للكاتبة هالة أمين l «حفيد البنا.. ضحايا وشهادات» يكشف المستور عن الإخوانى «طارق رمضان»

الكاتبة هالة أمين
الكاتبة هالة أمين

 أحمد عطية صالح

 من يعرفها جيداً يدرك أنها تحب القصص الخاصة والصعبة.. فإذا كتبت عن قصة أو ملف أو شخصية مثيرة للجدل تغوص فيها تماماً.. وفى نفس الوقت لا تستهويها القصص السهلة.. هى الكاتبة هالة أمين التى اختارت طارق رمضان حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية حسن البنا لفضحه فى أحدث كتبها بعنوان (حفيد البنا.. ضحايا وشهادات).
(اللواء الإسلامى) أجرت حواراً مع الكاتبة هالة أمين لتكشف جوانب الكتاب الجديد الذى يمثل مدخلاً مهما لفهم آليات الجماعة المحظورة ويكشف عن أذرعها الممتدة فى أوروبا.. وإلى نص الحوار

>لماذا اخترت شخصية طارق رمضان؟
>>اخترت طارق رمضان حفيد البنا، لأنه رمز مهم من رموز الجماعة وشرعية هذا الرمز تأتى من سياق تاريخى وسياق كاريزمى وعادة مستقبل الحركة أو الأيديولوجية تعتمد بلا شك على الفرد الذى له جذور شرعية فى جاذبيته وكل حركات الاسلام السياسى تقريبا لا تترك مساحة دور «الرمز» للشخصية المؤهلة او الأكثر ذكاء أو الأكثر علما ولكن تترك تلك المساحة للشخصية الأكثر جاذبية من أجل توسيع نطاقها الاجتماعى ونفوذها.
والرمز عادة يلعب دوراً رئيسيا هنا لنشر وإظهار الأفكار بل فى المساهمة فى تطور الأيديولوجية ويمكن ان نطلق على تلك المرحلة «الدعوة» وهى آلية لانتشار فكر الاخوان والإسلام السياسي، ولا يمكن أن يكون الشخص الذى يروج للإيديولوجية بشكل مباشر أو غير مباشر واعظًا من المدرسة القديمة يروج علنًا لخطاب الكراهية ولكن يجب أن يكون شخصية تتكيف مع زمنه ومكانه لحصد المكاسب والدعم له ولجماعته.

> وما ملامح تلك الشخصية الاخوانية؟
>>كان طارق رمضان شخصية مناسبة للترويج لأفكارهم لعدة عوامل أهمها أنه لديه مصدر الشرعية انه حفيد حسن البنا هذا يمثل تلقائيًا صلة الدم كشكل من أشكال الشرعية التاريخية لمؤسس الأيديولوجيا، هذا هو نفس النوع من الرابطة التى تحدث عنها ابن خلدون واعطاها مصطلح «العصبية» الانتماء أو الولاء فيما يشبه القبلية لفكرة أو مؤسس وهى نزعة طبيعية فى البشر منذ كانوا ذلك أنها تتولد من النسب والقرابة.
ثانى عامل طارق رمضان كشخصية بارزة فى جماعة الإخوان المسلمين كان لديه ايضا السياق القانونى للشرعية، النابع من نوع دراسته ومهنته كأستاذ فى جامعة أكسفورد العريقة، وأخيرًا وليس آخر، رمضان شخصية شبه جذابة تقدم حججًا منظمة جيدًا حول فكر الاخوان والاسلام السياسى فى معطف حديث من خلال إثارة المشاعر المعادية للغرب، بنفس طريقة جده البنا وسيد قطب التى تعتمد على الخطابات الحديثة والمغلفة ببراعة.
ولكن قضايا الاغتصاب التى تلاحق طارق رمضان أضرت بمصداقيته وشرعيته على نطاق واسع حتى الآن، وبرغم كل عوامل الشرعية التى لدى رمضان حيث كان شخصية المروج العام للجماعة إلا انه لن يكون الوحيد.

