المدير الإقليمي لمؤسسة «دروسوس» السويسرية: مصر دولة محورية في العالم العربي

د.وسام البيه
د.وسام البيه

لا يعرف الكثيرون أن هناك العديد من المشروعات المهمة فى بلادنا تقوم على تمويلها والتخطيط لها مؤسسات دولية بالتعاون مع المجتمع المدنى والأجهزة التنفيذية للدولة منها المشروع القومى للدراجات ومكافحة تلوث النيل وإعادة تدوير المخلفات وتنمية مهارات الشباب والتمكين الاقتصادى للمرأة .

 الدكتورة وسام البيه إحدى الشخصيات النسائية الوطنية المشرفة والتى تمتلك خبرات كبيرة، حيث عملت سابقًا كممثلة لدى برنامج الأمم المتحدة المشترك فى مصر وعملت باليونيسيف رئيساً لإدارة الصندوق العالمى فى الصومال بالإضافة لكونها مديرة البرامج السابقة فى مؤسسة «كير» الدولية وهى كذلك طبيبة نالت الدكتوراه فى الطب وماجستير فى إدارة نظم الرعاية الصحية من كلية لندن للصحة والطب الاستوائى، ولديها 25 عامًا من الخبرة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال وشرق أفريقيا وكذلك الولايات المتحدة فى مجالات الصحة والتعليم ومشروعات ريادة الأعمال والتمكين الاقتصادى.. د.  وسام البيه تقود حاليا المكتب الإقليمى لواحدة من أكبر المؤسسات التنموية فى مصر وهى «دروسوس» وهى مؤسسة سويسرية خاصة غير هادفة للربح والتى تساهم فى عدد كبير من المشروعات التنموية فى مختلف محافظات مصر.

فى البداية سألتها: تعملون فى 8 بلدان فقط حول العالم لماذا مصر من بين تلك الدول؟
مصر دولة محورية فى العالم العربى ولديها تحديات كبيرة ورغبة حقيقية فى التقدم وهو أمر ملموس دوليا لذلك نعمل من خلال المؤسسة على دعم مشاريع متسقة مع الأهداف التنموية فى الدولة فى مجالات دفع عجلة التطور الاقتصادى والتركيز على تمويل المشاريع والتأهيل المهنى وخلق فرص عمل.

وتمويل المشاريع الصغيرة ودعم المؤسسات الاجتماعية والشركات الناشئة التى لها أهداف اجتماعية وتشمل المجموعات المستهدفة من الدعم الفئات المحرومة، وخاصة أصحاب الاحتياجات الخاصة، النساء المعيلات والمسئولات عن أسرة أو صغار المزارعين فى المناطق الريفية.

وقد قمنا منذ بداية عملنا فى مصر عام 2005 بدعم ما يقرب من ١٢٨ مشروعاً حيويا مختلفا فى مناطق مختارة بعدة محافظات وفى مجالات متعددة.


دراجات القاهرة «كايرو بايك» من أهم المشروعات التى عملت دروسوس مؤخرا على تمويلها مع برنامج تابع للأمم المتحدة... ما دوركم فى المشروع؟
نكثف عملنا مع شركاء التنمية والحكومة المصرية لدعم مبادراتها لذلك عملنا مع الشركاء على تمويل أول مشروع «كايرو بايك» لركوب الدراجات وقد أطلقنا بحضور رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى فى أكتوبر الماضى المرحلة الأولى من مشروع كايرو بايك» وهو أول منظومة عامة لـ «الدراجات التشاركية» فى مصر، الذى يتم تنفيذه بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ومؤسسة «دروسوس».


ما أهدافكم من المشروع؟
المشروع من شأنه إحداث نقلة عصرية فى وسائل النقل، مما يسهل تنقل الشباب بصفة خاصة بطريقة سريعة واقتصادية وصديقة للبيئة خاصة بعد اكتمال جميع مراحله، مما يؤدى إلى تحسين نوعية الهواء وجودة الحياة.

ويحقق تجربة فريدة من نوعها للمواطنين والمشروع يتضمن توريد وتركيب وتشغيل وصيانة نظام مشاركة الدراجات، ويشمل 45 محطة و500 دراجة. المرحلة الأولى تضم 250 دراجة موزعة على 25 محطة تربط وسط القاهرة والمناطق المجاورة، فيما تستكمل المرحلة الثانية خلال الشهور المقبلة.


