قلب جرىء

الأصلى يكسب !

خيرى الكمار
خيرى الكمار

انتشرت في الثمانينات من القرن الماضي ظاهرة تحويل أشهر الأفلام الكلاسيكية المأخوذة عن أعمال أدبية إلى مسلسلات، وكانت البداية مع ثلاثية نجيب محفوظ، وقدم منها مسلسلين عن روايتين “بين القصرين” و”قصر الشوق”، بعد تقديمهما في السينما خلال الستينيات بطولة يحيى شاهين، وعند إعادة تقديم الروايتين في التليفزيون، تصدى لكتابة سيناريو وحوار المسلسلين العبقري محسن زايد، ومنح دور “سي السيد” للعملاق محمود مرسي، ودور “أمينة” للرائعة هدى سلطان، وشارك في البطولة صلاح السعدني ومعالي زايد والإخراج  ليوسف مرزوق، ورغم كل هذه الأسماء الكبيرة، لم يحقق المسلسلين النجاح الجماهيري أو الفني الذي حققهما الفيلمين، وظلت أحداث وشخصيات الثلاثية محفورة في أذهان الجمهور بالعملين السينمائين الأصليين، وعقب ذلك بعدة سنوات قدم مسلسل عن رواية “في بيتنا رجل” للراحل إحسان عبد القدوس، والذي قدم في الستينيات في عمل كلاسيكي قام ببطولته عمر الشريف ورشدي أباظة وحسن يوسف وزبيدة ثروت وحسين رياض وأخرجه بركات، بينما قام ببطولة المسلسل فاروق الفيشاوي وأحمد عبد العزيز وطارق دسوقي ورشوان توفيق وعزة بهاء وإخراج إبراهيم الصحن، والمسلسل رغم تميزه الفني، فربما لا يتذكره أحد، إلا عدد محدود من الجمهور، ولا يقارن علي الإطلاق بجماهيرية الفيلم الأصلي، الذي قدم عن الرواية، وعقب ذلك بعامين، قدم مسلسل عن رواية “اللص والكلاب” التي قدمت في السينما في الستينيات من بطولة شكري سرحان وشادية وكمال الشناوي وإخراج كمال الشيخ، وقام ببطولة المسلسل رياض الخولي وعبلة كامل ورانيا فريد شوقي وبهاء ثروت وأخرجه أحمد خضر، ولم يحقق المسلسل أي نجاح جماهيري يقارن بالفيلم، ثم قدم مسلسل “رد قلبي” عن رواية يوسف السباعي التي قدمت في الفيلم الخالد بأذهان الجمهور، والذي قام ببطولته شكري سرحان وصلاح ذو الفقار ومريم فخر الدين وحسين رياض وأخرجه عز الدين ذو الفقار، بينما قام ببطولة المسلسل، محمد رياض وأحمد السقا ونرمين الفقي وحسن حسني وأخرجه أحمد توفيق، وواجه المسلسل فشل جماهيري وانتقادات لاذعة بسبب مقارنته بالفيلم، والذي يعد من أهم كلاسيكيات السينما المصرية، وطالب الجمهور والعديد من النقاد بالتوقف عن إعادة تقديم أشهر الأفلام الكلاسيكية في مسلسلات لفشلها في الوصول لمستوي الأفلام التي تقدم عنها وعدم تحقيقها النجاح الجماهيري الذي حققته الأفلام، لأن كل هذه التجارب أكدت أن الأصلي يكسب والتقليد صعب أن يجذب الجمهور، ومع هذا ظل البعض يحاول ويحاول، ويفشل، فقدمت مسلسلات عن أفلام أو عن روايات قدمت في أفلام قد يكون أخرها مسلسل “الزوجة الثانية” و”لا تطفئ الشمس”، وقد عادت هذه الظاهرة بمناسبة إعادة تقديم إحدى أهم كلاسيكيات المسرح المصري، واحدة من أهم مسرحيات الثنائي العبقري المتفرد الذي يسكن قلوب كل الجماهير في كل العالم العربي، فؤاد المهندس وشويكار، وهي مسرحية “سيدتي الجميلة”، والتي قدمت في “موسم الرياض” من بطولة أحمد السقا وريم مصطفى، وأنا لا أصدر أحكاما على هذا العمل قبل عرضه ومشاهدته، لكن أؤكد لكم أن كل التجارب السابقة لإعادة تقديم أي عمل فني من الكلاسيكيات أثبتت أن الأصلي يكسب.. وبنتيجة ثقيلة جداً جداً.