لجنة عليا تتولى التحقيق فى الأخطاء.. 5 سنوات حبس ومليون جنيه غرامة إتلاف الأجهزة الطبية

بعد سنوات من المناشدة.. قانون المسئولية الطبية يبدأ أولى خطوات الطريق نحو التطبيق

 مشروع قانون المسئولية الطبية يهدف لتعويض المريض عن أى خطأ طبى
مشروع قانون المسئولية الطبية يهدف لتعويض المريض عن أى خطأ طبى

حق المواطن فى الحصول على خدمة طبية ورعاية صحية متكاملة الجودة من الأهداف التى تسعى الدولة لتحقيها.. وقد تمت ترجمة هذا الحق وتحويله لواقع ملموس من خلال الإجراءات المتعددة التى اتخذتها الدولة خلال السنوات الأخيرة.. وفى مقدمتها المبادرات الرئاسية فى مجال الصحة.. وتطوير المنشآت الصحية وبدء تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل فى عدد من المحافظات.

ومن الإجراءات المهمة التى تتخذها الدولة لتطوير المجال الصحى هى البنية التشريعية.. من خلال تعديل قوانين قائمة، وسن وإصدار تشريعات جديدة.. ومن تلك القوانين التى طالما ناشد مجتمع الأطباء بصدوره هو قانون المسئولية الطبية، والذى يوازن بحق المريض فى تلقى خدمة طبية مميزة، ويضمن له التعويض المناسب فى حالة حدوث خطأ أثناء تقديم الخدمة الطبية، وفى الوقت نفسه يوفر الحماية لأفراد الخدمة الطبية والمنشآت والأجهزة التى تضمها تلك المنشآت.

والأسبوع الماضى أحال المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب مشروع قانون المسئولية الطبية الذى تقدم به د.أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بالمجلس عن حزب «مستقبل وطن» للجنة الصحة لمناقشته تمهيدًا لصدوره. 

المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون المسئولية الطبية أكدت على أن القانون يحقق التوازن بين حق المواطن فى الحصول على الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة.

وفى الحصول على العلاج المناسب بشكل مستمر، خاصة فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة، وبين حق الطبيب فى أن يباشر عمله فى جو من الهدوء والطمأنينة داخل المنشأة.. وبما يكفل أيضًا الحفاظ على المرافق التى تقدم الخدمة الصحية ودعمها ورفع كفاءتها كالتزام دستورى على الدولة بما يضمن استمرار عمل المرفق بانتظام. 


ونص مشروع القانون على حالات انتفاء المسئولية الطبية، والالتزامات الخاصة التى يتعين على الأطباء الالتزام بها، والمحظورات على الأطباء والتى تحتاج إلى تنظيم خاص، وكذا بعض الإجراءات التى يتعين على الأطباء مراعاتها أثناء تقديم الخدمة، كما نص على حق متلقى الخدمة فى قبول أو رفض الإجراء الطبى ومغادرة المنشأة خلافًا لتوصية الطبيب باعتبارها من المسائل الشائعة فى الوقت الحالى وذلك بما يحقق التوازن بين الطرفين. 


أيضًا نص مشروع القانون على إنشاء وتشكيل وتنظيم واختصاصات ونظام عمل اللجنة العليا للمسئولية الطبية، واللجان الفرعية التابعة لها، ومن أهم ما تختص به اللجنة العليا تلقى الشكاوى من متلقى الخدمة الطبية أو من النيابة العامة أو من غيرها من جهات التحقيق أو المحاكم المختصة بحسب الأحوال فى الوقائع المتعلقة بالخطأ الطبى.

وإحالتها إلى اللجان الفرعية التابعة لها لإعداد تقرير فنى بشأنها ثم عرضها على اللجنة مرة أخرى لتقرر ما تراه بشأنها إما بإبلاغ النيابة العامة أو سلطات التحقيق المختصة قانونًا بحسب الأحوال حال وجود شبهة جنائية أو مخالفة تأديبية أو بحفظها حال انتفاء ذلك. 


