الإدعاء البلجيكي: مصادرة ٦٠٠ ألف يورو وأكياس مليئة بالنقود في منزل نائبة رئيسة البرلمان

فضيحة فساد في البرلمان الأوروبي.. كتابة التقارير الحقوقية بعد تلقى الرشاوي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتبت: مي السيد

فضحية كبيرة يعيشها البرلمان الأوروبى، حيث مست الفضيحة المدوية أعضاءً معنيين بحقوق الإنسان داخل لجان البرلمان الذى يرتبط اسمه حاليًا بالفساد.
 

أكدت التحقيقات حول القضية أن هناك جهات بعينها تتحكم في القرارات السياسية للبرلمان الأوروبى، وينتقون ملفات دول بعينها ليتحدثون فيها، وهو ما أظهر مدى انتشار الفساد فى أروقة ولجان البرلمان، الذى يحتوى على أكثر من لوبى وتجمعات سياسية كبيرة، ومحاولة التحكم فى سياسات دول معينة وإجراء ضغوطات كبيرة عليها، مقابل الحصول على رشاوى مختلفة تتنوع بين مبالغ مالية طائلة وهدايا قيمة.

تفاصيل تلك الفضيحة الكبيرة كشفها تحقيق يجريه قاضى بلجيكي يدعى ميشال كيلز، حول وقائع «فساد» و«تبييض أموال» فى عصابة منظمة داخل البرلمان الأوروبى، وهو ما دعا المدعى العام فى بلجيكا لإصدار بيان أكد فيه أنه لعدة أشهر، اشتبه محققون من الشرطة القضائية الاتحادية فى أن دولة خليجية تؤثر على قرارات اقتصادية وسياسية للبرلمان الأوروبى، مشيرين أن هذا يتم عبر دفع مبالغ كبيرة من المال أو عرض هدايا ثمينة لأطراف ثالثة لها موقع سياسي أو استراتيجي مهم داخل البرلمان الأوروبى.

وكشف المدعى العام أنه على خلفية تلك التحقيقات تم مداهمة 16 منزلا، وأوقف خمسة أشخاص فى بروكسل، منهم ثلاثة من بين المشتبه بهم إيطاليون أو من أصول إيطالية، وهم النائب الأوروبى الاشتراكى السابق بيير أنتونيو بانزيرى، والذى كان نائبًا أوروبيًا بين 2004 و2019 وشغل منصب رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان فى البرلمان الأوروبى، يبلغ من العمر 67 عاما ويرأس حاليا منظمة «فايت إمبيونيتى» (مكافحة الإفلات من العقاب) التى تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها بروكسل.

كما تم القبض على الأمين العام الجديد للاتحاد الدولى لنقابات العمال لوكا فيزينتينى، والذى يعمل أيضا مدير منظمة غير حكومية، ورفض الاتحاد الدولى لنقابات العمال الإدلاء بأى تعليق، بجانب مساعد برلمانى ملحق بكتلة الاشتراكيين والديمقراطيين يدعى فرانشيسكو جيورجى، وأيضا إضافة إلى الموقوفين الخمسة فى بلجيكا، أوقف شخصان فى إيطاليا، أحدهما ابنة بانزيرى، رئيس اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان فى البرلمان الأوروبى سابقًا.

وكشفت وسائل إعلامية أن المشتبه بهم تم توجيه تهم لهم تتعلق بتلقى رشاوى ومحاولة التأثير على سياسة الاتحاد الأوروبى، لا سيما مواقف نواب آخرين داخل البرلمان الأوروبى، حيث قاموا بتسليم مبالغ مالية كبيرة وهدايا قيمة لأعضاء آخرين فى البرلمان الأوروبى.

الصيد الثمين
أما الصيد الثمين بالنسبة للمحققين فكانت النائبة الأوروبية اليونانية إيفا كايلى، والتى كانت مذيعة تليفزيونية سابقة تبلغ 44 عاما، والتى أصبحت شخصية بارزة على الساحة الاشتراكية فى بلادها، وتشغل منصب نائبة لرئيسة البرلمان الأوروبى بجانب 13 نائبًا آخرين.

وكشفت النيابة العامة فى بروكسيل أن الشرطة صادرت خلال عمليات التفتيش المختلفة 600 ألف يورو، إلى جانب أجهزة كمبيوتر وهواتف محمولة، كما عثرت فى منزل النائبة كايلى على أكياس مليئة بالنقود، وتم مصادرتها مع كميات أخرى من السيولة المالية عثر عليها بحوزة والدة النائبة، وأيضا أغلقت الشرطة بالشمع الأحمر مكاتب فى البرلمان الأوروبى كان يستخدمها النائب بانزيرى ومعاونوه..

تلك الضجة التى حدثت جعلت النائبة الاشتراكية اليونانية فى مرمى النيران داخل حزبها، كما أصبحت مصدر إحراج للبرلمان الأروربى صاحب التقارير المشبوهة، وهو ما دفع الحزب الاشتراكى اليونانى باسوك كينال، إلى إصدار بيان تخلى فيه عن النائبة دون انتظار نتائج التحقيقات، وأعلنوا فصلها من الحزب بصورة نهائية، معلنين عن رغبتهم فى رؤيتها تتخلى عن منصبها فى البرلمان الأوروبى.

