السرقات «هم ما يتلم».. أين تذهب «الكهرباء المفقودة»؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

إيثار حمدى 

تعانى شركة الكهرباء من عمليات فقد الطاقة، ومن ثم عدم تحصيل المقابل المادى نتيجة هذا الفقد الفادح، ما يتسبب فى خسائر بأموال طائلة، ولكن من أين يأتى فقد الطاقة؟ وما هى أنواعه؟ وهل يمكن تقليل حجم الفاقد أو السيطرة عليه بشكل نهائي؟ وما هى الطرق التى تتبعها الشركة لمكافحة الفقد؟ الأسئلة السابقة هى ما سنحاول الإجابة عنها من الخبراء فى سياق هذا التحقيق.

أوضح المهندس الحسينى الفار، رئيس شركتى شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء سابقا، أن فقد الكهرباء ينقسم إلى جزأين الفنى والتجاري، والتجارى يتركز بشكل أساسى فى السرقات أو ما نسميها مخالفات استهلاك التيار، وهو ما نعتبره هدرا غير محسوب فى عدادات الكهرباء وغير مقروء، أما الفقد الفنى فهو فى مهمات الكهرباء التى تبدأ من المحول واللوح وتنتهى بالكابلات، ولكن هذا الفقد ليس رئيسيا، ولكن أساس فقد الكهرباء هو سرقات التيار وفى العدادات العاطلة المتواجدة فى عقارات المشتركين، أو الأعمال المخالفة لاستهلاك التيار دون المرور على عداد القراءة مثل الباعة الجائلين وسكان العشوائيات ومن يقومون بالتلاعب فى قراءات العدادات الخاصة بهم.

وأشار إلى أنه أثناء توليه رئاسة شركة شمال الكهرباء منذ عامين تقريبا انقسمت نسبة الفقد إلى 82% للفقد التجارى وفى المقابل 18 % للفقد الفني، وتوجيه الرئيس السيسى بترشيد الكهرباء سوف يساهم بشكل كبير فى تقليل الهدر، بالإضافة إلى العدادات مسبقة الدفع التى تقلل الفقد وتحسن عملية التحصيل.

إجراءات حازمة

ويرى د.محمد سليم، رئيس قطاع المراقبة المركزية للأداء بوزارة الكهرباء سابقا، أن مناقشة موضوع فقد الطاقة الكهربائية فى غاية الأهمية، والأولى بالرعاية قبل الترشيد الأصلي.

وأشار إلى أن تقليل نسبة الغاز عن محطات توليد الكهرباء فكرة غير صائبة، لأن مصر استثمرت فيها أموالا طائلة وفى المقابل هذه المحطات لا تعمل إلا بالغاز فقط، ولكن ما يحدث حاليا من رفع لكفاءة المحطات هو الأصل فى حل الأزمة، فى حين أن الاستثمار والتنمية فى المحطات جاء لتحسين كفاءتها وبالتالى فإنه فى حالة تقليل الغاز عنها تحدث نتائج عكسية.

وأضاف: من المهم جدا العمل على التحكم فى الفقد التجارى وتقليل السرقات، وتكثيف عمل الضبطية القضائية واللجان التى تمر باستمرار لكشف أى تلاعب فى الكهرباء وسرقتها، لافتا إلى أن هناك إجراءات فنية تتم باستمرار، فيما يخص الفقد التجاري، وفى المقابل فإن الفقد الفنى مرتبط بنسبة عالمية ولا يمكننا التدخل فيه بشكل كبير، ولكن التدخل الرئيسى يكون فى الفقد التجارى الذى يعتبر أسبابه الرئيسية سرقة التيار، أو ربما قراءات غير صحيحة للعدادات لذلك تم تغيير العدادات لأخرى مسبقة الدفع.

وقال: وصلت نسبة الفقد التجارى على مستوى الجمهورية عام 2018 لرقم أعلى من الطاقة الكهربائية المباعة فى أحد أكبر شركات الكهرباء شمال أو جنوب أو القناة وهى أكبر 3 شركات كهرباء فى مصر.

وتابع: إذا سألنا أين يذهب هذا الفاقد من الكهرباء ستكون الإجابة أنه بالتأكيد يتم سرقته، فالطاقة يتم توليدها من المحطات وتضخ فى الشبكة ولا يتم تحصيل عائد لها ولا نعلم أين ذهبت ولا يمكننا تجميعها، فشركة التوزيع تحصل على الطاقة من شركة النقل، ثم تبيعها للمستهلك، وبعد ذلك يتم تجميع الإيرادات من خلال قراءات العدادات بالميجا وات ساعة والتيرا وات ساعة، فنجد أن ما تم تجميعه من خلال القراءات أقل مما قدمته للمبيعات، وهذا الفرق هو الفقد فى الطاقة، وشركة مثل جنوب القاهرة بها نسبة فقد للكهرباء تصل إلى 25 % أى ربع طاقتها ومن الممكن أن تزيد، والمتوسط العام على مستوى الشركات يصل إلى 22 % خلال عام 2020 لإجمالى مجموع الشبكات.

وحول إجراءات نسبة تقليل الفقد قال د.محمد سليم: يجب اتخاذ بعض الخطوات مثل ما يحدث حاليا من الضبطيات القضائية، ومتابعات وإجراءات حاسمة جدية للحد من المشكلة لدرجة أن من يتابع الأمر عن كثب هو نائب الوزير بنفسه، فالأمر لم يكن بالسهولة التى يتخيلها البعض، نظرا للقراءات المغلوطة والشاذة والتحصيل من الناس بشكل عشوائى بدون عداد أو قراءات ومن لديهم توصيلات غير قانونية أو عدادات كودية، وللأسف من يتحمل نتيجة كل هذا المواطنون المنضبطون الذين يمتلكون عدادات صحيحة وملتزمون بدفع قيمة استهلاكهم.

مراحل المنظومة

وقال د.فاروق على الحكيم رئيس جمعية المهندســــين الكهــــربائيين ورئيـــــس اللجنـــــــة الاستشارية لشعبة الكهرباء بنقابة المهندسين، إن محطات الكهرباء لها قيمة معينة مقننة من نسبة توليد الكهرباء والتى تكــــون 1000 ميجا وات على سبيل المثال للمحطة، وهذا الكم له تكلفة معينة، وتنقسم منظومة الكهرباء لأربعة مراحل: إنتاج أو توليد الطاقة الكهربائية ثم نقل الطاقة ثم توزيعها ثم استهلاكها للمواطنين أو المصانع أو المنازل أو غيرها، وعندما نصل للنقطة النهائية يجب أن نجد قيمة الـ 1000 ميجا وات كاملة ولكن ما يحدث غير ذلك فنحن نجد قيمة 700 أو 800 ميجا وات فقط وهى نسبة كبيرة بالطبع.

وتابع: يحدث الفقد على مراحل، هناك فقد فى النقل وفقد فى التوزيع وأخطرهم الفقد نتيجة سرقة التيار والطاقة الكهربائية من بعض المواطنين وتكون واضحة جدا للجميع من خلال الباعة الجائلين والأسواق التى تحصل على الكهرباء من أعمدة الإنارة.

وأضاف: ما يتم فقده فى مراحل النقل أو التوزيع هو ناتج عن ضعف فى أداء وكفاءة المعدات المستخدمة، بعض منها قديم وبعضها لا تتم أعمال الصيانة الخاصة به وبالتالى لا تخرج القدرات المطلوبة منها أو التى ننتظرها.

وواصل: الفقد الفنى المعلن من وزارة الكهرباء حاليا هو 18 % وهو أعلى من النسب الموجودة عالميا فالنسبة دوليا تتراوح بين 6 إلى 8 %، وباقى كمية الفقد تنسب إلى الفقد التجارى الذى تصل نسبته إلى 84 %، وهو يكلف الدولة ملايين ومليارات الجنيهات، ولكن بالطبع ما يحدث حاليا من تطوير سيقلل نسبة الفقد بصورة ملحوظة، وهذا أحد هموم وزارة الكهرباء وهموم الحكومة فتقليل وتخفيض نسبة الفقد معناها تزويد العائد وتوفير فى التكلفة وزيادة الدخل من الكهرباء والطاقة.

روشتة علاج

ولمواجهة زيادة نسبة الفقد الكهربائى قال د.فاروق: مطلوب تكاتف جميع أجهزة الدولة وخاصة المحليات فالدور الأكبر يقع على أكتافها فى تقليل الفقد الكهربائي، بالإضافة إلى ما تحدث عنه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء من ترشيد استخدام الكهرباء، فهناك سفه فى استهلاك الكهرباء وهذا قصور من المحليات والأحياء ومن المراكز والمدن لتركهم بعض المتجاوزين والمخالفين دون رقابة أو عقاب، فيجب محاسبة هؤلاء وعلى الأجهزة المعنية أن تنشط تماما فالجهد الأكبر لمواجهة هذه الأزمة يقع على عاتقهم. 

أقرأ أيضأ : ارتفاع أسعار الطاقة يعزز مخاطر الركود في أوروبا