نزار السيسي يكتب.. معادن الناس

نزار السيسي
نزار السيسي

بقلم: نزار السيسي

تتجلّى معادن الناس أمام الإكرام، وتظهر كردّة فِعل أخلاقيّة.. فتجد النبيل ذو الأصل الكريم كلما أكرمته أسَرته، سواء كان ذلك بموقف أو عطاء أو كلمة، أما رديء الجَوْهر فلا يزيدهُ الإحسان إلّا لُؤمًا ودناءة.

هي معادنٌ بشريّة، تستحقّ التأمُّل، منها الرفيع ومنها الوضيع.الناس معادن منها النفيس ومنها الخسيس والانسان لا يتميز بأكوام لحمه وعظامه إنما يتميز بخلق رفيع يميزه عن اصحاب الأفعال الوضيعة فمن نشأ تحت كنف أم حانية وأبٍ يخاف الله فستجد كل المكارم في طباعه. فمعدنك يأتي من النشأة السليمة في البيئة السليمة وهي البيت الذي يربي على الخير ويحض عليه. 

ولكن اجبار شخص على القيام بقيم الوفاء والصدق ورد المعروف وهو لايملك تلك القيم او امتلاكه لها امتلاك مزيف يعتبر اجباره على ذلك من الظلم لذلك الشخص لان طلبك له كأن تطلب من معاق يأخذ المركز الاول في سباق اولمبي لألعاب القوى المشارك فيها ابطال العالم الغير معاقين.

الإنسان بلا قيمٍ تسمو به وأخلاقٍ تجمّل سلوكه وتعامله وتصلح باطنه فلا مناص له من السقوط والانحطاط، وإذا سقط الإنسان سقط المجتمع، لذا يجب على مجتمعاتنا التكاتف بقوة والتساند بحكمة ضد قيم الانحطاط التي تقاتل بعض القوى الغربية لفرضها، ومن مسالك المقاومة المجدية اعتبار موضوعات القيم والأخلاق ضرورية ويومية في التعليم والإعلام ومواقع التواصل ومناشط الثقافة، ولا بد من تجديد الخطاب الأخلاقي والعمل على الإبداع فيه ليقوى على مقاومة الغزو القيمي والتخريب الأخلاقي، يجب على أهل الفكر والثقافة التخصص في سؤال القيم وبذل الجهد في تطوير أبحاثه ليواكبوا التراكم المعرفي في هذا الموضوع والتدرع بالمعرفة الراسخة والتأسيس العميق فالهجمة شرسة والموجة عاتية، وقبل هذا كله لنتذكر أن العمل بالقيم وتشخّصها في سلوكنا أجدى وأنفع وأصدق بكثير من مجرد المقاومة النظرية مهما بلغت من الاتقان، فالنموذج والقدوة العملية أبلغ أثرًا وأنفذ تعبيرًا وتغييرا.

وفي النهاية تبقي كلمة... لا يزال الإنسان بخير، ما دام يرعى ما بين يديه بأفضل ما لديه، ويسعى إلى بَذل العطاء المقرون بالصِدق، والإتقان، والإحسان، فإنّ أجوَد الحصاد هو نتاج بذور لَقِيَت الرعاية، والعناية، والسُقيا، والاهتمام، فتجود بأبهَى الزهر، وأطيَب الثمَر، وأحسَن الأثَر.

قال تعالي (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بما في نُفُوسِكُمْۚ إِن تَكُونُواْ صَٰلِحِينَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلْأَوَّٰبِينَ غَفُورًا)،  ومن هذه الآيه لابد أن نعي بأن
العلاقات بالبشر محفوفة بمخاطر سوء الفهم رغم كثرة الشرح وطول الصحبة وغزارة التعليل، وتبقى العلاقة مع الله بعيدة عن هذه المكدرات حتى مع اكتناف الصمت وحداثة التوبة وطول الصدود.