عبد الهادي عباس يكتب: تثوير الضمير المقموع!

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

كتب - عبد الهادي عباس

إننا بالفعل نحتاج إلى ثورة، بل ثورات متتابعة، ليس على الأرض، فقد عشنا مآسيها وجُلدنا من سياطها، ولا تزال جلودنا وجيوبنا تئن من مواجعها حتى الآن؛ ولكننا نحتاج إلى ثورات في الضمير الوطني، نحتاج إلى الإبصار بملء جفوننا: كيف كنا وكيف أصبحنا، وهل نسير في الطريق أم لا؛ نحتاج إلى مساءلة ضمائرنا عن كل هذه الإنجازات التي قدّمتها الدولة، وقدّمها الرئيس السيسي بشخصه وخبراته ووطنيته إلى الوطن، لأن الغفلة والتغافل عن تلك الإنجازات بداية الجهل، والجهل بدوره يفتح الباب واسعًا أمام الظنون، وهو ما يؤدي إلى الامتعاض، أو في أبسط الأحوال إلى خلق شخصيات لا مكترثة، تائهة، متعفنة في غيابات الوهم، ترزح تحت تبلد بهائمي في العقول والأفهام قبل النواصي والأقدام، تعيش يومها دونما شعور بمحيط وطن كامل يتطلع إلى الحياة، إلى الانعتاق من أسر بطحات اجتماعية واقتصادية شديدة التعقيد، وطن له ماض عريق وحاضر يُعافر ومستقبل مُبشر.

لا أشك أبدًا أن دعوات التخريب التي يُنادي بها الخرفان وأذنابهم ستلاقي آذانا صُمًّا ولن تجد أي صدى حقيقي داخل مجتمع يرى بعينيه مشروعات لم تحدث منذ قرون؛ يرى أحياء كاملة من العشوائيات وقد تحوّلت إلى مساكن آدمية بمساحات خضراء، يرى آلاف القرى وقد خرج باطنها لتنفيذ مشروعات الصرف الصحي والغاز الطبيعي وتبطين الترع لتحقيق حياة كريمة.. هكذا كنا وهكذا ننتظر أن نكون، وطبيعي جدا أن يتحمل الشعب فوق طاقته، أن يئنّ سنوات ليحيا أبناؤه بصورة تليق به، إنه خيارنا المستقبلي الذي لا محيص عنه؛ فعلت هذا الهند وباكستان وإندونسيا وكوريا، وعشرات الدول الأخرى التي أصبحت نمورًا محلّقة في سماء التقدم، بل وتفعل هذا معظم الدول الخليجية التي تجري فيها أنهار الذهب الأسود، الجميع يضغط نفسه ليمرّ من الأزمة.   

العالم كله يجتمع الآن على المائدة المصرية بشرم الشيخ، يأكل من خيراتها، ويشتمّ هواءها النظيف، ويرى طبيعتها الغنّاء النقية، ويُشاهد آثارها العريقة، ويرى خطواتها الواضحة على أرض المستقبل؛ ويشهد لها كبار السياسيين والصحفيين والمحللين في الصحف والمواقع والإذاعات والفضائيات العالمية؛ كل هذا يحدث ولكننا لا نهتم به، بل ونرفض الاعتراف بأهميته لاقتصادنا وسياحتنا، ونركز على دعوات الكُره والرفض والفوضى والتخريب المجنونة، والمدعومة، لأن ضمائرنا مقموعة عن الإفصاح والاعتراف بالخير والحق والجمال، إنها موجهة لترى القُبح فقط، موجهة للاعتراض على أي شيء وكل شيء، تخشى الاتهام بنفاق السلطة، فهي من خوف النفاق في نفاق؛ تُدافع عن الباطل الإخواني بسكوتها عن الحق؛ تدافع عن أناس دمّروا الوطن وقتلوا أبناءه وقاموا بتهريب ملايين الدولارات إلى الخارج فهدموا اقتصاده، ولا يزالون يسعون بكل قوةٍ للنيل منه.

الحياد جريمة مُكتملة الأركان واضحة المسالك؛ ولا حياد في محبة الوطن، والضمير اليقظ يشهد بما فعله الرئيس السيسي- ولا يزال- من أجل رفعة هذا الوطن والقفز به إلى الأمام في شتى المناحي؛ أما تخويف الزملاء الصحفيين باتهامات التطبيل ونفاق السلطة فهي خدعة الصبي عن الفطام لاستدراج أكبر عدد منهم إلى هذا المنزلق الآسن، وإن كنتُ أثق في قدرة هذا الشعب العريق على جلو الصدأ القليل الذي لا يزال يرين على عقولٍ لا تُصدّق ما ترى وتثق في الخيالات الحمقاء!