«المجتمع أم الفطرة».. علماء يحللون سلوك البشر بين الخير والشر

السلوك العنيف للبشر
السلوك العنيف للبشر

انشغل الفلاسفة على مدى قرون بمسألة ثنائية الخير والشر في الطبيعة البشرية، ففريق رأى أن الإنسان كائن طيب وغير عنيف ، في حين رأى الفريق الآخر أنه ميال إلى العنف 

وقد رأى أرسطو أن الفضائل الأخلاقية تكتسب بالتعلم، وأن الإنسان يولد بلا أخلاق، بينما رأى سيجموند فرويد أن الإنسان يولد كالصفحة البيضاء لا هو خيّر ولا شرير.

و حسبما ذكرت صحيفة بى بى سى العربية أن الروائى البريطاني وليام جولدنج  أثبت أن الأطفال معادون للمجتمع منذ نعومة أظافرهم، وينتظرون اللحظة التي يتحررون فيها من القيود التي فرضها عليهم البالغون حتى يتعاملون بكل عنف مع الأخرين.

وقد دار بين توماس هوبز وجان جاك روسو أبرز السجالات حول هذه القضية، إذ وصف هوبز الإنسان بأنه "بشع" و"همجي"، لا يمكنه التعايش مع بني جنسه في سلام إلا في وجود مجتمع وقواعد لكبح جماح غرائزه وشهواته، ولكن روسو عارضه على الملأ، زاعما في المقابل أن الإنسان يظل لطيفا ونقيا طالما كان بمنأى عن أى مشاكل.

الخير الفطرى :


وقد أثبتت دراسات حديثة في علم النفس التطوري وجود شيء من "الخير الفطري" لدى البشر، أو بعبارة أدق، أن بعض الأطفال على الأٌقل يتطور لديهم الحس الأخلاقي الذي يمكنهم من التمييز بين الصواب والخطأ في سن صغير.

وعرضت إحدى الدراسات التي تبحث في مدى قدرة الأطفال على تمييز السلوك الحميد من الذميم، وفي أي عمر تتطور لديهم هذه القدرة، حيث شاهد أطفال رُضع دون السنة من عمرهم عرضا لعرائس تمثل أشكالا هندسية بألوان مختلفة، وكانت هذه الأشكال تبدي سلوكيات أخلاقية حميدة أو ذميمة لا تخطئها عين. ففي إحدى المرات كانت الدائرة الحمراء تحاول الصعود إلى أعلى، بينما كان المربع الأزرق "الشرير" يدفعها لأسفل، وفي الوقت نفسه، كان المثلث الأصفر "الطيب" يحاول مساعدة الدائرة الحمراء بدفعها إلى أعلى.

وبعد انتهاء العرض، خُيّر الأطفال بين المربع الأزرق الشرير والمثلث الأصفر الطيب. وربما كما توقعت، اختار جميع الأطفال المثلث الأصفر، الذي كان متعاونا وأظهر سلوكا ينم عن رغبة في الإيثار.
وأكدت الصحيفة : لا تزال قضية الاستعداد الفطري لدى البشر نحو الخير والشر تثير جدلا واسعا منذ أمد بعيد، إذ رأى البعض أن الإنسان مجبول على الشر وساهم المجتمع في تهذيبه، في حين ذهب آخرون إلى عكس ذلك.

وقد لوحظت هذه القدرة على التمييز بين السلوك الحميد والذميم لدى الأطفال الرضع بدءا من الشهر السابع من العمر.

وانتهت دراسة أخرى أجراها مركز التطور المعرفي لدى الأطفال الرضع التابع لجامعة ييل إلى نفس النتائج، إذ كان الهدف من الدراسة إثبات أن الأطفال يختارون عرائس دون الأخرى بسبب سلوكياتها وليس بسبب متغيرات أخرى، مثل الميل الفطري للون أو شكل بعينه.

ولهذا، كرر الباحثون العرض مرة أخرى أمام الأطفال، ولكن في هذه المرة أدى كل شكل دورا نقيضا لذلك الذي أداه في العرض السابق، فاختار معظم الأطفال الشكل الذي كان أكثر تعاونا أيضا.

اقرأ أيضا | ««منطقة الشرقية الأزهرية» تختتم فعاليات مبادرة «أنا الراقي بأخلاقي»»