>كيف بدأت رحلتك مع الكتاب؟
>>تحدثت لأكثر من 15 شخصية فى أكثر من 8 دول واستعنت بوثائق نشرت فى كبريات الصحف العالمية لفهم شخصية رمز مهم من رموز الإخوان بحكم صلة القرابة الشديدة لمؤسس الجماعة الإرهابية حسن البنا وهو طارق رمضان حفيد البنا.
وخلال ملاحقتى لقصتى عن الرجل فى عدة دول تأكدت أن حفيد البنا ظل يؤثر فى شباب أوروبا والغرب والشرق الأوسط والعالم، من خلال مظهره العصرى وكلامه المعسول الذى يدس فيه السم والعسل معا، ويصور نفسه كرمز معتدل للإسلام ولسانه وقد وقع فعلا الكثيرين فى شباكه، وربما كانت مهارته أو ربما كانت سذاجة ضحاياه هى السبب لأنه استطاع أن يكون من ضحاياه أكاديميين وسياسيين وبعض من صناع القرار فى القارة العجوز خاصة فى فرنسا وسويسرا دولتى نفوذه بحكم مولده فى سويسرا، وحصوله على الجنسية الفرنسية ايضا.                                                                                                                                                          الكاتبة هالة أمين خلال حوارها مع رئيس التحرير

بداية البحث

بدأت فصول كتابى بطرف الخيط حيث أوضحت فى البداية اننى تتبعت قصتى بشكل مكثف عن حفيد مؤسس جماعة الإخوان منذ العام 2017، وقبله بسنوات فى كل يوم تسقط ورقة التوت عن سوءة جماعة الإخوان ومن ينتمون إليها، التنظيم الذى يعد رأس الأفعى لباقى التنظيمات الإرهابية ومنبع الشر، منذ أسسها حسن البنا فى 1928.
وكتبت قصته فى الصحافة المصرية حيث قلت إن طارق رمضان الاخوانى حفيد مؤسس الإخوان الذى يحمل الجنسية السويسرية يتم تعريته مجددا ليبدو وجهه القبيح واضحا للرأى العام، حيث فضحته الصحف الفرنسية بعد  أن قدمت هند عيارى تونسية فرنسية وكانت تنتمى إلى السلفيين فى فترة ما ثم كفرت بمفاهيم وأيديولوجيات الكراهية والعنف والدم التى تروجها تلك الجماعات، دعوى قضائية ضده فى فرنسا تروى فيها كيف قام بالاعتداء عليها واغتصابها.

>ما تفاصيل الدعوى القضائية المرفوعة ضده؟
>>رفعت هند الدعوى الى النيابة العامة فى مدينة روان شمال غرب فرنسا وهى المنطقة التى تقيم فيها وبنص الدعوى هناك اتهامات كثيرة على حفيد البنا وهى جرائم اغتصاب واعتداءات جنسية واعمال عنف متعددة وتحرش وتهديدات.

هند كان وقتها عمرها 40 عاما وكانت قد ألمحت على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، فى السابق انها تعرضت للاغتصاب والاعتداءات الجنسية لكنها لم تكشف عن المعتدى الا انها اخيرا قررت رفع الدعوى بعد سنوات من الخوف حيث انه هددها فى فترة من الفترات بخطف أطفالها.

