أحمد الجمَّال يكتب: تقنين «السناتر» والمعلم

أحمد الجمَّال
أحمد الجمَّال

بقلم: أحمد الجمَّال

تعوَّدتُ ألا أحكم على أى تجربة بالنجاح أو الفشل إلا بعد مرور وقتٍ كافٍ، يسمح بإطلاق حكمٍ وازن أطمئن إليه، لذا من الصعب تكوين رأى قاطع بشأن اتجاه وزارة التربية والتعليم إلى تقنين عمل مراكز الدروس الخصوصية، المعروفة بـ «السناتر»، التى توّسع نطاق عملها فى السنوات الأخيرة.

وبغض النظر عمّا تقدمه هذه السناتر، فقد باتت واقعًا يصعُب غض الطرف عنه، ما يستلزم ضبطها وحوكمتها، وهى النيّة الصافية التى أثق أن الوزير رضا حجازى، انطلق منها حين فكّر فى اتخاذ قرار جريء كهذا يعلم جيدًا ويعلم الجميع مدى أصدائه على كل بيت مصرى.

وحين أتحدث عن أصداء القرار، فإننى هنا لا أقصد المعاناة المادية فقط، كون هذه السناتر تشكِّل عبئًا إضافيًا على جيوب أولياء الأمور المُستنزفة فى ظروف اقتصادية تهتز لها عروش العالم أجمع، بل أقصد أيضًا معاناتهم النفسية الناتجة عن قلقٍ وتخوفٍ محمود من ضياع مستقبل أبنائهم، أو - ربما - تَبخُّر العملية التعليمية برمتها فى فضاء من المشكلات اللانهائية!

هذه المخاوف مشروعة، لكن السؤال الذى لا يحتمل إجابتين هو: لماذا يلجأ التلاميذ إلى الدروس الخصوصية؟
إن الإجابة التلقائية هى: «البحث عن معلمٍ جيد وماهر قادر على توصيل المعلومة للتلميذ»، فلو كانت هذه المزايا متحققة فى مُعلم المدرسة لما بحث التلاميذ عنه فى السناتر.. لذا من المهم - أيًا كانت استراتيجية التطوير - أن تتوازى مع الارتقاء بالمعلم ومراقبة أدائه، وفق قواعد حاسمة ودقيقة لاختيار المعلمين ذوى الخبرة والكفاءة، ولا ننسى أن الكثير من علمائنا الأفذاذ كانوا يراجعون دروسهم على ضوء «لمبة جاز»، لكنهم برعوا بفضل معلمين أكفاء ضمائرهم حية.
وأخيرًا، إن أردنا تقنين السناتر، فإن علينا أيضًا تقنين المعلم!!