتى تلك اللحظة.

حمزة اتخطف

وتستكمل «رشا. ش» كلامها بدموع عينيها وتقول:لن أنسى يوما أصعب اللحظات التي مرت علي في حياتي، وذلك الخوف الذي تملك قلبي عندما سمعت صراخ مشرفة الاتوبيس وهي تصرخ لي في الهاتف «حمزة انخطف».
فقد كانت عقارب الساعة تشير الى السابعة صباحا وهو الوقت الذي يمر فيه الاتوبيس الخاص ليقل ابني «حمزه» إلى مدرسته، وبعد أن أوصلته الى الاتوبيس وبعدمرور ١٠ دقائق من دخولي الى البيت لأتفقد احوال شقيقه الأكبر الذي كان ينتظر هو الآخر حضور الاتوبيس الخاص به، فوجئت بهاتفي يرن ويظهر عليه رقم مشرفة الباص الخاص بابني «حمزة»، اعتقدت انها تتصل بالخطأ لكنها عاودت الاتصال مرة اخرى، فتسلل الخوف الى قلبي معتقدة أن ابني ربما تعب فجأة، لكن فوجئت بصوتها على الناحية الاخرى يصرخ وهي تقول لي: «الحقي يا مدام حمزه انخطف»، ظللت اصرخ اسألها كيف حدث هذا، وسقطت على اذني كلماتها كالصاعقة وهي تقول «واحد قال انا باباه وهاخده».

جن جنوني ولم يأتِ في عقلي وقتها سوى الذهاب إلى قسم شرطة كرداسة لأتقدم ببلاغ بخطف ابني، وأدلى السائق بأقواله؛ بأن الخاطف قال له بأنه والد حمزه، وأدلت مشرفة الباص بأقوالها في المحضر بأن والده روع الأطفال الصغار وتسبب لهم في حالة نفسية سيئة، لانه أوقف الاتوبيس بطريقه همجية وفتح الباب رغمًا عنا واخذ يجذب الطفل من بين أصدقائه واخذه رغما عنا هو ومعه اكثر من شخص يحمونه، مما جعل الاطفال يصابون بهلع وخوف وظلوا يبكون ويصرخون بهستيريا مفرطة.

أسرعت بالاتصال بزوجى للاطمئنان أن ابني معه بالفعل، لكنه من قسوته وجبروته لم يرد نهائيا، فاتصلت بأحد أقاربه وعلمت أنه بالفعل اخذ ابنه وانه لا يرضى عن هذا الفعل، فطلبت منه التوسط وأخبرته بأني على استعداد للتنازل عن أي شيء مقابل أن يعيد لي ابني مرة اخرى، لكن قريبه هذا الذي تعاطف معي أعاد الاتصال بي يخبرني بأن طليقي نهره وطلب منه عدم التدخل نهائيا، وبأنه قرر خطف ابنه بهذه الطريقة ولن يهدأ له بال ألا بعد أن يأخذ الثاني.

