الزوج حاول قتل أطفاله الثلاثة قبل الجريمة بأسبوع

طبلية عشماوي تنتظر قاتل زوجته بدمياط

الزوجة الضحية
الزوجة الضحية

حبيبة جمال

جلس داخل غرفته بالطابق الأرضي، بعد مشادة كلامية مع زوجته، تتقاذف في رأسه أفكار سوداء كسواد الليل، وبداخله ثورة من الغضب، وحالة من اليأس، فجأة انتفض من فوق مقعده، توجه لغرفة نوم زوجته بسرعة البرق، ودون أية مقدمات انقض عليها وشل حركتها إلى أن سقطت مغشيًا عليها، اعتقد بأنها ماتت، لم يجد حلًا سوى وضعها على السرير وإشعال النار بها، وخرج مسرعًا قبل أن تلتهمه النيران، وبمجرد خروجه من البيت تذكر أمواله التي بالداخل وعاد للحصول عليها، ولكن غاب عن ذهنه أن للقدر في حكايته رأي آخر.. تفاصيل مثيرة نسردها في السطور التالية

فصول تلك القصة المأساوية بدأت في قرية البصارطة، التابعة لمحافظة دمياط، منذ أكثر من ١٠ سنوات، عندما كانت هدايا تعيش مع أسرتها الصغيرة في بيت بسيط يملؤه الطيبة والسماحة، حصلت هدايا على دبلوم فني، بعدها تقدم لخطبتها ابن خالتها محمد، وعلى الرغم من فارق المستوى التعليمي بينهما، حيث لم يكن له نصيب من التعليم حيث يعمل مزارعًا، إلا أن هدايا وافقت على الزواج منه، وسرعان ما تم زفافهما وسط حفل عائلي كبير حضره الأهل والأصدقاء.

لم تمض هدايا في عش الزوجية سوى أيام معدودة، عرفت خلالها معنى السعادة والحب الحقيقي، وفجأة  انقلبت حياة العاشقين من الهدوء للعاصفة، ومن الحب للكره، ومن العطف للقسوة والعنف، مشكلات دائمة لا تنقطع بينهما، ظلت هدايا صابرة على العذاب الذي أصبحت تعيش فيه، ولم تطلب الطلاق لأنه سرعان ما أصبحت تحمل بين أحشائها جنينًا، اعتقدت أن هذا الطفل سيعيد لهما السعادة من جديد، ولكن بقى الحال على ما هو عليه، ومرت الأيام والسنوات وأصبح لديهما ثلاثة أطفال، وفي كل مرة يعتدي عليها بالضرب تصمت وتصمد خوفا على حياة أطفالها الثلاثة من التشرد إذا انفصم عرى الحياة الزوجية، رغم العذاب الذي عاشته لكنها لم ترغب في أن يعيش أطفالها بين أب وأم منفصلين، سلمت أمورها لله ولم تكن تلك المسكينة تدري أن حياتها ستنتهي بأبشع طريقة وعلى يد من؟!، من اختاره قلبها وفي نفس الوقت ابن خالتها. 

يوم الجريمة

صباح احد الأيام من شهر يونيه ٢٠٢٢م، استيقظ الزوج مبكرًا، وطلب من أولاده الثلاثة الخروج من البيت لشراء خبز من أحد الأفران بالقرية، وبعد خروجهم طلب من هدايا حقه الشرعي لكنها رفضت بسبب إرهاقها في الأعمال المنزلية، فتشاجر معها وتركها وجلس بالغرفة الأخرى.. استسلم للوساوس وسيطر عليه الشيطان، وبدلاً من أن ينفصل عنها أو يحسن معاشرتها، قرر أن ينهي حياتها نهاية مأساوية دون رحمة أو شفقة.

