عسل في الكوز

شاب آمن.. وفتاة تحمل سلاحًا!

عبدالصبور بدر
عبدالصبور بدر

حين وجده يرتجف في الغار من الخوف، وهو  يظهر أمامه فجأة لم يقل له: «اطمئن»، ولم يلق عليه - حتى – السلام،  قال له: «اقرأ»، وكررها ثلاثًا؛ وهو يحتضنه بشدة، حتى يؤكد عليها، ولا ينتبه إلا إليها، ويفطن إلى أنها مكمن النور له وللبشرية؛ ثم سرد له قصة الخلق في كلمات معدودة، « اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ»؛ ثم ذكر أن الكتابة (التي أشار لها بالقلم) هي وحي من الله إن كانت تستند على العلم « اقرأ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ».

تلك كانت بداية الرسالة التي نزل بها الملاك جبريل – عليه السلام – إلى النبي محمد – عليه أفضل الصلاة والسلام – وهي الرسالة التي لخصها الله – سبحانه وتعالى - في كلمة واحدة ( اقْرَأْ)؛ ثم يتواتر القرآن الكريم بعد ذلك ليشرح معنى الكلمة السحرية الساطعة كنور الله! 

حين تقرأ سوف تنفصل عن نفسك، وكلما انفصلت عن نفسك تراها بوضوح، حين تقرأ سوف تتصل بالله، ويطمئن قلبك عن قناعة.

اقرأ لتهتدي إلى الحلول التي تبحث عنها في حياتك، اقرأ لتعالج الناس الذين حولك من أمراضهم وآلامهم، اقرأ لتفسر العالم الذي يبدو غامضًا وأنت بعيد عن الكتب، واقرأ لتكتب وتصبح كلمة الحق سهلة على لسانك.

قال أحدهم: لا أثق في رجل لا يحمل كتابًا، وقالت لي فتاة مهذبة ذات يوم: لدي فوبيا من الجلوس بجانب الشبان؛ لكن حين يجلس بجانبي شاب يقرأ في كتاب، أشعر على الفور أنه آمن، ومتحضر، وحين أغادره أحس أنه الوحيد الذي يفهمني رغم أننا لم نتبادل الحديث ولو بكلمة!

وقال لي شاب "صايع": لا أقترب أبدًا من البنت التي تقرأ، أتخيل دائمًا أن الكتاب الذي بين يديها سلاحًا ستذبحني به إن تجرأت عليها، وأتجنب التودد إليها مهما كانت جميلة؛ لأنها تستطيع "فقسي" بسهولة، إن مثل هذه البنت لا تصلح للدخول في علاقة مع أمثالي!

وقال لي صديق مصري يعيش في فرنسا: القراءة أهم شيء في باريس؛ لأن القراءة هناك هي شخصيتك، ومصدر حمايتك، والأهم أنها مسؤولة عن تحديد درجة تقديرك بين الناس؛ لأن كلامك يتشكل من القراءة؛ وقال سقراط "تكلم حتى آراك"، وثنى الإمام الشافعي رجليه رغم أنه يعاني من آلام المفاصل حين دخل عليه ضيف في مجلس العلم تبدو عليه سمات الوقار والوجاهة والهيبة، وبمجرد أن تحدث الضيف بما لا يليق، وأظهر ضحالة ثقافته، قال الإمام: "آن للشافعي أن يمد رجليه". 

اقرأ لتحصل على احترامك.