ماذا عن دعم مبادرات تقليل التلوث فى مياه نهر النيل؟
قمنا بدعم مبادرة «فيرى نايل» التى انطلقت من مختبر الابتكار والاستدامة بقيادة المؤسسة الاجتماعية الشابة «بسيطة». وأثرت مبادرة فيرى نايل اقتصاديا على 220 شخصا فى جزيرة القرصاية جنوب القاهرة وذلك من خلال خلقها لفرص عمل عن طريق جمع المخلفات الملقاة فى النيل وفرزها ثم ضغطها لتصنيع منتجات جديدة.

ويشمل ذلك 40 صيادا يتم تعويضهم ماليا مقابل كل كيلو جرام من القمامة التى يتم جمعها بواسطتهم كما يضم المشروع 9 نساء يعملن فى ورش إعادة التدوير. يهدف المشروع إلى زيادة هذا التأثير من خلال بناء القدرة على تنظيم المشاريع لأكثر من 50 سيدة وشابا ودعم ما لا يقل عن 15 مشروعا صغيرا صديقا للبيئة، كما نهدف إلى دعم الابتكار والتفكير الإبداعى لأكثر من 500 طالب وتوفير مصادر دخل مستدامة لأكثر من 80 عضوا إضافيا فى مجتمع الصيادين.

وقد صادقت وزارة البيئة بالفعل على هذه المبادرة. كما يركز المشروع أيضا على تمكين مبادرة فيرى نايل من التوسع وضمان استدامتها التنظيمية والمالية لكى تصبح كيانا مستقلا فى المستقبل.


ما دوركم فى تأسيس منظومة بيئية متكاملة لريادة الأعمال فى مصر؟
بالشراكة مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة قمنا بدعم 24 شركة إبداعية مصرية لتنمو و تتوسع، مدعومة ببرنامج جديد تديره حاضنة الأعمال فى الجامعة الأمريكية، والأولى من نوعها فى مصر. ويعمل رواد الأعمال تحت إشراف أعضاء هيئة التدريس فى الجامعة ويستخدمون المرافق والمعامل المختلفة التى تتيحها الجامعة لاختبار منتجاتهم قبل الذهاب إلى السوق، 8 جامعات محلية.

تعمل بشكل وثيق مع الجامعة الأمريكية لتطوير خدمات ريادة الأعمال لشريحة واسعة من الطلاب. من خلال أبحاث ميدانية يتيح المشروع بيانات حول مناخ ريادة الأعمال فى مصر ويتم مقارنتها بالمعايير الدولية.

ويشارك العديد من أصحاب المصلحة فى حوارات تشاركية حول الإطار التنظيمى والسياسى لريادة الأعمال فى مصر ويعملون معا لتقديم مقترحات عملية لتطوير منظومة ريادة الأعمال البيئية فى مصر.


 دعم المرأة وتطوير قدراتها من بين أهدافكم كيف تعملون على التمكين الاقتصادى للمرأة؟
هناك بروتوكولات تعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى لدعم المرأة فى مشروع «حياة كريمة» بالمحافظات، كما لدينا مشروع تربية دواجن للشابات الذى ندعمه لتحسين سبل عيش 500 شابة (معظمهن معيلات للأسر) فى أسوان، من خلال تسهيل وصولهن إلى الخدمات المالية و توفير التدريب. خاصة أنه مع ازدياد قسوة الطقس توقفت الشابات عن تربية الدواجن بسبب ارتفاع معدل النفوق.

وقد أدى المشروع إلى خلق 452 وظيفة إضافية بدوام كامل ولدينا مبادرة تحمل اسم «كنداكا» هى شركة مجتمعية تمتلك رسالة مزدوجة، فهى تهدف إلى التمكين الاقتصادى للمرأة المهمشة فى مدينة بدر و تعمل بالتوازى على إعادة تدوير المخلفات إلى منتجات عملية لتمنحها فرصة ثانية للاستفادة منها مرة أخرى.


«شباب على الطريق» يعد من المشروعات المهمة التى تعملون عليها... ما دوركم فى تلك المبادرة؟
بدأنا المشروع فى منطقة المعصرة وهى منطقة صناعية وعمالية فى حلوان على أطراف محافظة القاهرة تفتقر إلى الأنشطة التى تساهم فى تطوير المهارات الحياتية للأطفال والشباب وتنمية شخصياتهم والعلاقات المجتمعية السوية. كما تفتقر المدارس بالمنطقة إلى الأنشطة غير المدرسية مما يقلل من فرص تطوير المهارات الحياتية اللازمة للنجاح فى الحياة لدى الأطفال والشباب.