كان رمضان عمره فى الوقت الذى كشفته فيه عيارى حوالى 55 عاما وكان يعمل استاذاً فى الدراسات الاسلامية المعاصرة فى جامعة اوكسفورد فى المملكة المتحدة، وقد حاولت وسائل اعلام فرنسية كبرى وقتها التواصل مع طارق رمضان للحصول على تعليق، لكن لم يرد فى حينه على ما كشفته عياري

وأوضحت هند انها كانت تلتقى برمضان باستمرار لحصول على النصائح الدينية والاجتماعية والاخلاقية، حتى التقت به فى فندقه فى باريس فى عام 2012، وبعد أن ألقى المفكر الإسلامى وقتها محاضرة على هامش مؤتمر اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا، دعاها رمضان للانضمام إليه فى غرفته، واضافت قائلة «لقد استفاد كثيرا من ضعفى بعد ان عانقنى وقبلني» واضافت قائلة «وعندما تمردت عليه فى لحظة غضب وصفعنى على وجهى وعاملنى بعنف»، وكشفت ايضا هند ان هناك عشيقات كثيرات لرمضان.

>ما الهدف من تلك الدعوى؟
>>كشف جوناس حداد، محامى هند، انها ارادت ان يعرف العالم حقيقة حفيد البنا بعد ان كانت خائفة طوال السنوات الماضية وسوف تتخذ الاجراءات القانونية اللازمة مهما تكلف الأمر.
هند أقدمت على فضح رمضان وسط انتشار واسع لفكرة هاشتاج «#Me_too» والتى شاركت الملايين من النساء فى جميع أنحاء العالم فى عام 2017، قصصهن عن التحرش والاعتداء الجنسى الذى تعرضن له بسبب فضيحة قطب الانتاج فى هوليوود هارفى وينشتاين.

تاريخ أسود
وكان رمضان الذى ولد فى سويسرا، حفيد حسن البنا، شخصية مثيرة للجدل، ورغم ان الكثيرين فى العالم الغربى قد اشادوا به كإصلاحي، الا انه ايضا لم يخفى فى عدة مواقف ميوله الاخوانية وفى عام 1995، منع رمضان مؤقتا من دخول فرنسا بسبب صلات مع الإرهابيين الجزائريين، وفى عام 2003، اشتبك مع وزير الداخلية الفرنسى آنذاك، نيكولا ساركوزي، عندما رفض إدانة عقوبة «الرجم»، وبسبب مواجهاته الكثيرة مع السياسيين الفرنسيين خاصة مع ساركوزى خلال رئاسته، أصبح رمضان اسما مألوفا فى فرنسا.

وبالنسبة لهند فقد ولدت لأم تونسية وأب جزائرى فى فرنسا وكانت فى الجماعة السلفية فى فرنسا لمدة 21 عاما، ولكن بعد عام 2015 والتى شهدت باريس حينها الهجمات الإرهابية، غادرت هند الجماعة وقامت بنشر كتابها فى عام 2016 بعنوان «اخترت أن أكون حرة» يروى قصتها من الدخول فى الجماعة وحتى الخروج منها بعد وصولها لقناعة دموية الجماعات السلفية والاخوانية، وكانت قد خصصت فصلا فيه يتحدث عن حادثة الاغتصاب التى تعرضت لها ولكنها لم تذكر يوما المعتدى الذى اعطته فى كتابها اسم مستعار «الزبير»، وكشفت الحقيقة فى دعوتها الجمعة فى النيابة العام فى فرنسا وأوضحت انه يستخدم الدين للتلاعب بالمرأة واستغلالها.

>هل تواصلتى مع هند عيارى؟
>>منذ أن كتبت قصتى الأولى عن حفيد البنا، حاولت كثيرا الوصول إلى هند عيارى لأعرف المزيد عن الرجل الذى ظل يخدع العالم، ويبث سمومه ويدعى أنه الممثل الأول والشرعى للمسلمين فى الغرب.
وأخيرا حصلت على حسابات هند عيارى على الفيسبوك وتويتر وحصلت على رقم هاتفها وبريدها الإلكترونى الخاص، حدثتها أولا على هاتفها فترددت كثيرا فى عمل حوار معى حول قصتها مع طارق رمضان خوفا من مطاردته له هو وأنصاره، ولكنها فى النهاية استسلمت لرغبتى الشديدة والصادقة لكشف الرجل.
كنت أريد أن أعرف بالتحديد ما الذى حدث بالتحديد مع هند عيارى؟ وكيف وقعت فى شباك المتهم؟ وما الذى دفعها لفضحه؟
كل التفاصيل عن الوقوع فى فخ رموز الجماعة الإرهابية.

