خارج النص

«سون تزو» يحلل الحرب الروسية الأوكرانية!

د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد

   لا أتذكر كم مرة قرأت فيها ذلك الكتاب العجيب المسمى «فن الحرب» لمؤلفه المستشار العسكرى الصينى «سون تزو»، الذى عاش ووضع كتابه قبل نحو 2300 عام ، ليكون أحد أهم وأشهر المراجع ، ليس فقط للعسكريين ورجال الدولة عبر التاريخ ، بل لكل من يريد أن يفهم كيف يمكن إدارة أخطر قرار يتخذه البشر فيغير حاضرهم ومستقبلهم ، وهو قرار الحرب !

   خلال الشهور الأخيرة اكتشفت أننى أعود أكثر من أى وقت مضى إلى صفحاته ، أقرأ مقاطعه بإمعان ، وأحاول تطبيقها على الواقع، فتملؤنى الدهشة من دقة تحليله وصدق رؤاه  .

تخيلت لو أن « سون تزو « يحلل اليوم الحرب الروسية الأوكرانية ، والصراع الذى يحبس العالم أنفاسه خشية أن يتطور إلى حرب عالمية ثالثة ، ويتخوف كثيرون من أن تكون بداية  « سيناريو يوم القيامة « ..  فماذا قال صاحب « فن الحرب « :  الحرب مسألة خطيرة للدولة، إنها ميدان الحياة والموت ، وهى الطريق التى تؤدى للعيش أو الفناء ، والمخطط الجيد يُخضع العدو دون قتاله  .

 فى حالة الصراع المسلح ، على الرجل الارتكاز على عاملين حاسمين هما: العقل والفضيلة ، لأنهما إذا أستخدما بشكل صحيح يؤديان إلى النصر ، ولذلك يجب ألا نتعامل مع الحرب بخفة وتهور إنما يجب استباقها بإجراءات تؤدى إلى تسهيل تحقيق النصر .

 أخذ البلاد العدوة سالمة ، أفضل من تدميرها، وأسرُ الجيش المعادى أفضل من تدميره ، وذلك مرتبط بسياست إدارة الحرب ، فإحراز مائة انتصار فى مائة معركة ليس هو الأفضل، بل إخضاع العدو بدون قتال  .

 فى حالة إدارة جيش ضخم يكون الهدف الرئيس هو النصر السريع ، فإذا ما تأخرت الحرب فستتلف أسلحة الجند وتصدأ ، وستخمد حماسة الرجال، وإن هاجم الجيش المدن فسوف تنهك قواه، كذلك إن بدأ فى شن حملات عسكرية طويلة وممتدة فإن ثروات الدولة ستنفد دون جدوى  .

 إذا صدأت أسلحتك ، وانطفأت حماستك ، واضمحلت قوتك ، ونفدت ثروتك، فسينتهز الحكام فى الدول المجاورة هذه الفرصة، ومهما تكن درجة الحكمة فلن يستطيع أحد تفادى العواقب الوخيمة الناتجة عن ذلك ، وكما سمعنا عن الهجوم المتهور ، لم نسمع عن عملية عسكرية ذات خطة ماهرة استمرت طويلا ، فلم توجد أبدا حالة أفادت فيها الحرب الطويلة البلد او الوطن  .