وبخصوص منصبها بالبرلمان الأوروبى فكان لها مهام داخل كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين، بجانب كونها نائبة لرئيسة البرلمان، وهو ما دفع الجهتان لإصدار بيانات يتخلون فيها عن النائبة التى أصبحت مصدر شبهة، حيث أعلنت كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين فى البرلمان الأوروبى تعليق مهامها  فورا.

البيان الأخير حول النائبة خرج من مكتب رئيسة البرلمان الأوروبى روبرتا ميتسولا، تم خلاله تجريدها من كل صلاحياتها، وقال البيان الذى قاله المتحدث الرسمى: «فى ضوء التحقيقات الجارية من قبل السلطات البلجيكية، قررت رئيسة البرلمان الأوروبى روبرتا ميتسولا حجب كافة السلطات والمهام والاختصاصات الموكلة إلى نائبتها إيفا كايلى، حيث يسرى القرار على الفور،وتم حبسها على ذمة التحقيقات إثر شبهات الفساد.

اقرأ أيضًا

إعلام: توافق داخل البرلمان الأوروبي على عزل نائبة الرئيس بسبب فضيحة رشوة

ردود أفعال
فور كشف تفاصيل الفضيحة التى طالت البرلمان الأوروبى وبياناته وتقاريره خاصة المتعلقة بحقوق الإنسان، حدثت ردود أفعال داخل الأوساط السياسية والمنظمات المعنية حيث دعا نواب ومنظمات غير حكومية إلى مناقشة عاجلة لمسألة تحسين القواعد الأخلاقية في الهيئة الأوروبية الكبرى، التى يشوبها الفساد والمجاملات.

وأكدت منظمة الشفافية الدولية؛ أن الرقابة الأخلاقية مختفية تماما داخل البرلمان الأوروبى منذ سنين عديدة وليس وليد اللحظة، وجاء فى البيان «ما حدث ليس حدثا معزولا، فمنذ عقود عدة، سمح البرلمان بنمو ثقافة الإفلات من العقاب، وبغياب كامل للرقابة الأخلاقية المستقلة».

وأعلن أعضاء البرلمان الأوروبى من الخضر والاشتراكيين الديمقراطيين أنهم سيعارضون إطلاق مفاوضات بشأن إعفاء الدولة المعنية في التحقيقات من تأشيرات الدخول للاتحاد الأوروبى لمدة أقصاها 90 يوما بموجب اتفاقيتى معاملة بالمثل.

وقالت رئيسة البرلمان روبرتا ميتسولا فى بيان لها: «أننا سنفعل كل ما فى وسعنا للتعاون مع القضاء»، كما طالبت نائبة أوروبية فرنسية تدعى مانون أوبرس من اليسار الراديكالى بطرح الموضوع على النقاش الأسبوع المقبل فى ستراسبورغ حيث يعقد البرلمان جلسة عامة.

واقعة أخرى
فى الوقت الذى تكشفت فيه فضية التقارير والقرارات المشبوهة داخل البرلمان الأوروبى؛ كان هناك ليس ببعيد واقعة أخرى تتعلق بالفساد والرشاوى داخل المفوضية الأوروبية التابعة للإتحاد الأوروبى؛ حيث تخضع عملية شراء لقاحات كورونا للدول الأوروبية للتحقيق أيضا من قبل مكتب المدعى العام الأوروبى الذى لم يحدد حتى الآن أى من العقود الأوروبية يتم التحقيق فيها.

وأشار تقرير للمحكمة الأوروبية للمراجعين إلى رفض المفوضية الأوروبية الإفصاح عن الدور الذى لعبته فون دير لاين رئيسة المفوضية خلال التفاوض على العقد، الذى نص على إمداد لقاح فايزر دول الاتحاد بـ 1.8 مليار جرعة من اللقاحات المضادة لكوفيد، إلا أن تقارير إعلامية أكدت أن رئيسة المفوضية الأوروبية تبادلت رسائل نصية بشكل مباشر مع ألبرت بورلا، الرئيس التنفيذى لفايزر، خلال التفاوض.

وطالب مسؤولو الإتحاد الأوروبى بتوفير المزيد من الشفافية بشأن تعاقد التكتل مع شركة فايزر/بيونتك لتوفير جرعات اللقاح المضاد لكوفيد، وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين قد لعبت دورًا أساسيًا فى التفاوض على التعاقد الذى واجه الكثير من الانتقادات مؤخرا.

وطالب الممثل الدائم لبلجيكا بالإتحاد، خلال اجتماع لمسؤولى الصحة بالاتحاد بمعرفة تفاصيل العقد الذى تم إبرامه بين الاتحاد والشركة، وقال وزير الصحة الأيرلندى ستيفين دونيلى: إن الافتقار للشفافية اللازمة قد يوفر «وقودًا للتحريف» والشك فى بنود العقد وتنفيذها حتى لو كانت النتيجة «حكيمة ومبررة بشكل واضح».