>وماذا قالت هند فى حديثها؟
>> فى البداية قالت لى أنه بينما كانت ملايين النساء تشارك فى حملة «ME TOO»، التى استهدفت فضح المتحرشين جنسيًا والمغتصبين حول العالم، خرجت على صفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعى لتحكى قصتها.
وبعد فضح هند عيارى لحفيد البنا، لاحقت من جديد قضايا التحرش الجنسى والاغتصاب «عنتيل الإخوان» طارق رمضان، وذلك بعد فضح مزيد من جرائمه وتتبع ضحايا آخرين لم يقمن برفع دعاوى رسمية خوفا من بطشه وانتقامه حسبما نشرت مجلة «لو نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية، فيما أعلنت هند عيارى أولى من فضحت رمضان أنها تعرضت لسرقة ملفات كانت لديها تتضمن وثائق مهمة تتعلق بالإجراءات التى ستتخذها ضد رمضان بالإضافة إلى معلومات حول ضحايا جديدات تماما على حد قولها.

وقالت عيارى فى سلسلة من التغريدات على حسابها الخاص على موقع التدوينات القصيرة «تويتر» إن كون المعتدى مسلما لا يتم التنديد به فى الكثير من الأوساط بسبب العنصرية التى تلاحق المرأة فى مثل تلك القضايا، مضيفة أنها ترددت قبل فضح رمضان والتزمت الصمت لمدة 5 سنوات لأنها كانت تعلم أنها لن تملك الوسائل لمحاربة نظام قوى ومنظم، مثل جماعة الإخوان فهى مجرد امرأة لن تحصل على الدعم كما يحدث فى كل قضايا التحرش والاغتصاب، ولن تستطيع بما لديها من دعم ووسائل قليلة أن تواجه رمضان وجماعة الإخوان التى تسانده.

ضحية جديدة

وخلال تتبعى الدعاوى القضائية التى لاحقت طارق رمضان حفيد مؤسس جماعة الإخوان، قرأت خبر فى عام 2020، عن صدور كتاب فرنسى تحت عنوان «طارق رمضان.. قصة دجال»، للكاتب والمحلل الصحفى الفرنسى السويسرى إيان هامل، لدار النشر «فلاماريو»، الذى يقع فى نحو ٣٦٤ صفحة، ويكشف فيه كيف خدع «حفيد البنا» الجميع فى فرنسا وسويسرا وأوروبا.

هنا وجدت نفسى أمام ضحية جديدة لحفيد البنا ولكن هذه المرة لم تكن ضحية جسدية اغتصاب او تحرش جنسى ولكت ضحية فكرية وهو أكبر أنواع الضحايا أن تخدع الآخرين فكريا، وذهبت لأقرأ الكتاب أو أجزاء منه على الانترنت ويكشف الكتاب كيف خدع «رمضان» المؤلف شخصيًّا، بعد أن كتب «هامل» فى العام ٢٠٠٧ كتاب «الحقيقة حول طارق رمضان»، يدافع فيه عن «حفيد البنا»، والآن بعد مرور ١٣ عامًا، يعترف فى كتابه الحديث بأنه تعرض للخداع فكريا وكان ضحية لتلاعب رمضان وهو أخطر أنواع التلاعب.

وإيان هامل، صحفى استقصائى ومراسل فى جنيف، متخصص فى شئون الإسلام السياسى، وصدر كتابه عن نفس دار النشر التى رفضت كتابه الأول فى ٢٠٠٧ عن «رمضان» ووصفته بأنه «إرهابى»، لكن «هامل» ضغط على دار النشر، وبالفعل صدر الكتاب ليأتى الآن ويعترف بخطئه الكبير وصحة حدس «فلاماريو».

