أميمة كمال تكتب: التاريخ حين يكتبه رجال الأعمال

أميمة كمال
أميمة كمال

عندما كنت أطالع الصفحات الأخيرة من «مذكرات رءوف غبور»، كانت المواقع تُعلن وفاته. شعرت بأن رجل الأعمال الأشهر كان يودع الحياة، ويأبى أن يتركها قبل أن يكتب وصيته. قرأ مذكرات لشخصيات سياسية، ودبلوماسية، ولكنه لم يعثر على قصص الرموز الاقتصادية، فكانت مذكراته، التى حكى فيها تفاصيل صعوده، وكيف خرج بشركاته من الإفلاس، إلى واحدة من القلاع الصناعية والمالية، على حد وصفه.

وبعيدا عن البيزنس، لفت انتباهى أنه لم يخف الكثير، مما يحرص غيره على عدم البوح به. ينصح رجال الأعمال، بعدم الاشتغال بالسياسة. بينما تنغرس أقدامه فى أشواكها رغما عنه.. وجد نفسه وجها لوجه، فى منافسة مع عدى ابن الرئيس صدام حسين . والذى كان المسئول عن استيراد شاحنات مرسيدس للعراق. بينما كان غبور وكيلا لفولفو، ويشاركه ابن صدام من زوجته الثانية.

ويحصل على مستحقاته من عقود «النفط مقابل الغذاء» .وعندما توقفت الأمم المتحدة عن التمويل، اقترح عليه وزير التجارة العراقى، أن يحصل مقابل أمواله على كوبونات بترول. ويقوم بتهريبها، وبيعها لأولاد القيادات بإيران. ولكنه رفض العرض. وعندما تم تعيينه بالمجلس الرئاسى المصرى الأمريكى، طلب منه نائب الرئيس العراقى، أن يتوسط لدى الجانب الأمريكى، مستغلا علاقته الطيبة بليز تشينى ابنة نائب الرئيس الأمريكى. من أجل التوقيع على اتفاقيات تجارية بين البلدين (20 مليار دولار)،  مقابل عمولة لغبور.

وراح يتصور أن عمولته ربما تصل إلى مليار. وما كان منه إلا أن قدم العرض للسفير الأمريكى بالقاهرة. الذى أجابه بأن هناك قائمة تضم 52 قيادة عراقية، لابد أن يتركوا البلاد، وإلا سنقاتلهم. وهو ما حدث . ولم يخجل أن يروى أنه لم يكن عنده خبرة بصناعة السيارات فى التسعينيات، عندما سعى للعقل المفكر فى شركة النصر للسيارات (قطاع عام) وهو المهندس جورج عبد الملاك. وطلب منه أن ينضم لفريقه .

ويعترف بأنه أسس المصنع بشكل مثالى، ودخل بفضله صناعة السيارات، وقبلها عندما دخل السجن فى 1991، لستة أشهر، قبل تبرئته، من تهمة رشوة أحد المسئولين. كلف أحد العاملين بدفع 20 ألف جنيه للسجين أحمد الريان، لكى يقدمها لمسئول، نظير تخصيص غرفة له، داخل مستشفى السجن، ليقضى مدته بهدوء.. وما أعجبنى بحق مقولته لزكريا عزمى «لن يختفى من مصر هرم خوفو، ولاغبور».