«قمة المناخ: تحويل التعهدات إلى واقع».. ماذا يريد العالم من مؤتمر شرم الشيخ؟

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أعد الملف: آمال المغــربى  مروى حسن حسين   سميحة شتا  مرام عماد المصرى

أيام قليلة وتبدأ قمة الأمم المتحدة للمناخ Cop27، التى ستستضيفها مدينة شرم الشيخ بداية من 6 نوفمبر المقبل، حتى الـ 18 من الشهر نفسه. وهى قمة سنوية تحضرها 197 دولة من أجل مناقشة تغير المناخ، وما تفعله هذه البلدان، لمواجهة هذه المشكلة ومعالجتها.


أنظار العالم تتجه نحو هذه القمة، التى قدمت لها مصر كل الإمكانات حتى تخرج بالصورة التى تليق بها، والتى يشارك فيها قادة العالم، ومسئولون رفيعو المستوى فى الأمم المتحدة، كما يحضرها آلاف النشطاء المعنيون بالبيئة من جميع دول العالم.


مصر وجهت بوصفها الدولة المضيفة لقمة الأمم المتحدة المقبلة للمناخ نداءً للدول لتنحية التوترات والعداء بشأن حرب أوكرانيا وإجراء مفاوضات مناخية حاسمة على الرغم من الخلافات حول القضايا الجيوسياسية من أجل التركيز على أزمة المناخ.


حيث تسبب الغزو الروسى لأوكرانيا فى خلاف بين الدول، وتسبب الارتفاع الصاروخى فى أسعار الطاقة وأسعار المواد الغذائية فى إحداث أضرار اقتصادية وسياسية فى جميع أنحاء العالم المتقدم والنامي. كما أن الجمود الدبلوماسى بين الولايات المتحدة والصين-وهما أكبر دولتين مسببتين لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري-بشأن تايوان قد ألقى بظلاله على المحادثات.


قمة شرم الشيخ الحاسمة هى «آخر أفضل فرصة لنا» للإبقاء على الاحترار العالمى أقل من 1.5 درجة مئوية هذا القرن.


منذ مؤتمر المناخ الذى عقد فى هذا الوقت من العام الماضى فى جلاسكو COP26 وصلت الانبعاثات إلى مستويات قياسية بعد تراجع الوباء. وفى هذا العام وحده، شهدنا العشرات من الكوارث الكارثية التى تتراوح من الجفاف فى القرن الإفريقى إلى الفيضانات فى باكستان وجنوب إفريقيا وأستراليا، وحرائق الغابات وموجات الحر فى أوروبا والولايات المتحدة ومنغوليا وأمريكا الجنوبية، من بين أمور أخرى.
ومع اشتداد الكوارث، يتوقع العالم الكثير من هذه القمة المهمة التى تعقد فى وقت يشهد فيه العالم أزمات تمثّل تهديدًا لجهود العمل المناخى والسعى نحو تقليل الانبعاثات منها أزمات اقتصادية طاحنة، على رأسها أزمة الطاقة، والتداعيات السلبية لفيروس كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، مما زاد من تعقيد الأمور وإلقاء مزيد من التحديات ومعاناة العديد من اقتصاديات الدول، ما يضع ضغوطًا فيما يتعلق بتمويل مشروعات المناخ واتجاه عدّة دول إلى تأجيل بعض خططها المناخية.

تعد قضايا المناخ من أهم التحديات التى تواجه العالم منذ الثورة الصناعية وحتى الآن بسبب ارتفاع نسب الانبعاثات وزيادة درجات الحرارة، إذ يتسبب النشاط البشرى فى أضرار جسيمة تعانى منها كل الدول والمجتمعات وقطاعات النشاط الاقتصادي، الأمر الذى يتطلب توحيد الدول حول قضايا التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ.
فى قمة العام الماضى التى عقدت فى جلاسكو بالمملكة المتحدة، توصل المشاركون لاتفاق يهدف لتقليل حجم المخاطر البيئية التى يتعرض لها كوكب الأرض.
الاتفاق هو الأول من نوعه الذى ينص صراحة على تقليل استخدام الفحم الذى يتسبب فى زيادة الانبعاثات الغازية فى الغلاف الجوى والعمل على تقليل معدل الانبعاثات الغازية، وتوفير دعم مالى للدول النامية للتكيف مع تبعات التغير المناخى الذى يشهده كوكب الأرض.


