ربع مليار جنيه ببولاق.. 40 مليون في الدقهلية.. و 12 مليون ببورسعيد

جمعوها من تجارة المخدرات.. سقوط شبكات غسيل الأموال فى يد الداخلية

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتب: محمد طلعت

٧٠٠ مليار دولار تقريبًا حجم تجارة المخدرات حول العالم سنويًا وفقًا لتقديرات رسمية، ومع الحملات التي تقوم بها أجهزة الأمن المختلفة لضبط أنشطة تلك التجارة غير المشروعة ومصادرة أموالها، يحاول المجرمون إضفاء شرعية قانونية على أموال تجارتهم عن طريق تبييضها من خلال إدخالها في أنشطة اقتصادية شرعية لإخفاء مصدر الأموال وذلك حتى يتمكن المجرم من التمتع بتلك الأموال دون أن يتعرض للمساءلة القانونية وهى العملية التي تعرف اصطلاحًا بغسيل الأموال.

ووفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي يتم غسل ١,٧ تريليون دولار سنويا حول العالم من الأموال القذرة التي تأتي من تجارة المخدرات والأسلحة والرشاوي والتهرب الجمركي وغيرها من الأنشطة الإجرامية التي تقوم بها عصابات منظمة يتم استخدام آلاف من المحاسبين ووكلاء في البورصة من أجل شراء الأسهم والعقارات والسيارات وغيرها من الأشياء التي تجعل الأموال القذرة أموالا شرعية بيضاء ليس عليها أي غبار والأمثلة كثيرة.

قد يسأل البعض أن تلك الأموال تدخل إلى الاقتصاد الشرعي وتصبح رسمية فلماذا يتم مواجهتها؟ الإجابة سهلة إذا عرفت أن تلك التجارة غير المشروعة في المخدرات على سبيل المثال كان ضحيتها تعاطي ٢٧٥ مليون شخص حول العالم للمخدرات خلال ٢٠٢١ فقط وذلك وفقا لمكتب الامم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة بالإضافة لـ ٣٦ مليون شخص عانوا من إدمان المخدرات وهو الأمر الذي يقول إن تلك التجارة رغم أن أموالها تدخل في الاقتصاد إلا أنها أموال تأتي من الموت الدمار.

أما في عالمنا العربي فخلال السنوات التي تلت ما عرف بالربيع العربي جاءت تقديرات المنظمات الدولية أنه تم غسل ما يزيد عن ٥٠٠ مليار دولار من الأموال غير المشروعة وذلك رغم الحملات الأمنية التي ضبطت مليارات الدولارات والأصول الأخرى.

ولأن غسيل الاموال هو خطر كبير على الاقتصاد الوطني فكان التحرك من الدولة المصرية بالقانون رقم ٨٠ لسنة ٢٠٠٢ الذي وضع الضوابط والإجراءات اللازمة لمواجهة تلك الظاهرة الخاصة بغسيل الأموال والتي تعتبر من أهم إجراءات مكافحة الإرهاب وتجفيف أصوله بتجفيف مصادره التي ترتكز على تجارة المخدرات والأسلحة، وشهريًا تتمكن وزارة الداخلية ممثلة في مباحث الأموال العامة وإدارة مكافحة المخدرات من ضبط ملايين الجنيهات التي يتم غسلها.

سيارات وعقارات
اهم هذه الضبطيات خلال هذا الشهر هو ضبط تشكيل عصابي تمكن من غسل ما يزيد عن ٤٠ مليون جنيه في شراء سيارات وعقارات لكي يتم اخفاء تلك الأموال التي جاءت عن طريق تجارة المخدرات، فهؤلاء المتهمون اتخذوا من مدينة المنصورة وكرًا لهم يروجون المخدرات على عملائهم بصورة جعلتهم في ظرف شهور قليلة يجمعون ملايين الجنيهات ولخوفهم من لفت نظر الجهات الأمنية لتجارتهم المحرمة حاولوا أن يغسلوا تلك الأموال من خلال أصول مشروعة.

وكانت الفكرة التي جاءت في أذهانهم هو أن يقوموا بشراء مجموعة من الشقق في مناطق مختلفة من مدينة المنصورة وشراء عدد من المحال التجارية الجديدة بالإضافة لشراء عدد من السيارات المختلفة سواء نقل أو ملاكي بموديلات مختلفة، فعلوا ذلك وظنوا أنهم بعيدا عن عيون رجال الشرطة لكن في الحقيقة كانت أجهزة الأمن الأمن ورجال مكافحة المخدرات يرصدون تحركات تلك الشبكة وما يفعلوه من محاولات لغسل الأموال وجعلها أموال شرعية نظيفة حتى يتمكنوا من التصرف فيها بصورة طبيعية بعيدًا عن أي شكوك.