وبالطبع لم يخرج ابني الأكبر منذ تلك اللحظة من البيت نهائيا، خاصة أن حالته النفسية سيئة بسبب فراق شقيقه وبتلك الصورة البشعة، وخدمتني الظروف وتوصلت الى كاميرا مراقبة صورت مشهد اختطاف ابني من أتوبيس المدرسة، واعتصر قلبي ألما وانا أراه بعيني يخطفه ولا اعرف ماذا أفعل؟! كل هذا لأن زوجي ينتقم مني بسبب الدعاوى القضائية التي تقدمت بها ضده، رغم اني لم افكر يومًا في ايذائه، وهو يعلم تماما اني مغلوبة على أمري وكل ما في الأمر اني أردت الحصول على نفقة للانفاق على ابنائه، حيث اني تقدمت بدعوة نفقة زوجية ونفقة للصغار امام محكمة اسرة الكيت كات، ولعدم مقدرتي على اثبات وجود عمل ثابت له، بينما هو قدم مستندات تفيد بأنه لا يعمل في وظيفة ثابتة، وأن راتبه بسيط من عمله الحالي، فقد حكمت المحكمة بـ ٦٠٠ جنيه نفقة لكل طفل منهم، و٦٠٠ جنيه نفقة زوجية، وحكمت المحكمة بمتجمد نفقة عن العامين الماضيين بعد الاستماع لشهادة الشهود واطمئنان المحكمة إلى شهودي وصحة كلامي بأنه لم ينفق علينا منذ نزولنا من الدولة العربية التي يعمل بها عام ٢٠٢٠ وبداية المشاكل وطردي من منزل الزوجية. وجاء الحكم بـ ٥٠ جنيها لكل طفل فرش وغطاء، طبعا بحيله من خلال محاميه حكمت المحكمة لي بهذا المبلغ، مع العلم اني ادفع للمحامي اكثر مما حصلت عليه، كما اني لم أتمكن حتى اليوم من تنفيذ اي من تلك الاحكام جميعها ولم احصل على جنيه واحد مما حكمت به المحكمة.

كان معي في البداية محامي أخبرني بأنه سيتقدم بدعوى طلاق لاستحكام الخلاف، لكني شعرت ببطئه في الإجراءات القضائية فتعاونت مع محامي آخر تقدم بدعوى طلاق للضرر، والقضية منظورة الآن أمام المحكمة، وذلك بسبب تعنت زوجي ورفضه التام لطلاقي وإصراره أن اذهب إلى المحكمة للحصول على الطلاق، لانه يريد تعذيبي و»بهدلتي» في المحاكم، خاصة انه يدرك اني لا امتلك اي أموال تساعدني على توكيل محامي وإقامة الدعاوى القضائية، وكل القضايا التي تقدمت بها للحصول على أقل القليل من الحقوق.

فقد اضطررت لاقامة دعوى للحصول على الولاية التعليمية وذلك حتى أتمكن من التعامل مع مدارس ابنائي بعد أن تركنا، وضم حضانة صغير، وبعد حادثة خطفه قمت بعمل أمر تسليم صغير يوم 17/11 الماضي، وحاولت تنفيذ الحكم القضائي مرتين وذلك في وادي حوف في مكان سكنه وسكن والدته، لكني لم أجدهم ولم اعثر لابني على أثر.

لم أتقدم بسلسلة الدعاوى والقضايا لمجرد الضغط عليه أو ملاحقه بالقضايا، فلم اتقدم بمسكن زوجية او مصروفات مدرسية رغم ان كل إيصالات الدفع معايا ومكتوبة باسمي، حتى منقولات الزوجية لم اتسلمها، لذا تقدمت بدعوى تسليم قائمة منقولات زوجية امام محكمة الاسرة ولم اقم بعمل جنحة بها لاني اعلم أنها في الجنح قد يحكم عليه بالحبس وانا لم يكن في نيتي ايذاءه نهائيًا، كل ما أريده هو حصولي على أبسط حقوق تجعلني اعيش انا وابنائي حياة كريمة مستقرة.

وأنهت الام «رشا» كلامها باستغاثة قدمتها بدموع عينيها إلى كل مسؤول قائلة:لا أريد شيئًا الآن سوى عودة ابنى، وانا موافقة على كل التنازلات مقابل أن يعيد لى ابنى ولا يحرم شقيقه منه، وانا على استعداد للتنازل عن كل القضايا لكي يعيد ابنى، وأرجو من المسئولين بمديرية امن الجيزة مساندتى لعودة ابنى إلى حضنى فقد خطفه فى وضح النهار وفى الطريق العام، وبشهادة الجميع بعدما روع اطفال ابرياء، والخوف كل الخوف الآن أن يخطط مرة أخرى بواسطة هؤلاء الذين يستأجرهم كي يخطف ابني الثاني من بين احضاني، لو نجح في هذا ربما أموت كمدًا وحسرة، فأولادي الآن هم كل حياتي.