إذا اختلفت آراء العلماء هل يجوز اختيار ما يناسبني منها؟.. علي جمعة يحذر

الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق
الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق

إذا اختلفت آراء العلماء.. هل يجوز لي اختيار ما يناسبني أم أن ذلك تحايل على الشرع ؟.. سؤال يجيب عليه الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.

 

وأوضح «جمعة» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، في إجابته عن السؤال أن السائل قد ارتكب خطأ في البداية عندما بحث عن الفتاوى على الإنترنت.

 

وتابع: الاختيار الفقهي من شأن العالم وليس من شأن العوام، لأن الاختيار الفقهي مسألة صعبة لها أصول وقواعد ، فلابد أن يقوم بها من يفهم أصولها ويتبع قواعدها وليست لكل أحد، فالعامي مذهبه مذهب مفتيه، فعلى الإنسان أن يسأل مفتيًا ويسير خلفه، وللشيخ أن يختار المذهب ، لأنه يعرف القواعد، لذا لا يجوز للعوام الاختيار بين المذاهب في الفتوى.

 

وأشار إلى أن الناس على قسمين إما أن يكون عاميًا أو طالب علم، وإما أن يكون عالمًا أو مجتهدًا، فإذا كان عالمًا ولم يصل بعد إلى حد الاجتهاد فإن له الاختيار الفقهي ويفتي بهذا الاختيار أما العامي أو طالب العلم فمذهبه هو مذهب مفتيه حتى ولو تغيرت آرائهم، فإذا كان الشخص كان مع شيخ ثم انتقل إلى رحمة الله تعالى، فسار مع شيخ آخر فقال لها فتاوى أخرى، فالأول على ما كان والثاني على ما كان، فيقول سيدنا عمر -رضي الله تعالى عنه-: (فهذا على ما قضينا وهذا على ما قضينا) .

 

ونبه إلى أن العلماء تحدثوا في أدب المستفتي وقالوا: أنه إذا استفتي عالمًا لا يستفتي آخر ويكتفى بذلك؛ لأن العامي لا مذهب له، ومذهبه مذهب مفتيه"، أما أن يسأل أكثر من عالم وينتقل بينهم، فهذا خطأ؛ لأنه سيضطرب لعدم امتلاكه قواعد الاختيار الفقهي، ولا مُكنة للترجيح بين الآراء، ولا مُكنة للنظر إلى الدليل، لذلك لا يسأل إلا عالمًا واحدًا، مازحًا: “ اجعلها في رقبة عالم واطلع انت منها سالم”.

 

وأكد أن تقليد أحد الأحبار من أهل المذاهب الكبرى جائز باتفاق علماء الأمة، فالمفتي له في عصرنا أن يتخير بين المذاهب المختلفة بما علمه الله، وجعله يدرك الضوابط الشرعية للاختيار الفقهي، والتي كانت تسمى في أصول الفقه قديمًا بالتلفيق، ولها شروط، منوهًا بأن الاختيار الفقهي يُراعي فيه مصالح الناس، حتي لا تقر الفتوى بظروف عصرنا على الديانة بالبطلان، وحتي لا تصور الإسلام تصويرا مُشوهًَا.

 

ولفت إلى أن كل ذلك يتيح الانتقال من المذهب الذي قد اعمل به في خاصة نفسي عندما اسُأل من الأمة بالاختيار الفقهي؛ فانتقل من مذهب إلى آخر، وهناك حالة ثالثة وهي شيوع ذلك من غير طلب من المستفتي في السماء المفتوحة من الفضائيات والانترنت، فيستمع إلى موعظة في الدين؛ فيرأى رأيا فقهيا، ويستمع إلى موعظة أخرى؛ فيرأى رأيا آخر دون أن يكون له سعى فى  التردد والإنتقال من عالم إلى عالم، أو من مذهب إلى مذهب، من هنا فعلى المستفتى أن  يعلم الضوابط الثلاثة التي وضعها العلماء في كتبهم منهم الإمام السيوطي في قواعده المسمى بـ " الاشباه والنظائر"، ومنهم : الإمام البيوري شيخ الإسلام في حاشيته " ابن القاسم على شرح أبي شجاع"، وتتخلص في أنه ينكر المتفق عليه، ولا ينكر المختلف فيه.

 

وأفاد بأنه إذا كان  الأمر متفقا عليه بين المسلمين كحرمة الخمر ووجوب حجاب المرأة ونحو ذلك ممن اتفق عليه الشرق والغرب والسلف والخلف بكل طوائف المسلمين وفرقهم على مر التاريخ حتي صار ذلك معلوما من الدين بالضروة؛ فلا يجوز الخروج عنه، أما لو حدث خلاف بين الأئمة المجتهدين كنحو قراءة البسملة في الفاتحة أو عدمه، أو الجهر بها من عدمه وغيرها مما يختلف فيها؛ فيجوز هنا لم يقلد من يشاء، حتي لو سمع اختلافًا في الفتاوى، ولا يجوز الانكار على المفتى؛ لأنه لا ينكر المختلف فيه، والاحتياط مستحسن عند الخلاف، موصيًا بألا ننتقل بالفتوى بين العلماء بل نجعل من نثق فيه في ديننا هو مصدر فتوانا، و على المفتى أن يتخير للناس ما هو صالح، و من وقع في حيرة الخلاف بين العلماء، فليعلم ثلاثة امور؛ الأولى: أنه لا ينكر المختلف فيه، الثانية: أنه من ابتلي بشيء من مختلف فيه يقلد من يشاء، الثالثة: أن الاحتياط مستحسن في المذهب، أما الاحتياط في المحل واجب.

 

 

إقرأ أيضا|أسامة الأزهري يحذر من كتب وبرامج الإعجاز العلمي في القرآن: تؤدي للإلحاد