"فاينانشال تايمز": تزامن انعقاد قمم المناخ وآسيان ومجموعة الـ20 يعكس قلق العالم من أوضاع الاقتصاد والبيئة

قمة المناخ
قمة المناخ

 


رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن انعقاد قمة المناخ بشرم الشيخ وقمة رابطة جنوب شرق آسيا "آسيان" في تايلاند وقمة مجموعة العشرين في إندونيسيا في وقت متزامن، يعتبر سابقة لم تحدث من قبل، مضيفة أن هذا يعبر عن عمق الإشكاليات التي يواجها العالم اقتصاديا وتجاريا، وهي إشكاليات مغلفة بهموم البيئة وتدهور المناخ.

اقرأ ايضا:ملحمة «COP 27» تبهر العالم وتؤكد عظمة مصر

وأشارت الصحيفة إلى أن اجتماعات دول آسيان، التي انعقدت مؤخرا، واجتماعات مجموعة العشرين المنعقدة اليوم في بالى، تطرح معا رؤية لقوى العالم الاقتصادية الصاعدة في آسيا في مواجهة قوى العالم الغنية والمتقدمة بشأن قضايا التضخم و الكساد الذي يخيم شبحه على العالم، وذلك بعد انتباهة عالمية ناجحة لضرورة التوحد أمام الخطر المناخي الأعظم الذي بات يهدد العالم، والتي انطلقت من مؤتمر الدول الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) بشرم الشيخ.
وأكدت "فاينانشيال تايمز" أن دول جنوب شرق آسيا قد تكون هي الشريك الاقتصادي الأعظم لجميع أقطاب العالم شرقا وغربا، فهي السوق والتكتل البشرى المنتج الأهم في العالم، والذي تحتاج صداقته كافة الدول الطامحة في التمدد اقتصاديا وسياسيا على خارطة العالم؛ إذ تضم الرابطة 10 دول يبلغ تعداد سكانها 680 مليون نسمة يشكلون سوقا هائلا للتجارة العالمية، كما يعادل إجمالي الناتج الاقتصادي الكلي لدول آسيان نسبة 3.4 في المائة من الناتج المحلي الكلي للعالم، وتشكل صادرات تكتل آسيان نسبة 7.7 في المائة من إجمالى صادرات العالم.
وأضافت الصحيفة أن اقتصاديات دول الآسيان لاتزال حتى الآن بعيدة عن الهزات الاقتصادية الناتجة عن أزمة الطاقة العالمية وارتفاع قيمة الدولار الأمريكي وضعف الطلب القادم من الصين، وقد شهدت دول آسيا نتيجة لذلك نموا في اقتصاديات دولها لا بأس به في وقت تشهد بيئة الاقتصاد العالمي أوضاعا في غاية الصعوبة.

وأشارت إلى تصاعد الدور الذي يلعبه الاختصاصيون في شئون الصناعة والاقتصاد وأهل الخبرة في عالم التمويل والأعمال في منظومة الحكم وإدارة الاقتصاد في دول تجمع آسيان، مضيفة أن تولي أصحاب الخبرة والكفاءات قد عزز من سرعة نمو اقتصاد هذا التكتل وازدهاره وترشيد قراراته وتوجهاته الاقتصادية، ما سيجعل مجموعة دول الآسيان تبقى في مقدمة تكتلات دول العالم الإقليمية التي ستنجو من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة خلال العام المقبل.
ولفتت الصحيفة إلى أن سنغافورة حققت مكاسبا على صعيد صناعة وتجارة الخدمات والتكنولوجيا المتطورة، فكانت الأسرع نموا على مستوى العالم، أما فيتنام وماليزيا فقد كانتا الأسرع خلال الأشهر الماضية في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مشروعات الصناعة في كلا البلدين.
وبالنسبة لإندونيسيا، فقد كانت خلال العامين الماضيين أكبر متلق في العالم لاستثمارات الكيانات الاقتصادية الدولية العملاقة العاملة في قطاعات التعدين والمواد الأولية التعدينية، لاسيما إنتاج معدن النيكل.

وشهد النصف الأول من العام الجاري، صفقات استحواذ وشراء حصص في أصول وأسهم مشروعات عملاقة في تجمع دول الآسيان، إذ اجتذبت دول آسيان نسبة 56 في المائة من إجمالي مدفوعات شراء حصص واستحواذات أصول المشروعات في عموم قارة آسيا.
وكانت إندونيسيا سباقة في هذا الصدد، وبلغت القيمة الإجمالية لمدفوعات الاستحواذات وشراء الحصص في مشروعاتها ضعف ما تلقته الصين خلال النصف الأول من العام الجاري، وكانت جاذبية الصين وإندونيسيا معا لمشتروات المستثمرين في حصص المشروعات عاملا مؤثرا على تدفق أموال المستثمرين إلى باقي مناطق العالم خلال العام الجاري.
كما استطاعت فيتنام منذ عام 2019 بناء شراكات إقليمية تعزز من مكانتها الاقتصادية، فكانت بذلك قوة اقتصادية إضافية لقوة تجمع آسيان، إذ أبرمت اتفاق شراكة حرة مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك اتفاقات مع الصين وشركات كبرى في العالم لبيع منتجاتها بأسعار تفضيلية ورسوم جمركية أقل، ما عزز من وضعية فيتنام في ميزان التجارة لكل من الصين والاتحاد الأوروبي.

كما تسعى سنغافورة من جانبها على نفس النهج الذي سارت عليه فيتنام من خلال التفاوض لإبرام اتفاقات تجارة حرة مع كوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة والصين وتايلاند، وهو تحرك سيعزز من وجهة نظر الخبراء من نفاذ منتجات دول آسيان إلى أسواق آسيا والغرب معا، فيما تعمل تايلاند على تنويع مصادر النقد في اقتصادها من خلال الكف عن اعتبار السياحة هي المصدر الوحيد للعملات الصعبة في البلاد.

وأوضحت "فاينانشيال تايمز" أن دول آسيان، وإن كانت تشكل في مجموعها تكتلا اقتصاديا قويا، فإن هذا لا يمنع من وجود تفاوتات كبيرة على صعيد مستويات معيشة مواطنيها ونصيبهم من النواتج المحلية الكلية لبلدانهم، ففي كمبوديا، على سبيل المثال، بلغ نصيب المواطن من الناتج المحلي الإجمالي لبلاده 1612 دولارا أمريكيا في عام 2021، وهو الرقم الذي بلغ في بلد مثل سنغافورة 64 ألفا و840 دولارا في العام نفسه.