عاجل

على نار الشوق

على نار الشوق

أحمد عباس
أحمد عباس

ماذا إذا فقدت الاتصال بالانترنت المنزلى فجأة، وأين تتجه إذا غافلتك لمبة «الراوتر» وأطفأت ضوءها دون سابق إنذار، وكيف العمل إذا كانت مُضاءة بالفعل ولكن من غير خدمة تسرى فى كابلاتها الفايبر، ثم ماذا إذا سئمت من وضعك على اسطوانة صوت يُعيد تشغيل إعلانات الشركة الأخيرة التى تتبع لها آلاف المرات، أقول لك.. لا شيء، فأنت فى النهاية مجرد عميل من بين ملايين والمبدأ المصرى يقول: «عميل يروح يجى عشرة بدلًا منه»، حتى لو المبدأ خاطئ لكنه جزء من واقع عاشه عملاء المحمول منذ سرى الانترنت فى عروق أرض مصر وعرفه المواطن، كذلك يوضع العميل على الخط حتى ييأس أو يموت أو يحدث تدخل قدرى مُفاجئ وينصلح الخط وتعود الانترنت للعميل.
هذه صورة كلنا يعرفها بل وخاضها قسرًا،

قال لى أحدهم إنه تورط فى الأمر مرة وانقطعت الانترنت لأكثر من ثلاثة شهور متتالية دون أن يسمعه أحد، وسقط فريسة لموظفى خدمة العملاء الذين استنفدوا معه كل الحيل لعله يمل ويحل عنهم ويصبر حتى يأتيه اليقين، فوضعوه على الخط ساعات وأطفأ الراوتر وشغله مئات المرات وأخبروه بأن المشكلة سببها شركة أخرى تتلاعب فى الأجهزة فى السنترالات، ومنهم من قال له إن الراوتر قديم ووجب تبديله، وآخر سمعه حتى النهاية ثم أغلق الخط فى وجهه، لكنه يقسم بأنه لم يرزع السماعة فى وجهه ولكن أغلقه برفق وهذا رفق من الموظف محسوب له، كل ذلك المشكلة لم تجد حلًا ولم تعود الخدمة، ولما حانت لحظة الفاتورة الشهرية ألزمته الشركة بالدفع أو أنهم «هايشيلوا العدة»، استمر صاحبنا بدفع فاتورته ثلاثة شهور بلا خدمة خوفًا على العدة -الراوتر- التى لا رجاء منها، والله هذا حصل!
المهم أننى لما كان يأتينى صديق أو مقرب ويفضفض معى شويتين فى مسألة ألمت به ويأخذ راحته حبتين كنت أمصمص شفتاى وأنا أتصنع التعاطف، ثم يسألنى تفتكر ليه بيعملوا كده، فكنت أرد: الشركة دائمًا على حق ولا للعميل كرامة طالما أنها - الشركات- لا تجد عينًا حمراء تُعيد للعميل المقهور حقه، فيسأل وأين العين الحمراء!، فأجيب: ربنا يبعت.


سنوات مديدة والوضع لا جديد أو رجاء منه، حتى أتتنى بشرى أحب أن أقصها لعل عميلًا يائسًا هنا أو هناك تكون له حاجة أو مسألة فيتفاءل، فلما بدا أن هناك جهازًا قوميًا لتنظيم الاتصالات رأيناه على مدى عامين أخيرين ينظم العلاقة بين الشركات والعملاء، فيُغرِّم شبكات المحمول لقاء تجاوزها الحدود المسموح بها فى كل خطأ على حدة، من حيث مرات تكراره ونوعه ومضمونه واحتمالية تعمده من عدمها، المهم أنه بناء على كود واضح ومُحدد ومعايير لا أحد يطعن بها.


سمعنا للجهاز صوتًا كلما حدثت مسألة أو لم تحدث، له قول يُعيد الأمور ويضبطها عند حدودها، فلم يعد مسموحًا لأى مشغل مثلًا بالتلكؤ فى نقل عميل من شبكة لأخرى، ولا مسموح بابتزاز العميل وتصفيته حتى يصير ع الحديدة، وظهر الجهاز لما حدثت وقائع كان العميل يخرج من فروع الشركات وهو يردد: «الحمد لله جت سليمة».


المهم أننى أرى أن توجهًا ما يسود لفرض إجراءات معينة لتعويض عملاء الانترنت المنزلى الذين يتضررون من انقطاع الخدمة عنهم، أعتقد منهجية الجهاز ستميل الى حسابها بشكل دقيق، كأنها مثلًا تنسق مع جميع مشغلى خدمات الانترنت الثابت وتتفق معهم على تعويض يُكافئ أيام أو ساعات انقطاع الخدمة عن العميل، وتحسب هذه من ساعة تشكى العميل بأى طريقة أولها الاتصال بخدمة عملاء شركته والابلاغ عن العطل، وحينها يحق التعويض للعميل من شركته، سواء بأيام وساعات بديلة أو بخصم من فواتير جديدة، المهم أن كل شركة ستقدمها للعميل على طريقتها التى يضبطها الجهاز، وهذا ما فعله الجهاز فى أغلب قضاياه السابقة، التى أراه فازها بالجملة.. أما تعويض عملاء الانترنت الأرضى فلا يزالون على نار شوق تعويضهم.