وتعهدت الدول المشاركة بالعودة إلى الاجتماع هذا العام، للاتفاق على زيادة نسبة تخفيض معدلات انبعاثات الغازات الدفيئة وثانى أكسيد الكربون، بما يتماشى مع تقليل معدل زيادة درجة حرارة الكوكب إلى أقل من 1.5 درجة مئوية. وقتها وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاتفاق بأنه خطوة مهمة ولكنها ليست كافية.


وأضاف أن الوقت قد حان للانتقال إلى «حالة الطوارئ، وإنهاء دعم الوقود الأحفورى، والتخلص التدريجى من الفحم، وتحديد سعر الكربون، وحماية المجتمعات الضعيفة، والوفاء بالتزام تمويل المناخ بقيمة 100 مليار دولار».
تسمح مؤتمرات الأطراف للمجتمع الدولى باتخاذ قرار بشأن التوزيع العادل للمسئولية عن معالجة تغير المناخ. وهذا يعنى، من الذى يجب أن يقود جهود الحد من الانبعاثات، ومن ينبغى أن يدفع مقابل الانتقال لأشكال جديدة من إنتاج الطاقة، ومن ينبغى أن يعوض أولئك الذين يشعرون بالفعل بآثار تغير المناخ.


كما أنها تسمح للبلدان بالاتفاق على قواعد للوفاء بالالتزامات أو عمليات تحويل الأموال والموارد من البلدان الغنية إلى البلدان الأفقر. كما أنها توفر فرصًا لمشاركة أحدث أبحاث تغير المناخ.


وعلى نفس القدر من الأهمية، تركز اجتماعات مؤتمر الأطراف على الاهتمام الدولى بأزمة المناخ والاستجابات لها. ويؤدى ذلك إلى ضغوط على البلدان لتقديم التزامات جديدة، أو على الأقل، للعب دور بناء فى المفاوضات.


فى مؤتمر جلاسكو COP26 العام الماضى سمحت الاتفاقية للبلدان بتقديم التزاماتها الخاصة، مع توقع زيادة هذه الالتزامات كل خمس سنوات. كانت جلاسكو فى الأساس اختبارًا كبيرًا لما إذا كانت الصفقة تعمل بالفعل على زيادة الالتزامات بالتصدى لتغير المناخ. وكانت مهمة أيضًا لأنها كانت أول مؤتمر للأطراف منذ عودة الولايات المتحدة إلى الحظيرة بعد انسحاب إدارة ترامب.
على النقيض من ذلك، فإن مؤتمر شرم الشيخ ليس اختبارًا للاتفاقية نفسها. بل فرصة لتجديد الالتزام بالتخفيف والتمويل، واتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية لتحقيق هذه الالتزامات. لكن لا يزال هناك الكثير على المحك، وتلوح فى الأفق بعض النقاط الحاسمة للنقاش.. سيكون الاختبار الكبير الأول لمؤتمر COP27 هو ما إذا كانت البلدان ستلتزم بالتزامات جديدة لخفض الانبعاثات.. فى جلاسكو، التزمت أكثر من 100 دولة بأهداف جديدة لخفض الانبعاثات. لكن هذه الالتزامات لا تزال أقل بكثير من المطلوب للوصول إلى الأهداف المتفق عليها فى باريس.

اقرأ أيضًا | محيي الدين: تنفيذ مشروعات العمل المناخي هو الرسالة الأهم لقمة شرم الشيخ


على الرغم من ذلك، فى الفترة التى سبقت مؤتمر COP27، قدمت أقل من 20 دولة تحديثات، ولم تحدد سوى حفنة منها أهدافًا جديدة لخفض الانبعاثات أو التزامات صافية صفرية.
وأبرمت الصين اتفاقية اختراق مع الولايات المتحدة بشأن التعاون المناخي. لكن تم تعليق ذلك بعد وقت قصير من زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكى نانسى بيلوسى لتايوان فى أغسطس 2022.
فى مايو الماضى أعلن وزير التعاون الدولى المصرى أن تركيز العمل الدولى فى COP27 يجب أن ينتقل من «التعهدات إلى التنفيذ». فى حين أن هذا يشمل أهدافًا لتقليل الانبعاثات، فقد كانت مصر الدولة المضيفة واضحة أيضًا بشأن حاجة الدول المتقدمة للوفاء بالتزاماتها المالية. من الواضح أن ظهور تغير المناخ جعل هذا مصدر قلق ملح للكثيرين فى العالم النامى الذين يشعرون بالفعل بآثاره.
ومن الواضح أن هذه المحادثات هى لحظة محورية لكوكب الأرض، حيث إننا نخاطر بنفاد الوقت فى جهودنا لتجنب كارثة المناخ.