مكاسب «قمة المناخ».. تعهدات ومشروعات واستثمارات بالمليارات

الرئيس يشارك فى مائدة مستديرة حول الاستثمار فى مستقبل الطاقة
الرئيس يشارك فى مائدة مستديرة حول الاستثمار فى مستقبل الطاقة

كتب: شحاتة سلامة

وسط ارتفاع الآمال والطموحات من أجل تحقيق تطور إيجاب في العمل المناخي، والعمل على التوسع في الاقتصاد الأخضر، تتواصل فعاليات مؤتمر قمة المناخ «COP27» بمدينة شرم الشيخ، والتي تنعقد في الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر الجاري، وتسعى لتنفيذ التعهدات الدولية السابقة، وضرورة إلزام الدول المتقدمة بدعم الدول النامية، وتحقيق التوافق حول خارطة طريق بالتزامات الدول الأطراف لتيسير التمويل والتكنولوجيا لتخفيف المخاطر والتكيف.

الرئيس خلال مشاركته في مبادرة تنسيق عمل المناخ

وتسعى مصر التي عززت خلال السنوات الماضية خططها نحو التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ باعتباره يشكل تهديدا وجوديا، إلى تهيئة الأجواء لحث كافة الأطراف على تعزيز الثقة المتبادلة، التي يمكن من خلالها تحقيق النتائج التي تتطلع إليها الشعوب، فيما يتعلق بمواجهة أزمة تغير المناخ وتفادى كوارثه المدمرة.

كما عززت مصر قدراتها في مجال مواجهة التغيرات المناخية من خلال إطلاق «الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050»، التي تركز على عدد من المبادئ من بينها خفض الانبعاثات في مُختلف القطاعات، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام، وتخفيف الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ، وتحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ، وبناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، وتعزيز البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، والبحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة ورفع الوعى لمكافحة التغيرات المناخية، وإصدار السندات الخضراء والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.

وتركزت الفعاليات التي جرت خلال انعقاد القمة على مجموعة من المحاور تعكس أهداف المؤتمر الرئيسية، حيث تضمنت اجتماعات الشق الرئاسي رفيع المستوى، الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بحضور رؤساء الدول والحكومات المشاركين، عقد العديد من الموائد المستديرة، للتركيز على 6 قضايا رئيسية، شملت التحولات العادلة، والأمن الغذائي، والتمويل المبتكر للمناخ والتنمية، والاستثمار في مستقبل الطاقة، والأمن المائي، وتغير المناخ، واستدامة المجتمعات الضعيفة.

ثم انطلقت فعاليات أعمال المؤتمر بحضور الرئيس السيسي، ومشاركة واسعة من جانب وفود أكثر من 190 دولة وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بشئون البيئة والمناخ وممثلي وسائل الإعلام المحلية والدولية، وقد حازت قضيتا التمويل والخسائر والأضرار على مساحات النقاش الرئيسية، وكذا تضمنت البيانات الصادرة عن الدول المُتقدمة، لاسيما الأوروبية، تعهدات خاصة بالالتزام بتقديم إسهامات تمويلية للدول المُتضررة من آثار التغير المناخي.

مبادرات وتعهدات
تعهدت بريطانيا بتقديم مبلغ 200 مليون جنيه إسترلينى إلى نافذة العمل المناخي التابعة لبنك التنمية الأفريقي، وإعلان هولندا مساهمتها في هذه المبادرة، وأشار المستشار الألماني إلى أن بلاده ستخصص 170 مليون دولار لدعم الدول الأكثر عرضة للتأثر بالمناخ.

وألقى الرئيس كلمة حول مبادرة تنسيق عمل المناخ فى الشرق الأوسط وشرق المتوسط، بحضور نيكوس إناستاسيادس، رئيس جمهورية قبرص، أشار فيها إلى حرص مصر على الانضمام لمبادرة تنسيق عمل المناخ في الشرق الأوسط وشرق المتوسط منذ إطلاقها للمرة الأولى في ٢٠١٩، إيمانًا منها بأهمية الدور الذى يمكن لهذه المبادرة أن تقوم به في إطار تنسيق سياسات مواجهة تغير المناخ بين الدول أعضاء المبادرة، بما يساهم فى تعزيز عمل المناخ وجهود التغلب على آثاره السلبية في محيطنا الإقليمي.