وأنشأ مشروع القانون صندوقا حكومىا للتعويض عن أضرار المسئولية الطبية لتغطية وتعويض تلك الأضرار، على أن مصادر تمويله من مبالغ تسددها المنشآت الطبية الخاضعة لأحكام قانون المنشآت الطبية، وتقرر سنويا لصالح الصندوق.

ويحددها مجلس إدارته تبعًا لحجم ونشاط وتخصص المنشأة الطبية بناء على دراسات فنية واكتوارية يحددها الصندوق، بالإضافة إلى نسبة 10% من رسوم تراخيص إنشاء العيادات والمراكز الطبية والمكاتب العلمية الصحية ومراكز الأشعة والمعامل والمستشفيات الخاصة، وكذا نسبة من رسوم تراخيص مزاولة المهن الطبية. 


وعاقب مشروع القانون بالحبس والغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائتى ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين على كل من تعدٍ على أحد مقدمى الخدمة أثناء تأديتها أو بسببها.

وتكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات والغرامة التى لا تقل عن مائتى ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه إذا ترتب على التعدى على مقدم الخدمة الإيذاء البدنى بالنسبة للشخص الطبيعى أو الاتلاف بالنسبة للشخص الاعتبارى.

وكذا عقوبة الحبس والغرامة التى لا تقل عن مائتى ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من أخل بالمسئولية الطبية بمخالفة الالتزامات أو ارتكاب المحظورات المنصوص عليها فى القانون.  


6 جلسات استماع 

وأوضح د. أشرف حاتم، رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب، ومقدم مشروع القانون، أن لجنة الصحة سبق وعقدت 6 جلسات استماع خلال الفترة الماضية بعد تلقيها 3 مشروعات قوانين حول المسئولية الطبية من أعضاء المجلس، وخلال تلك الجلسات تمت دعوة جميع الجهات المعنية مثل نقابات المهن الطبية.

ومن أطباء وتمريض وصيادلة، وأساتذة الجامعات، والمستشارين القانونيين، أيضًا تم عقد اجتماعات فى النقابات والأحزاب ومنها حزب مستقبل وطن لمناقشة مشروع القانون، وتم تجميع نتائج كل تلك الاجتماعات.

وما طرح خلالها من آراء ثم تم تشكيل لجنة مصغرة قامت بتجميع ما تم التوصل والتوافق عليه وصياغة مشروع القانون فى شكله الذى تم تقديمه للمجلس مؤخرًا..  وأشار د.حاتم إلى أن اللجنة فى انتظار إرسال وزارات العدل والصحة والتعليم العالى آرائهم وردهم على مشروع القانون خلال أسبوعين للبدء فى مناقشة مواد مشروع القانون قبل عرضه للموافقة من جانب الجلسة العامة خلال أقرب وقت ممكن. 


وأكد رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب أن الهدف من مشروع القانون هو ضمان سلامة المريض والإجراءات الطبية المقدمة له، وفى نفس الوقت حماية الطبيب بشرط أن يكون مؤهلًا وحاصلًا على ترخيص لتقديم هذه الخدمة.

وفى مكان مجهز ومرخص وأن تتم تأدية الخدمة بالطريقة العلمية ومن ثم فإن أى مضاعفات قد تحدث يصبح الطبيب غير مسئول عنها، بينما تقع المسئولية تقع على الطبيب إذا خالف أيًا من الشروط السابق ذكرها. 


وقال د.حاتم إن مشروع القانون أتاح للمريض أو ذويه التقدم بالشكوى فى حالة التضرر، والشكوى وفقًا لمشروع القانون لا تقدم لنقابة الأطباء ولا وزارة الصحة ولا للنيابة العامة، إنما للجنة العليا للمسئولية الطبية.

والتى تتبع مجلس الوزراء، وتضم ممثلين عن جهات مختلفة وتكون برئاسة وزير الصحة.. وتضم فى عضويتها كبير الأطباء الشرعيين، وكبار الأطباء من أستاتذة الجامعات، وممثلين عن حماية المرضى ونقابة الأطباء، وهذه اللجنة يتبعها لجان فرعية بالمحافظات، ولجان فنية متخصصة.. للفصل فى حالات بعينها، وعندما تتلقى اللجنة العليا شكوى تحيلها للجنة الفنية المتخصصة.