دخل عليها الغرفة وانقض عليها وشل حركتها، فسقطت مغشيا عليها، اعتقد أنها ماتت، ظل لدقائق يفكر ماذا يفعل، حتى جاءته الخطة الشيطانية وهي إشعال النيران فيها وبعد ذلك يقول أن أنبوبة البوتاجاز انفجرت في المطبخ حيث تعد الطعام، وبدأ في تنفيذ الخطة.. سكب عليها البنزين ثم أشعل النيران بها، وأغلق عليها باب الشقة، وخرج مسرعا من البيت، ولكنه عاد مرة أخرى خوفًا على أمواله، حاول الحصول عليها، وفي ذلك الوقت بدأت هداية تفيق من الغيبوبة تحاول الاستنجاد بأحد، تطلب منه أن ينقذها ولكنه كان منشغلا بأخذ أمواله، وكانت عدالة السماء أن أصيب بحروق هو الآخر وحاصرته النيران مع زوجته. 

بدأت النيران تزداد، صراخ وعويل من جيران هدايا، محاولين إخماد تلك النيران، وتم إبلاغ الشرطة، والذين انتقلوا على الفور لمكان الحادث ومعهم سيارة إسعاف، نقلت الزوجين للمستشفى، وفي نفس الوقت كان الاطفال الثلاثة عائدين ووجدوا الإسعاف تأخذ والديهم، كانت هدايا على قيد الحياة، يحاول الأطباء إسعافها، وزوجها معها في نفس المستشفى يعالج من الحروق البسيطة التي كانت به، وعندما سألوه عن السبب، قال:إن أنبوبة البوتاجاز انفجرت بها وعندما حاول إنقاذها أصيب هو الآخر، كل هذا يحدث وهدايا مازالت لا تنطق، تحيطها دعوات من أسرتها بالشفاء العاجل، ولم يشك أحد أن يكون هذا الزوج هو من حاول قتلها، حتى استطاعت الزوجة الحديث، وأبلغت شقيقتها بأن محمد زوجها هو من أشعل النيران بها، عندما رفضت إعطاءه حقه الشرعي، وكانت آخر كلماتها لأسرتها «متسبوش حقي»، وبعدها دخلت في غيبوبة ظلت لمدة ٢٠ يوما وبعدها صعدت روحها للسماء، على الفور أبلغت شقيقتها رجال المباحث وتم القبض على الزوج الذي ظل يراوغ وينكر جريمته، ولكن المعاينة اثبتت أن أنبوبة البوتاجاز سليمة، الأمر الذي يكذب روايته، غير أن أسرتها قالت في المحضر: إن هناك خلافات دائمة بينهما، حتى أطفاله شهدوا بأنه حاول قتلهم حرقا قبل أسبوع واحد فقط من جريمته، وعندما واجهته النيابة بكل هذه الأحاديث والتحريات، انهار واعترف بجريمته، وتم توجيه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد له، وتحولت القضية لمحكمة الجنايات، واطمأنت أسرتها الى القصاص العادل الذي ستقضي به المحكمة. 

وسيطرت حالة من الحزن والصدمة على أهالي القرية بالكامل، فالكل يشهد بأخلاقها وسمعتها الحسنة، لم تكن هدايا تستحق هذه النهاية البشعة وودعها الجميع لمثواها الأخير في مشهد جنائزي مهيب. 

القصاص

وبعد مرور ٥ أشهر على تلك الجريمة البشعة، أسدلت محكمة جنايات دمياط الستار عنها، فحكمت المحكمة برئاسة المستشار أحمد حسام النجار رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين وليد جمال ومحمد بنوي، وبحضور حسام عبد الودود وكيل النائب العام، ووائل السيد أمين السر، بإحالة أوراق المتهم لفضيلة مفتي الجمهورية لأخذ الرأي الشرعي في إعدام المتهم، وحددت جلسة ٩ ديسمبر المقبل للنطق بالحكم. ليكون بهذا الحكم عنوان الحقيقة ونهاية لزوج بلا قلب ارتكب جريمة تقشعر لها الأبدان وتنفطر لها القلوب، فماذا جنى؟!، لا شيء سوى أن قتل روحًا بلا ذنب ويتم أطفاله الثلاثة وحرمهم من حنان الأم ومن سند الأب، فحياته هو الآخر ستنتهي بالإعدام. 

اقرأ أيضا | اندلاع حريق بمصنع دهانات موبيليا في دمياط