> كيف خدع طارق رمضان العالم الغربى؟
>> فى الكتاب يكشف «هامل» كيف خدع «رمضان» العالم الغربى، شأنه شأن جماعة «الإخوان» التى ينتمى إليها، فهو حفيد مؤسسها حسن البنا، وذلك بتمثيله دور الشخص المعتدل منذ التسعينيات من القرن الماضى، حينما كان أستاذًا للفلسفة فى جامعة فريبورج، يحاضر متطوعًا.

لم اكتف بما وجدته فى الكتاب ولكن بطبيعتى صممت على أن أصل إلى هامل ذاته، وبالفعل وصلت له عن طريق موقع التدوين القصير تويتر ثم على حسايه الرسمى على فيسبوك، وتحدثت إليه وأعطانى رقمه فى فرنسا، كنت شغوفة كثيرا لأسمع منه قصته مع طارق رمضان وكيف اكتشف خداعه بعد 13 عاما، وعلى الفور تواصلت معه.

وكشف هامل لى أنه من منطلق تصدير طارق رمضان حفيد البنا كونه معتدلًا، استخدمه اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا أو «UOIF»، وهو ذراع جماعة «الإخوان» فى فرنسا، وشارك فى نحو ١٢٠ مؤتمرًا خلال عامين فقط فى أوائل التسعينيات، وكانت له نجاحات عدة، حيث رآه السويسريون والفرنسيون حلقة وصل بين الإسلاميين ومجتمعاتهم، مشيرا إلى إن «رمضان» مثال صارخ على ازدواجية الداعية أو الإخوانى، وإنه أوضح نموذج على الطرق الخداعية للجماعة.

بعد حديثى مع هامل، حاولت أن أصل لمسئولين فى فرنسا، الدولة التى يعيش فيها طارق رمضان حفيد البنا والرمز الأهم لجماعة الإخوان فى أوروبا، أردت أن أعرف كيف يسمحون له ولعناصر الإخوان التغلغل بهذا الشكل واللعب فى عقول الشباب فى أوروبا وتزييف الحقائق ونشر العنف باسم الدين.

خلال بحثى عن مسئول فرنسى رفيع المستوى لأسأله مباشرة، وقع فى يدى ، تقرير مهم لمجلس الشيوخ الفرنسى فى يوليو 2020، حيث تكون من شهادات مهمة تكشف الجماعات والعناصر الإخوانية فى فرنسا وأوروبا، الشهادات ركزت على توضيح تأثير عناصر مثل طارق رمضان ويوسف القرضاوى فى بث السموم والعنف
وبذلك تأكدت أن فرنسا تحاول تقويض أمثال طارق رمضان وعناصر الجماعة الإرهابية، حيث أوصى مجلس الشيوخ الفرنسى فى تقرير تضمن أكثر من 400 صفحة أصدره يوليو 2020، بوقف تمدد نفوذ جماعة الإخوان الإرهابية فى فرنسا ومنع دخولهم إلى الأراضى الفرنسية.

> وماذا عن تقرير مجلس الشيوخ الفرنسى؟
أعد التقرير لجنة خاصة فى مجلس الشيوخ تم إنشاؤها فى نوفمبر من العام 2019 لبحث أنشطة الإخوان، وترأست اللجنة ناتالى ديلاتر والعضو فى مجلس الشيوخ ونائبة رئيس لجنة القوانين الدستورية والتشريع والاقتراع العام واللوائح والإدارة العامة بالمجلس، ومقررة اللجنة وهى النائبة بالمجلس عن حزب «الجمهوريون» فى فرنسا جاكلين أوستاش برينيو.
واستند التقرير على حوالى 70 لقاءً مع مسؤولين وسياسيين وأكاديميين فى المجتمع الفرنسى فضلًا عن منشقين عن جماعة الإخوان فى فرنسا لبحث طرق الجماعة فى التجنيد والتحرك داخل المؤسسات الفرنسية، وفضحت شهادات كثيرة خلال جلسات اللجنة جوانب من سلوكيات الجماعة وآليات تمويلها وكيفية استقطاب الشباب.