وعندما تم التأكد من أمر هذه الشبكة الإجرامية تم اتخاذ كل الإجراءات القانونية حيث تمكنت الشرطة من ضبط أعضاء التشكيل الإجرامي، وهم ثلاثة أشخاص تربحوا من تجارة المخدرات، مبالغ باهظة أسسوا على أثرها مجموعة من الأنشطة من خلال افتتاح محلات تجارية للملابس وشراء مجموعة من العقارات المختلفة لكي يتم تغيير مصدر تلك الأموال وإصباغها بالصبغة الشرعية وإظهارها وكأنها ناتجة عن كيانات مشروعة، وبعد التحفظ على الممتلكات قدرت بما يزيد عن 40 مليون جنيه تقريبا ليتم تحرير محضر بالواقعة وباشرت النيابة التحقيق ليتم حبس الثلاثة افراد على ذمة التحقيق.

اقرأ أيضًا

تزوير وغسيل أموال.. سقوط تشكيل عصابي في المنيا

لم تكن واقعة المنصورة هى الوحيدة التي تم ضبطها خلال الفترة الأخيرة، بل كشفت أجهزة الأمن عن قضية أخرى تم ضبط مرتكبيها الذين كانوا يتاجرون في مادة الايس المخدرة ثم يقومون بغسل ملايين الجنيهات من حصيلة تجارتهم غير المشروعة متخذين من منطقة بولاق الدكرور بالجيزة وكرًا لهم، حيث رصدت أجهزة الأمن من خلال الاستعانة بالتقنيات الحديثة أنشطة التنظيم العصابي وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية تم ضبط ما يزيد عن مخدرات قدرت بربع مليار جنيه خلال استهداف التشكيل العصابي حيث تم إلقاء القبض على ٣ أشخاص يحملون جنسية إحدى الدول الأجنبية وبمواجهتهم اعترفوا  أن تلك الحصيلة المالية التي تحصلوا عليها من خلال تجارتهم غير المشروعة كان سيتم استخدامها في مشروعات شرعية وإدخالها في الاقتصاد عن طريق غسيلها حتى يستطيعوا إنفاقها دون أن يتم لفت نظر الشرطة لهم.

وفي بورسعيد استطاعت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات من ضبط تشكيل عصابي تخصص في الإتجار بالمواد المخدرة متخذًا من محافظة بورسعيد وكرًا لهم حيث قام أفراد التشكيل بغسل أموال تجارتهم المحرمة في شراء عقارات وسيارات بـ١٢ مليون جنيه هى حصيلة مكاسبهم من تلك التجارة خلال الفترة الأخيرة وذلك حتى يقوموا باخفاء تلك الأموال بعيدا عن عيون رجال الأمن حتى لا يتم الشك في مصادر تلك الأموال لكن بسبب ظهور ثراء سريع عليهم تم رصدهم من قبل إدارة المخدرات ومن خلال التحريات تم التأكد من قيامهم بالإتجار في المواد المخدرة وأن كل الأموال التي يحصلون عليها اتفقوا مع بعض الأشخاص على تبيضها لهم في شراء سيارات وعقارات مختلفة، ليتم عقب تقنين الإجراءات القانونية من ضبط التشكيل ليتم حبسهم على ذمة القضية.

كما أعلنت وزارة الداخلية عن جهودها خلال الساعات الماضية بضبط ٣ قضايا أخرى استخدم فيها تجار المخدرات عمليات غسيل الأموال لتهريب أموالهم داخل الاقتصاد الرسمي وجعل أموالهم مشروعة؛ حيث بلغت حصيلة الاموال ما يزيد عن ٧٨ مليون جنيه متحصلة من الإتجار غير المشروع فى المواد المخدرة.

بلا شك تقوم وزارة الداخلية بجهود كبيرة في ملف غسيل الأموال فلا يمر شهر إلا ويتم ضبط ملايين الجنيهات من خلال ضبطيات لتجار مخدرات يستخدمون أموال تلك التجارة في شراء الممتلكات ففي سبتمبر على سبيل المثال تم ضبط ممتلكات بمبلغ ١١٣ مليون جنيه من حصيلة غسل أموال المخدرات.