والتى تكتب تقريرها خلال أسبوعين وترفعه للجنة العليا التى تصدر بدورها تقريرها النهائى خلال شهرين تحدد فيه الرد على الشكوى سواء إن كانت مضاعفات عادية يمكن حدوثها علميًا أو خطأ طبى يتم تحويل الطبيب للنقابة المختصة أو للنيابة.  


صندوق التعويضات 
وشدد رئيس الجنة على أن أهمية مشروع القانون المقترح والذى يحدد المسئولية الطبية، حيث كان تتم محاسبة الأطباء وفقا لقانون الإجراءات الجنائية.. وكانت النيابة تحيل الشكوى للطب الشرعى، والذى يعانى من قلة عدد الأطباء الشرعيين مقارنة بالقضايا المعروضة عليه.

وبالإضافة إلى أنهم غير متخصصين بالفصل فى تلك القضايا.. فكانت المشكلة أن الإجراءات تستغرق وقتًا طويلًا.. وفيما يتعلق بالصندوق الحكومى للتعويض عن أضرار المسئولية الطبية، أشار د. حاتم إلى أن تجميع موارده تكون من العيادات والمراكز الطبية والمستشفيات بخصم 10% من رسوم الترخيص لصالح ميزانية الصندوق.

وذلك بسبب أن أكثر من 80% من الأطباء وأعضاء الفريق الطبى يعملون بالحكومة ومرتباتهم ضعيفة يتعذر معها الاشتراك فى تأمين ضد مخاطر المهنة، ويتولى الصندوق المقترح تغطية تلك المخاطر عن طريق أن المنشآت الخاصة عند الترخيص يستقطع منها جزء لصالح الصندوق، موضحا أن مشروع القانون يعرف المسئولية الطبية.

وما هو الخطأ الطبى وما هو الإجراء الطبى، كما أن مشروع القانون يفرق بين الخطأ الطبى نتيجة مضاعفات علمية وهى ليست مسئولية الطبيب، وإنما إن كان الطبيب غير مؤهل وغير حاصل على ترخيص لتقديم الخدمة أو المكان غير مجهز وغير مرخص وقتها يقع العقاب وفقًا للقانون.

والذى قد يكون تعويضًا ماديًا يتم سداده عن طريق الصندوق.. مؤكدًا أن القانون بعد صدوره سينطم العملية الصحية ويحد من الأخطاء الطبية قدر الإمكان.. إذ إنه يمس الصحة العامة للمواطنين ويخدم هدف تقديم الرعاية الصحية المتكاملة.  


لجنة فنية 
ومن جانبه أكد د. أسامة عبد الحى أمين عام اتحاد الأطباء العرب على أهمية مشروع القانون، وتحديده للحالات التى تنتفى فيها المسئولية الطبية عن الطبيب، موضحًا أن من أهم مميزات مشروع القانون أن من يتولى التحقيق مع الطبيب وتحديد المسئولية الطبية فى الخطأ الطبى لجنة فنية.

وأشار إلى أن القانون جيد جدًا ومطلوب صدوره ولكن مع مراعاة بعض الملحوظات المتعلقة بحبس الأطباء.. موضحًا أنه يجب الاكتفاء بالنص على عقوبة الحبس للأطباء فى الأخطاء الجسيمة والتى تتعارض مع قوانين الدولة مثل عدم حصول الطبيب على ترخيص لتقديم خدمة طبية معينة مثل عملية جراحية وغيرها من الخدمات الطبية التى تحتاج لترخيص محدد.

وأيضًا تقديم الخدمة فى مكان غير مرخص وغير مؤهل لتقديم الخدمة، ويرى د. عبد الحى أن الأخطاء الفنية أو الطبية إذا وقعت من الطبيب وهو مرخص له بالعمل وتم تقديم الخدمة فى مكان مرخص لا تستوجب الحبس.

