..بدأت الحكاية فى 2011 وقتها كنت ابلغ من العمر 18 عاما، أتذكر جيدًا كنت فى الثانوية العامة، ولكن حدث التغير السريع و المفاجئ والذى لم يتوقعه الكثير من أبناء هذا الجيل، حالة من الدهشة مما يحدث حولنا، أحداث العنف داخل بعض الميادين، لدرجة أننا كجيل التسعينيات وتحديدًا مواليد 1993، أطلقنا على أنفسنا الجيل المنحوس، فالبداية كانت عودة الصف السادس الابتدائي وتفاصيل كثيرة مرت علينا، وبمجرد وصولنا للثانوية العامة اندلعت أحداث يناير فالفوضى والعنف واحيانًا البلطجة كانت الحال السائد، نشعر بالانفلات الأمني ونسمع عن الهجوم على مولات تجارية شهيرة وسرقة البضائع من المحلات، تحذيرات شديدة اللهجة من الآباء والأمهات، يريدون حبسنا داخل المنازل.. والسبب الخوف علينا، ولكن بطبيعة السن نرفض ما يحدث، وبطريقة ما أو بأخرى ننطلق للشوارع لنشاهد ما يحدث، وكطلاب الثانوية العامة والعادة السائدة نتجمع على «القهوة» نتحدث عما يدور ونكتشف أن أحد الأصدقاء لم يستطع الهروب من المنزل، ووقتها قررنا التواجد داخل الميدان ككثير من الشباب، لما لا فنحن لا ننكر أننا طلاب بالثانوية ومازلنا نحصل على المال من آبائنا بمسماه السخيف «المصروف»، هناك من انفعل وهناك من يريد فهم ما يحدث حوله، وكنت مع هؤلاء الذين يريدون الفهم وتكوين صورة أقرب للحقيقة في ظل ظروف لم تكن الحقيقة فيها واضحة، فالشائعات والأقنعة المزيفة كانت عنوان تلك المرحلة، ولكن ما اتذكره جيداً شعور الخوف ولا ابالغ أن وصفته بالرعب الذي تملكنا، وكان هذا اثناء العودة من الميدان .. الشوارع خاوية واللجان الشعبية مسيطرة، هناك من يحافظ وهناك من يحاول فرض السيطرة على شباب صغير، استمرت حالة الخوف لفترة طويلة ليشاء القدر أن أحقق حلم طفولتى وأن التحق بالجامعة وادرس الأعلام، والحظ ابتسم لي أكثر عندما التحقت بجريدتى «أخبار الحوادث» بمجرد الانتهاء من العام الأول، لأشارك فى التغطيات الصحفية، وكنت شاهدا عيانا على ما يدور فى الشارع، تلك المرحلة المضطربة، جاءت الجماعة الفاشية وجاء معها الخراب والعنف وزاد معها الخوف لاحظته فى عيون الكثير بالشوارع والميادين، لتمر الأيام الصعبة ويجسد فيها رجال الوطن المخلصين تضحياتهم والعبور بالوطن، وبعد نضال الشعب ضد الفاشية جاءت 30 يونيو لينتهى الظلام وتشرق شمس الأمان .
تزوجت ورزقنى الله بأجمل هديه «ابنتى»، وأصبحت أسير فى الشوارع والميادين بجانبي زوجتى وأحمل ابنتى، ولا أعرف معنى الخوف .
فبالرغم من أننى كنت مسئولا عن نفسي فقط فى الماضى كان الخوف معي، الآن أعيش ومسئول عن زوجة وطفلة ولكن نسيت معنى الخوف .. عرفت الأمان الحقيقي ومعنى كلمة وطن أمن .. عرفت ما يحدث وما يدور وما يبذله رجال الأمن ليعيش المصريين فى أمان .