صائدة الإرهابية

 وصلت على الفور بعد نشر تقرير مجلس الشيوخ الفرنسى إلى مقررة لجنة التحقيق فى أنشطة إخوان فرنسا والتى لقبتها بـ «صائدة الإرهابية»، وكشفت لى أن اللجنة تقدمت بـ٤٤ مقترحًا لمكافحة خطر انتشار وتمدد جماعة الإخوان فى البلاد، على رأسها «الحظر»، وذلك ضمن تقرير حول «مخاطر تطرف الإسلام السياسى».

وكشفت لى أن اللجنة تأسست فى نوفمبر عام 2019 باسم «لجنة مكافحة تطرف الإسلام السياسى»، بمبادرة من حزب «الجمهوريين» بمجلس «الشيوخ»، وضمت حوالى ٣٠ عضوًا، موضحة لى أنه كان هناك قلق كبير لدى «الجمهوريين» فى مجلس الشيوخ من تنامى «الإسلام السياسى» فى فرنسا، وأصبح الجميع حاليًا أكثر إدراكًا لخطورة هذا التيار، ولم تعد هناك حالة إنكار لذلك من قِبل الأوساط السياسية أو داخل الإدارة الفرنسية، لذلك تقرر إنشاء تشكيل لجنة التحقيق هذه وتعيينها مقررًا لها.

تحقيقات استقصائية

وتواصلت مع بعض الشهود الذى استعان به مجلس الشيوخ الفرنسى فى تقريره الذى تم تسليم نسخة منه إلى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، وكان ممن تواصلت معهم الكاتب والمحلل السياسى إيمانويل رضوي، مؤسس ومدير موقع جلوبال جيونيوز، وألكسندر ديل فالي، الكاتب والعالم والمستشار السياسي.

وأكد لى كل من رضوى وديل فالى أنهما عملا لمدة 20 عامًا فى تحقيقات استقصائية لفك شفرة الإخوان المسلمين والمنظمات المرتبطة بها فى كل الدول بما فى ذلك فى فرنسا.
أما «رضوى»، فقال لى أن الجماعة لا تهمها إلا مصالحها السياسية والخاصة، وليس كما تدّعى أنها تتحرك باسم الدين، مشيرًا إلى أن أبرز مثال على انتهازية الجماعة هو طارق رمضان، حفيد مؤسسها حسن البنا، الذى كان يعمل لمجده الشخصى فقط.

وأكد لى أن جماعة الإخوان تعيش حالة ضعف لم تعشها على مدار تاريخها فى منطقة الشرق الأوسط، وأرى أن هناك انقسامات كبيرة داخل الجماعة الإرهابية خاصة فى ظل وجود جيل جديد داخل التنظيم الدولى يتعارض مع الجيل الأقدم.

سألته بما أنه قام بجولات فى عدة دول بالشرق الأوسط تتتبع فيها الجماعة.. هل لمس حقًا أنها تتحدث باسم الدين؟، فقال إن الجماعة على مدار تاريخها لم تكن صادقة فى شعاراتها عن الإسلام والدين، ولا تمثله فى شىء، على العكس تمامًا هى تسعى إلى تحقيق أهدافها ومصالحها البعيدة كل البعد عن الدين، وأقرب مثال هو أهم رموزها الأكاديمى الفرنسى طارق رمضان حفيد مؤسس الجماعة حسن البنا، إذ كان يسعى دائمًا للشهرة والصعود لتحقيق مصالحه فقط.