وإنما يتم النص بغرامات سواء على الطبيب أو المنشأة الطبية لأن حق المريض الحصول على تعويض نتيجة الضرر الذى وقع عليه نتيجة الخطأ الطبى.. أيضًا أوضح أمين عام اتحاد الأطباء العرب أن الإجراءات الإدارية من تسجيل الحالة وإجراء الفحوصات اللازمة وغيرها من الإجراءات المنصوص عليها فى مواد العقوبات بمشروع القانون يجب مراجعة النص فيها على عقوبة الحبس للأطباء والاكتفاء بالغرامات.

وطالب أيضًا أن يراعى مشروع القانون النص على الحالات التى توضح إن كان الخطأ الطبى فرديًا من الطبيب أم من المنشأة.. وفى حالة كان الخطأ من الطبيب يجب النص على تأمين إجبارى لمقدمى الخدمة ضد أخطاء المهنة حتى يستطيع مقدم الخدمة دفع التعويضات وضمان حق متلقى الخدمة.   


قانون مستقل 
فى حين أكد د. رشوان شعبان عضو مجلس النقابة العامة للأطباء أن صدور قانون المسئولية الطبية يعد مطلبًا مهمًا للأطباء، والذين طالما ناشدوا منذ سنوات بضرورة صدور قانون ينظم ويحدد المسئولية الطبية.. خاصة وأن الأطباء يحاسبون وفقًا للقانون الجنائى بما فيه من عقوبات من إصابات خطأ.

وإحداث عاهة مستديمة، وهى لا تتماشى مع طبيعة العمل الطبى، كما لا تحدد تلك العقوبات مفهوم الخطأ الطبى، وإن كان ناتجًا عن مضاعفات نتيجة العلاج، أم عن إهمال وتقصير فى تقديم الخدمة الطبية، أو ناجم عن إهمال جسيم.

وهى أمور معقدة وفنية يفصل فيها خبراء وأساتذة من الأطباء، وهى ما عرفها مشروع القانون باللجنة العليا للمسئولية الطبية، وما ينبثق عنها من لجان فرعية، وأشار إلى أنه وفقًا لمشروع القانون يحق لمتلقى الخدمة الطبية أن يتقدم بالشكوى حال وقوع أى ضرر عليه من مقدم الخدمة.

ومن ثم تفصل فيه اللجنة العليا ولجانها الفرعية لتحديد الخطأ فى تقديم الخدمة من عدمه، وطالب د. شعبان بأن يتم تخصيص قانون مستقل لحماية المنشآت الطبية بكل ما تضمه من أفراد الخدمة الطبية والأجهزة، وألا يتم الاكتفاء بالعقوبة ضد تلك الجريمة فى قانون المسئولية الطبية.  


حقوق وواجبات 
ومن جانبه أشاد د. أشرف عقبة رئيس أقسام الباطنة والمناعة بجامعة عين شمس بمشروع القانون، مؤكدًا أهميته فى الارتقاء بالخدمة الطبية المقدمة، حيث ينص على ضمان وتحديد الحقوق والواجبات لكل من مقدم الخدمة الطبية ومتلقيها، موضحًا أن خروج القانون بشكل متوازن بعد إقراره يضمن حقوق كلا الطرفين هو أمر مهم ينشده الجميع.

رافضًا المبالغة فيما يتردد عن الأخطاء الطبية، موضحًا أنه مع احتمالية الخطأ إلا أنه يكون غير متعمد، ومن الوارد أن تحدث مضاعفات وآثار جانبية جراء التدخل الطبى، مشددًا على أن الطبيب مسئول عن تقديم الخدمة والعلاج.

وليس مسئولًا عن الشفاء، مضيفًا أنه لا يوجد طبيب يتعمد إيذاء مريض لأنه بذلك يشوه سمعته، مطالبًا بأن يكون الحساب فى القانون على التقصير فى تقديم الخدمة، وليس على الشفاء من عدمه. 

اقرأ أيضا | وزير الصحة يؤكد دعم مصر للجهود العالمية لمكافحة مضادات الميكروبات