كشف حساب

دروس من المونديال !

عاطف زيدان
عاطف زيدان

لم يأت مونديال قطر 2022 ، كغيره من المونديالات السابقة . فقد فجر مفاجآت عدة ، من العيار الثقيل ، تحمل فى طياتها ، العديد من الدروس والعبر . فمن كان يتوقع انتصار منتخبات من التصنيف الرابع ، مثل الأخضر السعودى ، ونسور قرطاج التونسى ، وأسود الأطلسى ، وأسود الكاميرون ،وكوريا الجنوبية واليابان ، على منتخبات تمثل قوى عظمى ، فى كرة القدم ، مثل الأرجنتين وفرنسا وبلجيكا والبرازيل والبرتغال وإسبانيا وألمانيا . إنها الإرادة التى تستنفر القدرات ، وتدفعها لتحقيق المستحيل . لا ينطبق هذا على كرة القدم والرياضات الأخرى فقط . وإنما يمتد ليشمل كل المجالات .

ولعل معجزات الصين وسنغافورة واليابان وماليزيا وأندونيسيا وكوريا الجنوبية وفيتنام الاقتصادية ، خير دليل . فقد كان شعب الصين حتى مطلع ثمانينيات القرن الماضى ، يعانى فقرا مدقعا ، ويتغذى على جمار جذور الأشجار ، أى الأجزاء البيضاء الدفينة جدا من الجذور . كما كانت ماليزيا عبارة عن مساكن من الصفيح ، وسنغافورة مجرد مستنقعات ، واليابان تعانى دمارا بعد الحرب العالمية الثانية وكذا فيتنام وكوريا الجنوبية بسبب الحروب . وبالإرادة الصلبة والقدرات الفاعلة ، نجحت هذه البلدان فى تغيير الواقع المر ، وحجز أماكنها فى مجموعة العشرين التى تستحوذ على ثلثى الناتج الإجمالى العالمى . وتمثل بقدراتها الصناعية والاقتصادية ، قوى يحسب لها العالم ألف حساب . كما يعد التنظيم المبهر للمونديال ، من قبل الشقيقة قطر ، وهى دولة صغيرة المساحة ، قليلة السكان ، درسا مهما للآخرين فى القدرات التنظيمية  . آن الأوان لدراسة مونديال كأس العالم فى قطر 2022 ، بشكل تحليلى دقيق ، لضمان التواجد المتواصل والناجح فى هذا العرس العالمى مستقبلا ، بما يعكس التطور المذهل الذى تشهده بلادنا فى مختلف المجالات ، وتقديم صورة واقعية مشرقة عن مصر ، أقدم الحضارات ، وأم الدنيا . فالعلاقة بين الرياضة والفن والاقتصاد والسياسة ، باتت متشابكة ، فى عالم متلاطم الأمواج ، يتغير من النقيض إلى النقيض ، ومن الفقر المدقع الى الغنى والثراء ، بالعمل والإنتاج والتخطيط والتدريب والعلم والإبداع . تحيا مصر ، متطورة يوما بعد يوم ، على أمل تألق الفراعنة فى مونديال أمريكا 2026 إن شاء الله .