ولذلك تعمل المؤسسة الشريكة بالتعاون مع مركز شباب المعصرة من أجل خلق مساحة آمنة وبرنامج عمل ومنهجية تستهدف 150 طفلا و 350 شابا بغرض تعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على التعبير عن الذات وحب العلم والتعلم ونعمل فى المستقبل على تطوير المبادرة لتشمل مناطق أخرى ولدينا مبادرة أخرى ندعمها فى محافظة الجيزة منها إمبابة وبشتيل، حيث يتم اصطحاب الأطفال فى أكثر من مرحلة.

ويقومون باكتشاف ذاتهم وبتقوية مهاراتهم الاجتماعية ومن ثم تعزيز مفهومهم لدورهم فى النهوض بالمجتمع. كما ستقوم مؤسستان من مؤسسات المجتمع المحلى بتنفيذ البرنامج ما بعد انتهاء المشروع وذلك نتيجة لبناء القدرات المكثف والدعم الفنى وبالتالى يتم تعزيز الاستمرارية للمشروع مع الشريك وهى مؤسسة الثقافة و التعليم للطفل والأسرة.


مشروع الطماطم المجففة فى قنا والأقصر وفلاحون متساوون فى الفيوم... ما طبيعة تلك المشروعات؟
يهدف مشروع الطماطم المجففة فى قنا والأقصر إلى دعم صغار المزارعين فى المناطق الريفية بالتعاون مع مؤسسة كير مصر لبناء القدرات الفنية والمؤسسية للشركاء الذين يستخدمون نهج المؤسسات القروية للادخار والائتمان بهذا المشروع.

ويتم تدريب المزارعين على تحسين جودة منتجات الطماطم المجففة من خلال تطبيق الممارسات الزراعية النظيفة، والوصول إلى أسواق جديدة والاتصال مباشرة مع المصدرين مع تقليل الوسطاء.

ويتم ربط المزارعين بالمشترين من خلال التعاون مع شركة القطاع الخاص التى تنتج الطماطم المجففة كصاحب مصلحة رئيسى فى سلسلة القيمة لدعم قابلية التوسع والوصول إلى أسواق التصدير وفى الفيوم يتم دعم جمعية تنمية الزراعات العضوية (فاودا) مع صغار المزارعين لزيادة دخلهم من خلال تنظيمهم فى سلاسل قيمة عادلة.

ويقوم المزارعون بالعمل معا بشكل جماعى للتغلب على مشكلة تفتيت الرقعة الزراعية، وخفض نفقاتهم الزراعية ليكون لديهم قدرة أكبر على تصدير كميات كبيرة من خلال سلسلة أقصر من الوسطاء.

وستقوم (فاودا) بإنشاء مركز للخدمات الزراعية تتم إدارته بالاشتراك مع المزارعين، حيث يمكنهم الوصول الى أفضل الممارسات الزراعية والبنية التحتية والمعلوماتية. الهدف النهائى لصغار المزارعين هو الحصول على عائد عادل مقارنة بالجهد المبذول.


ما المبادرات التى تعملون عليها فى الصعيد أيضا؟
لدينا فى محافظة قنا مؤسسة نداء وهى نموذج تحويلى للتمكين الاقتصادى والاجتماعى للمجتمعات الريفية. بعد الإطلاق الناجح لمجموعة الأعمال الخشبية وخلق منتجات حرفية فريدة من قبل النساء، تكسب 120 عاملة دخلاً لائقاً وتلتزم بمبادئ التجارة العادلة.

وما يقرب من ربع هؤلاء النساء يتقدمن إلى مناصب إدارية. تتيح العلامة التجارية للإكسسوارات والأثاث الخشبى الحرفى الوصول إلى الأسواق المحلية والدولية لتوليد إيرادات لدعم الأنشطة وتوسيع تدريب وتوظيف النساء.


ما خططكم المستقبلية فى مصر؟
ستعمل مؤسسة دروسوس فى المستقبل بشكل متزايد على دعم الاستقلال الاقتصادى وتعزيز تنفيذ أفكار المشاريع الاجتماعية. علاوة على ذلك، سوف تركز المؤسسة على مشاريع دعم الابتكار والإبداع لدى الفتيات والفتيان. كما سندعم المشاريع التى تشكل جسرا بين المجالين لدعم الابتكار فى القطاع الاقتصادى.

 

اقرأ ايضا | التضامن توقع بروتوكول تعاون مع مدرسة ابتكار خانة بتمويل مؤسسة دروسوس لدعم قرى