ذنبه إيه ؟!

منى ربيع
منى ربيع

‭..‬قضية‭ ‬حركت‭ ‬كثيرًا‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬الغضب‭ ‬والأسف‭ ‬داخلى،‭ ‬الضحية‭ ‬فيها‭  ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬لاذنب‭ ‬له‭  ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬الدنيا‭ ‬خطأ،‭ ‬لأب‭ ‬غير‭ ‬مسئول‭ ‬وام‭ ‬تم‭ ‬التغرير‭ ‬بها‭ ‬باسم‭ ‬الحب،‭ ‬تلك‭ ‬كانت‭ ‬قضية‭ ‬أميرة‭ ‬والتى‭ ‬قرر‭ ‬القانون‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬هي‭ ‬الذنب‭ ‬منفردة‭ ‬دون‭ ‬مسؤولية‭ ‬من‭ ‬والد‭ ‬ابنها،‭ ‬الذي‭ ‬ارتكب‭ ‬الجريمة‭.‬

اميرة‭ ‬الفتاة‭ ‬العشرينية‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬احد‭ ‬جيرانها‭ ‬والذى‭ ‬استغل‭ ‬صغر‭ ‬سنها،‭ ‬واقام‭ ‬معها‭ ‬علاقة‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭ ‬وعندما‭ ‬حملت‭ ‬منه‭ ‬تهرب‭ ‬وتنصل‭ ‬من‭ ‬فعلته،‭ ‬وكأنه‭ ‬لم‭ ‬يعرفها‭ ‬من‭ ‬الأساس،‭ ‬الفتاة‭ ‬الصغيرة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬امامها‭ ‬سوى‭ ‬طريق‭ ‬واحد‭ ‬هواستكمال‭ ‬حملها‭ ‬وحمل‭ ‬عارها‭ ‬وحدها‭ ‬بعدما‭ ‬تخلى‭ ‬عنها‭ ‬الجميع،‭ ‬وسلكت‭ ‬الطريق‭ ‬الشرعي‭ ‬والقانون‭ ‬وطالبت‭ ‬بإثبات‭ ‬نسب‭ ‬طفلها‭ ‬إلى‭ ‬والده‭ ‬ولجأت‭ ‬الفتاة‭ ‬إلى‭ ‬محكمة‭ ‬الأسرة‭ ‬وصدر‭ ‬حكم‭ ‬اول‭ ‬درجة‭ ‬بإثبات‭ ‬نسب‭ ‬صغيرها‭ ‬إلى‭ ‬والده‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬اكد‭ ‬تقرير‭ ‬الطب‭ ‬الشرعي‭ ‬والبصمة‭ ‬الوراثية‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬يحمل‭ ‬الصفات‭ ‬الوراثية‭ ‬للاب‭ ‬والام‭ ‬معا،‭  ‬فرحت‭ ‬أميرة‭ ‬وهللت‭ ‬لكن‭ ‬فرحتها‭ ‬لم‭ ‬تكتمل‭ ‬لأنه‭ ‬تم‭ ‬استئناف‭ ‬الحكم‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬إنكار‭ ‬النسب‭ ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬تحليل‭ ‬البصمة‭ ‬الوراثية‭ ‬يثبت‭ ‬النسب‭ ‬الطبيعى‭ ‬للصغير‭ ‬دون‭ ‬النسب‭ ‬الشرعي‭ ‬له‭ ‬والذي‭ ‬لايثبت‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬الرجل‭ ‬إلا‭ ‬بالفراش‭ ‬والإقرار‭ ‬بالبينة،‭ ‬وأن‭ ‬الحمل‭ ‬كان‭ ‬سفاحا‭ ‬وليس‭ ‬وليد‭ ‬زواج،‭ ‬وأن‭ ‬الاب‭ ‬انكر‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بالأم‭ ‬والتى‭ ‬عجزت‭ ‬عن‭ ‬اثبات‭ ‬نسب‭ ‬صغيرها‭ ‬شرعًا‭.‬

اميرة‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬امامها‭ ‬سوى‭ ‬اللجوء‭ ‬لنجدة‭ ‬الطفل‭ ‬بالمجلس‭ ‬القومى‭ ‬للأمومة‭ ‬والطفولة‭ ‬والذي‭ ‬يقوم‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬استخراج‭ ‬شهادة‭ ‬ميلاد‭ ‬للطفل‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬الام‭ ‬فقط،‭ ‬لكن‭ ‬الاب‭ ‬اسمه‭ ‬اعتباريا‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬وجود‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬والده‭ ‬حيا‭ ‬يرزق‭ ‬يمارس‭ ‬كل‭ ‬امور‭ ‬حياته‭ ‬بكل‭ ‬أريحية،‭ ‬تاركًا‭ ‬فعلته‭ ‬دون‭ ‬حساب‭ ‬او‭ ‬عقاب‭.‬

من‭ ‬هنا‭ ‬بدأت‭ ‬اتساءل‭ ‬أي‭ ‬قانون‭ ‬هذا‭ ‬الذى‭ ‬ينصر‭ ‬الظالم‭ ‬على‭ ‬المظلوم،‭ ‬أي‭ ‬قانون‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شرع‭ ‬الذي‭ ‬يعاقب‭ ‬طرفًا‭ ‬دون‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الطرفين‭ ‬ارتكبا‭ ‬نفس‭ ‬الخطأ،‭ ‬وثبوت‭ ‬نسب‭ ‬الأب‭ ‬بالوسائل‭ ‬العلمية‭ ‬وجزمها‭ ‬لأبوته،‭ ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬العدل‭ ‬الذى‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬مبادئ‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والقانون‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نعاقب‭ ‬شخصًا‭ ‬ونترك‭ ‬الآخر؟‭!‬

ما‭ ‬ذنب‭ ‬الصغير‭ ‬الذى‭ ‬جاء‭ ‬إلى‭ ‬الدنيا‭ ‬خطأ‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬خطأ‭ ‬غيره‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬يحمل‭ ‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬ويسير‭ ‬بها؟‭!.. ‬لايعرف‭ ‬من‭ ‬والده‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة؟‭!‬

هل‭ ‬بكل‭ ‬سهولة‭ ‬نتركه‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬مسئولية‭ ‬مافعله‭ ‬لأن‭ ‬القانون‭ ‬أراد‭ ‬ذلك؟‭.. ‬حتما‭ ‬سيرتكب‭ ‬حماقات‭ ‬اخرى‭ ‬فهو‭ ‬بيده‭ ‬الإنكار‭ ‬والإثبات‭ ‬ليفعل‭ ‬مايشاء‭ ‬بضحايا‭ ‬آخرين‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬ذنب‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭.‬

اسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬تدور‭ ‬بداخلى‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬فأنا‭ ‬امام‭ ‬قضية‭ ‬ليست‭ ‬الأولى‭ ‬وليست‭ ‬الأخيرة‭ ‬لكن‭ ‬أملى‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬القانون‭ ‬وأن‭ ‬نأخذ‭ ‬من‭ ‬الشرع‭ ‬ما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬العصر‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه،‭ ‬وأن‭ ‬نضع‭ ‬في‭ ‬اعتبارنا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬علمًا‭ ‬يتطور‭ ‬كل‭ ‬ثانية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬به‭ ‬لحل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬فمبادئ‭ ‬شريعتنا‭ ‬الإسلامية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬العدل‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬ظلم‭ ‬طرف‭ ‬دون‭ ‬الآخر‭.‬