سقط القناع

وتذكر خلال حديثه معى أنه ألتقى جمال البنا شقيق حسن البنا قبل ١٥ عامًا، وقال لى عندما التقيته بالقاهرة إن طارق رمضان رجل أعمال وليس داعية، هو فقط شخص استعراضى يميل لـ«الشو»، ويستخدم الإعلام، ويوحى بأنه مثقف جدًا للتأثير والاستعراض على الشباب، وكل ما يهمه هو المال والشهرة.

وأوضح لى أن جمال البنا كان على حق، فطارق رمضان يعمل فقط من أجل مصالحه الخاصة، وفى النهاية أصبح الآن مكشوفًا للجميع بعد فضائحه المتتالية.
سألته مستنكرة أن طارق رمضان الذى لا يزال يعيش فى فرنسا.. فلماذا لم تتخذ باريس إجراءات حاسمة ضده حتى الآن؟، فقال أن هذا أمر مهم.. فطارق رمضان لا يزال لديه مؤيدون. لكن بالنسبة للأغلبية، لم يعد يتمتع بالمصداقية. وهو رجل غنى وله أصول فى فرنسا وفى سويسرا التى ولد فيها وأماكن أخرى فى أوروبا، بالإضافة إلى أن هناك جهات كثيرة وكبيرة تدعمه منذ فترة طويلة.
وأشاد فى حديثه معى باستراتيجية مصر والإمارات كانت جيدة للغاية، لقد ساعدت الدولتان فى زيادة الوعى الدولى بخطر الإخوان، وقامتا بعمل رائع فى مواجهة الجماعة الإرهابية والاسلام السياسى، لذلك تم تمرير الرسالة بوضوح إلى الغرب أن هذه المنظمة تمثل خطرًا دينيًا وسياسيًا على دول العالم.

>حدثينا عن رحلة البحث الشاقة؟
>> حاولت الوصول إلى شهادات أخرى من الولايات المتحدة عن طارق رمضان وعن الإخوان، فتواصلت مع الدكتور لورينزو فيدينو الكاتب والأكاديمى الأمريكي، مدير البرنامج المعنى بالتطرف فى مركز الأمن الإلكترونى والوطنى بجامعة جورج واشنطن ومؤسس «مركز التوثيق» فى النمسا الذى يتتبع إيديولوجية الاخوان والاسلام السياسي، وكان قد صدر له كتاب عن الإخوان وعناصرها وبه شهادات لمنشقين عن الجماعة تحت عنوان «الدائرة المغلقة: الانضمام والانشقاق عن جماعة الإخوان» لدار نشر جامعة كولومبيا الأمريكية.

وقال لى إن جماعة الإخوان استغلت حريات الغرب فى التسلل إلى المجتمعات وبسط نفوذها، مشيرًا إلى أن قيادات الجماعة عرفوا طريقهم إلى أوروبا وأمريكا الشمالية منذ خمسينيات القرن الماضى ونقلوا «هيكل التنظيم» من دولهم العربية إلى الغرب.

وشرح لى أن المنشقين عن الجماعة والذى تحدث إليهم فى كتابه، اكتشفوا خواء التنظيم من الداخل وفساده واعتماد المحسوبية فى الترقى إلى المناصب، كاشفًا عن أن المنظمات الإسلامية التركية تعمل بطريقة تكافلية مع كيانات الإخوان فى جميع أنحاء أوروبا.