ومن أهم المبادرات الجديدة التي أطلقتها قمة المناخ، مبادرة أسواق الكربون الأفريقية الجديدة ACMI بالتعاون مع التحالف العالمي للطاقة من أجل الناس والكوكب والطاقة المستدامة للجميع ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، بدعم من أبطال الأمم المتحدة رفيعي المستوى لتغير المناخ، وتهدف إلى دعم نمو إنتاج ائتمان الكربون وخلق فرص عمل في أفريقيا، وتتناول المبادرة إنتاج 300 مليون رصيد كربون سنويًا بحلول 2030، و1.5 مليار ائتمان سنويًا بحلول عام 2050، ودعم 30 مليون وظيفة بحلول 2030، وأكثر من 110 ملايين وظيفة بحلول 2050، مع توزيع الإيرادات بشكل عادل وشفاف على المجتمعات المحلية، وانضمت دول أفريقية متعددة إلى المبادرة للإعلان عن التزامها بتوسيع أسواق الكربون الطوعية.

اقرأ أيضًا.. وزير الري يشارك في جلسة توصيات الأمن المائي بقمة المناخ

الرئيس مع الشيخ محمد بن زايد عقب التوقيع على الاتفاقية

الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الأمير محمد بن سلمان

مشاركة عربية
وكان للدول العربية مشاركة فعالة في مؤتمر قمة المناخ، حيث تم طرح بعض المبادرات على المستوى المحلى والدولي، وكان للإمارات المشاركة الأكبر على الإطلاق بوفد بقيادة الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، ويضم 4 وزراء، وأكثر من 70 جهة ممثلة لبعض الوزارات والجهات شبه الحكومية وشركات القطاع الخاص، والمنظمات متعددة الأطراف والمنظمات الحكومية، بينما شاركت المملكة العربية السعودية بوفد يترأسه ولى العهد السعودى رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، و6 وزراء، إلى جانب مبعوث المناخ، يتقدمهم وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان.

وأعلن ولى العهد السعودي، استعداد بلاده لاستضافة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، ودعمها بـ2.5 مليار دولار في السنوات الـ10 المقبلة، مؤكدًا استهداف صندوق الاستثمارات العامة للوصول للحياد الصفري لانبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بحلول 2050 من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون ليكون من أوائل صناديق الثروة السيادية عالميًا، والأول في منطقة الشرق الأوسط، في استهداف الوصول للحياد الصفري بحلول 2050، ما يعزز دور الصندوق كلاعب رئيسي في جهود مواجهة تحديات المناخ. 

بينما أكد الشيخ محمد بن زايد، رئيس الإمارات، مواصلة التركيز في الإمارات على خفض الانبعاثات في قطاع النفط والطاقة، معربًا عن شكره لمصر، والأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ، على تنظيم الدورة 27 من مؤتمر الأطراف، وشدد على أن الإمارات أطلقت شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة لاستثمار 100 مليار دولار في إنتاج الطاقة النظيفة، مشيراً إلى أن العالم يواجه تحديات معقدة، ومن بينها تغير المناخ الذى أصبح يؤثر على الأمن والاستقرار.

طاقة الرياح
وشهد الرئيس السيسي، والشيخ محمد بن زايد، توقيع اتفاقية لإنشاء أحد أكبر مشاريع طاقة الرياح في مصر بقدرة 10 جيجاوات، وجرى توقيع الاتفاقية بين شركة «إنفينيتى باور»، الشركة الرائدة عالميا في مجال الطاقة المتجددة، و«إنفينتى إنرجى»، المطور الرئيسي لمشاريع الطاقة المتجددة في مصر، وشركة «حسن علام للمرافق» والحكومة المصرية، ووقع الاتفاقية، الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي رئيس مجلس إدارة «مصدر»، والدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة.
وتعهدت مجموعة التنسيق العربية، خلال القمة، بتقديم تمويل مُشترك بمبلغ تراكمي يبلغ 24 مليار دولار بحلول 2030 للتصدي لأزمة المناخ، بهدف إيجاد حلول منسقة وفعالة للتمويل التنموي.

الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء النرويجي قبيل تدشين مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر

مشروعات واستثمارات
ودشن الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظــيره النرويجي، أول مشـروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وإطلاق المنتدى العالمي للهيدروجين المُتجدد كمنصة لشركاء المصلحة من منتجين ومستهلكين بالدول المتقدمة والنامية.

وشهد المؤتمر توقيع اتفاقيات لتنفيذ مشروعات باستثمارات تفوق الـ15 مليار دولار، وبدأت البورصة المصرية أولى خطوات إنشاء أول سوق لتداول شهادات الكربون، لتحفيز الشركات على خفض انبعاثات الكربون، وتبنى خطط مُستدامة للحد من تلوث الهواء، وفى الوقت نفسه تشجيع الاستثمار الأخضر، وتنويع الخيارات الاستثمارية أمام المستثمرين، وستعمل إدارة البورصة خلال الفترة المُقبلة على إنشاء المنصة لتصبح جاهزة خلال 6 شهور.

سكاتك النرويجية
وألقى الرئيس كلمة خلال تدشين المرحلة الأولى من مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر الخاص بشركة سكاتك النرويجية، على هامش انعقاد القمة، أكد فيها أن مصر اتخذت العديـد مـن الإجـراءات لتعزيـز الاستفادة من الإمكانيات الهائلـة مـن الطاقات المتجددة التي تمتلكهـا وذلـك مـن خـلال تشجيع القطـاع الخـاص علـى الاستثمار فـي مجـال إنشاء وتملـك وتشغيل محطات إنتـاج وبيـع الكهرباء المنتجـة مـن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما تحرص الدولة المصرية على تذليل أية عقبات معوقة لتلك الاستثمارات ووضع خارطة طريق لزيادة نسبة تلك الاستثمارات خلال السنوات المقبلة.

الهيدروجين المُتجدد
وألقى الرئيس السيسي، كلمة خلال المائدة المستديرة «الاستثمار في مستقبل الطاقة: الهيدروجين الأخضر» بحضور المستشار أولاف شولتز، المستشار الاتحادي لألمانيا الاتحادية، أشار فيها إلى أن مصر كانت من أولى الدول التي أدركت مبكرًا الفرص المتاحة في هذا المجال، استنادًا إلى إمكاناتها الهائلة في إنتاج الطاقة النظيفة التي ستمكنها من التحول إلى مركز عالمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر على المديين المتوسط والبعيد.

وأعلن الرئيس السيسي، ورئيس وزراء بلجيكا، ألكسندر دي كرو، إطلاق «المنتدى العالمي للهيدروجين المُتجدد» خلال المائدة المستديرة، وقد رحب رؤساء الدول والحكومات وممثلو مختلف المؤسسات والهيئات الدولية والقطاع الخاص المشاركين فى المائدة المستديرة بإطلاق المبادرة، وأثنى الحضور على جميع الجهود المبذولة لتطوير المنظومة الكاملة للهيدروجين الأخضر حول العالم.

وكانت مصر قد أكدت في بيان مشترك مع الاتحاد الأوروبي عزمها على مكافحة تغير المناخ والتدهور البيئي، وتعزيز التنمية المستدامة وأمن الطاقة وتحقيق الانتقال الأخضر المتوازن والعادل، وأكدت مصر والاتحاد الأوروبي التزامهما بتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ والحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة في حدود 1.5 درجة مئوية، من خلال تسريع الانتقال العادل للطاقة من خلال التوسع في الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة.