«دفنة من الذهب» في المدينة التي هجرها توت عنخ آمون

تل العمارنة
تل العمارنة

تل العمارنة هي المنطقة التي اختارها أخناتون وزوجته نفرتيتي لإقامة عاصمة مملكته المسماة «أخت آتون» من أجل عبادة الإله الواحـد "آتون" الذي رُمز إليه بقرص الشمس تخرج منه أشعة تنتهي بأيد بشرية لتهب الحياة للكون، وكانت مدينة أخت آتون "تل العمارنة حالياً" عاصمة لمصر في عصر الدولة الحديثة.

وتحديداً في عهد الملك "أخناتون" Ax-n-itn، كما وصفة الدكتور محمود حامد الحصري مدرس الآثار واللغة المصرية القديمة جامعة الوادي الجديد .

 
موقع مدينة أخناتون الحالي : 

تقوم على أطلال مدينة أخناتون ثلاثة قرى حالياً : هي تل العمارنة، والحاج قنديل (مركز ديرمواس بمحافظة المنيا) والحوطة (مركز ديروط بمحافظة أسيوط)، وضمت المدينة (التي أمر أخناتون بتحديد حدودها بأربع عشرة لوحة تعرف بلوحات الحدود)، معابد آتون، والقصور الملكية، والأحياء السكنية، والمقابر المصرية لرجاله، والمقبرة الملكية، وفى إطار فكره الديني وفلسفة الحياة التي أعلن عنها وتبناها من خلال "ماعت" أطلت علينا عمارة متميزة، وفن فريد، وإبراز للطبيعة، وتحرر من قداسة الملكية، وإظهار للحياة الخاصة، وكان الطوب اللبن هو مادة البناء الأساسية، ربما حرصاً على الانتهاء من كل عناصر المدينة في أسرع وقت ممكن، وقد أعطى إخناتون حرية كاملة للفنان للتعبير عن نفسه وما يحيط به مكوناً بذلك أول مدرسة للفن الواقعي المعروفة عالمياً بفن العمارنة، كما أكده الدكتور محمود الحصري.

أهمية منطقة تل العمارنة :

وأشار الدكتور محمود الحصري، الي أن منطقة آثار تل العمارنة تعتبر من أهم المناطق الأثرية في مصر، حيث إنها كانت العاصمة خلال عصر الملك إخناتون، والذي نادي بالتوحيد وعبادة إله واحد سماه آتون، وأطلق على المدينة آخت آتون، أي أفق آتون، وأقام فيها الكثير من المباني الدينية لعبادة آتون، مثل المعبد الكبير والمعبد الصغير، بالإضافة إلى القصور الملكية، مثل القصر الكبير ومنزل الملك، والذي كان يربط بينهما كوبري يعبر الطريق الملكي يستخدمه إخناتون للمرور من مقر إقامته لمقر الحكم، وكذا القصر الشمالي والمعروف بقصر نفرتيتي، بالإضافة إلى الكثير من المنازل الكبيرة التي تخص رجال البلاط وكبار رجال الدولة.

 سبب تسمية محافظة المنيا بهذا الاسم : 

تضم محافظة المنيا ما يقرب من 39 موقع أثري، وقد تطور اسم المنيا من الكلمة الهيروغليفية "منعت" mnat وهو اختصار اسم مرضعة الملك خوفو ثم تطور إلى كلمة "موني" mni  والتي تعني المنزل أو المقر، والتي اشتق منها اسم المنيا الحالي.

أهم الآثار والاكتشافات الأثرية بمنطقة تل العمارنة :

تشتمل جبانة تل العمارنة على مجموعتين من المقابر المبنية في الجرف، مجموعة شمالية وتقع عند الطرف الشمالي للمدينة، ومجموعة جنوبية عند الطرف الجنوبي للمدينة، وتقع مقبرة "إخناتون" على بعد حوالي 6 كم من الوادي الكبير الذي يفصل بين المقاطع الشمالية والجنوبية.

حيث تضم المنطقة 25 مقبرة منحوتة بالجبل الشرقي تخص كبار رجال الدولة والكهنة، وهى مقابر كبيرة منقوشة بمواضيع دينية تمثل فن العمارنة وديانة أخناتون ومناظر للمباني الدينية في المدينة، مثل المعبد الكبير والصغير ومنزل الملك أخناتون ونفرتيتي وبناتهما الـ 6، بالإضافة إلى المقبرة الملكية والتي تشبه في تخطيطها مقابر الدولة الحديثة بوادي الملوك، وتقع داخل الجبل على بعد 15 كيلو مترًا إلى الشرق من المدينة الأثرية.

تقسيم مدينة تل العمارنة :

تضم تل العمارنة أكثر من حي سكنى اختلطت فيها مساكن النبلاء بمساكن العمال والحرفيين، وإن اختلفا في حجم ونوعية وأسلوب بناء السكن، فمساكن النبلاء كانت كبيرة الحجم تتضمن صالات وغرفاً وحمامات، أما منازل العمال فكانت تتكون عادة من صالة أمامية، وحجرة نوم، وكانت جميع المنازل تبنى من الطوب اللبن، ومن المنازل: منزل الوزير نخت، والنبيل بانحسي.

معابد الإله آتون بمدينة تل العمارنة :

كان هناك أكثر من معبد للإله آتون، لعل أهمها ذلك المعروف بمعبد آتون الكبير المشيد بالطوب اللبن، باستثناء بوابة المعبد والأعمدة وبعض العناصر الأخرى، ويماثل المعبد في تخطيطه معابد الدولة الحديثة، وإن روعيَ تمشياً مع عقيدة آتون، أن تأتي كل عناصر المعبد مكشوفة تعبيراً عن الاتصال المباشر بإله الشمس آتون، وكان المعبد محاطاً بسور من الطوب اللبن، وإلى الخلف من المعبد كانت هناك دار الوثائق، والتي عثر فيها على تل العمارنة والمسجلة على ألواح من الطين، والتي كتبت بالمسمارية.

 الاكتشافات الأثرية الحديثة بتل العمارنة بالمنيا (دفنة من الذهب):

تمكنت البعثة الأثرية المصرية الإنجليزية التابعة لجامعة كامبريدج، والعاملة بمنطقة آثار تل العمارنة بمحافظة المنيا، من الكشف عن دفنه تحتوى على مجموعة من الحلي المصنوع من الذهب، وذلك أثناء أعمال الحفائر بجبانة العامة الشمالية.


خبيئة من الذهب :  تم العثور بداخل الدفنة على مجموعة من الحلي المصنوع من الذهب، تتكون من 3 خواتم أحدها مزيّن بصورة من المعبود المصري القديم «بس» إله المرح.

والثاني مزيّن برموز هيروغليفية يمكن أن تقرأ «سات نبت تاوى» بمعنى بنت سيدة الأرضيين، بالإضافة إلى قلادة صغيرة من حبات الذهب المفرغ.

وتعتبر مدينة تل العمارنة هي المدينة المصرية القديمة الوحيدة التي تحتفظ بتفاصيل كبيرة عن مخططها الداخلي ويرجع ذلك إلى حد كبير نتيجة هجر المدينة بعد وفاة إخناتون، عندما قرر الملك توت عنخ آمون ابن الملك إخناتون، مغادرة المدينة والعودة إلى مسقط رأسه في طيبة (الأقصر الحديثة)، ويبدو أن المدينة ظلت نشطة لمدة عقد أو أكثر بعد وفاته، كما يشير مزار حورمحب إلى أنها كانت مأهولة جزئياً على الأقل في بداية عهده، فقط لكونها مصدر لمواد البناء في مكان آخر، وبمجرد هجرها، ظلت غير مأهولة حتى بدأ الاستيطان الروماني على طول حافة النيل، ومع ذلك، نظراً للظروف الفريدة لإنشائها وهجرها، فمن المشكوك فيه كيف كانت تمثّل المدن المصرية القديمة في الواقع. 

أعمال البعثة الإنجليزية بالمنطقة منذ ثمانينات القرن الماضي :

تعمل البعثة الإنجليزية في الجبانة الشمالية منذ عام 2010م ، في محاولة منها لدراسة الحالة الاجتماعية والاقتصادية لسكان مدينة آخت آتون (تل العمارنة)، عاصمة مصر خلال عصر الملك إخناتون، ونوعية الغذاء والأمراض الشائعة في هذه الفترة من تاريخ مصر القديمة لما تحتويه هذه المنطقة من جبانات توضح ذلك، حيث تتميز هذه المقابر بلوحاتها الحائطية الملونة التي تصور الحياة أثناء ثورة "آتون" الدينية.