 ووصلت لمحور قصتي، وسألته هل تعتقد أن رموز جماعات الإسلام السياسى والإخوان المسلمين، مثل طارق رمضان حفيد مؤسس الجماعة حسن البنا، فى طريقها إلى النهاية، حيث لم يعد له تأثير على الشباب الأوروبى بعد فضائحه؟، فقال لى أننى محقة فى ذلك، طارق رمضان وهو أكبر رمز لجماعة الإخوان المسلمين لم يعد مؤثرا الآن كما كان فى الماضى خاصة بعد فضائحه، هو يحاول بشتى الطرق العودة إلى الأضواء مجددا ولكن دون جدوى.
وحاولت العثور مرة أخرى على شهادة جديدة من الولايات المتحدة كونها أقل دول الغرب فى اتخاذ إجراءات ضد الجماعة من جانب، ولمعرفة المزيد عن أفكار الأمريكيين حول طارق رمضان وعائلته جده مؤسس جماعة الإخوان ووالده سعيد رمضان، ووصلت بالفعل إلى الخبير الأمريكى سام ويسترب مدير المرصد الإسلامى «إيسلاميست ووتش» فى الولايات المتحدة، التابع لمنتدى الشرق الأوسط «ميدل إيست فورم» الأمريكي.
سألته هل تعتقد أن رموز جماعات الإسلام السياسى والإخوان المسلمين، مثل طارق رمضان حفيد مؤسس الجماعة حسن البنا، فى طريقها إلى النهاية، حيث لم يعد له تأثير على الشباب الأوروبى بعد فضائحه؟
 فقال لى إن طارق رمضان خير مثال على تراجع السيطرة الإخوانية، بصرف النظر عن عدد قليل من المؤيدين المصممين عليها حتى الآن، فقد أصبح قوة مستهلكة، تم تقليصه الآن حتى انه حاول إصدار ألبوم موسيقى فى محاولة يائسة للظهور. إنه أصبح رمزا لا لشيء سوى تراجع سلطة الإخوان وتأثيرهم.

وبعد ملاحقتى لقصتى عن طارق رمضان رمز الإخوان بحكم صلة الدم، ومحادثاتى الطويلة لشهود وضحايا الرجل، كان لى أن أصل لقناعة مفاداها أن جماعة الإخوان تعيش أضعف فترة فى تاريخها، ربما كان لها أوقات صعود وهبوط طيلة 9 عقود منذ نشأتها إلا أن ما تشهده  الجماعة الآن أخطر ما مرت به لأنه نابع من وعى نتيجة تجربة ليس وعيا من خلال دراسة أو إعمال العقل أو شعور لكنه وعيا ترسخ عندما وصلت إلى سدة الحكم فى بعض الدول العربية وانكشفت خططها للشعوب التى ظلت مخدوعة بما تروجه أو تشيعه من مظلومية كاذبة، وكما نعرف فالمدرك لا يعود.

>وما هى خلاصة بحثك وكم استغرق؟
>> فى النهاية وبعد حوالى 5 سنوات هى مدة بحثى عن قصة كتابي، وجهت النيابة العامة الفرنسية لائحة اتهام لاذعة لطارق رمضان بعد تحقيق طويل، موضحة أن العريضة «تؤكد ارتكابه أفعالا وإساءات دنيئة وظاهرة واستغلال نفوذ».

ومن هنا باتت محاكمة طارق رمضان على جرائمه أكثر وضوحًا، من أى وقت مضى، موضحة أن الإدعاء الفرنسى «رسم صورة رجل يتجاهل موافقة شريكاته اللاتى فرض عليهن علاقات عنيفة».، حيث أن لائحة الاتهام تشير إلى أن «الداعية المزعوم، البالغ من العمر 59 عامًا، المتهم منذ 2018، يدعى براءته ويشكك فى مصداقية المشتكين».
وتأكد الادعاء الفرنسى بعد أربع سنوات ونصف من فتح التحقيق من أن الأطراف المدنية «الهشة»، فى إشارة إلى (المشتكين) كانوا «تحت تأثير وسيطرة» طارق رمضان ما دفعه إلى تحويل القضية إلى محكمة الجنايات.
وفى النهاية أنا بانتظار حكم المحكمة الفرنسية على حفيد البنا لما ارتكبه من جرائم كشفت الفساد والتسوس داخل الجماعة الإرهابية.

أقرأ أيضأ :أحمد موسى: النيابة العامة السويسرية أحالت حفيد حسن البنا للجنايات