عاجل

صندوق النقد الدولي: معظم دول العالم تعاني من آثار التضخم

ارتفاع التضخم يؤدى إلى دخول الاقتصاد العالمى فى مرحلة ركود طويلة
ارتفاع التضخم يؤدى إلى دخول الاقتصاد العالمى فى مرحلة ركود طويلة

الحرب الاقتصادية على روسيا تهدّد الولايات المتحدة بخسارة نفوذها المالى فى العالم، وأن عواقب الحرب الاقتصادية العالمية التى يشنها الغرب الجماعى على روسيا ستظل ملموسة طوال عقود، والخطر الأكبر على واشنطن هو أن الولايات المتحدة تخوض إلى حد كبير هذه الحرب الاقتصادية العالمية وحدها باستخدام الوضع الفريد للدولار، فهناك  دول عديدة كبرى مثل السعودية ودول خليجية أخرى والهند وتركيا وإندونيسيا والصين، تحاول فى الوقت نفسه التحرر من سيطرة العملة الأميركية والابتعاد عن نفوذ واشنطن الاقتصادي.  ويرى صندوق النقد الدولي، أن الحرب فى أوكرانيا أهم عامل فى تباطؤ الاقتصاد العالمي، وأنّ السعى لإحلال السلام هو الأداة الأساسية للسياسة الاقتصادية.

يوشك الاقتصاد العالمى على الدخول فى مرحلة ركود طويلة متأثراً بارتفاع التضخم، وزيادة أسعار الفائدة، وارتفاع الدولار أمام العملات الأخرى، والعقوبات على روسيا، إضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة فى أوروبا.


يرى المدير العام لصندوق النقد الدولى، أن التوقعات الاقتصادية العالمية قد أصبحت مظلمة بشكل كبير وهناك خطر متزايد من حدوث ركود فى العام المقبل . كما حذر العديد من الاقتصاديين والمحللين الماليين من ركود قادم، لكن من المستحيل التنبؤ بمدى حدته أو بفترة استمراره. البلدان التى لديها فرص كبيرة للانزلاق إلى الركود هي: الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمملكة المتحدة وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والدول الأوروبية.


معظم الاقتصادات فى جميع أنحاء العالم تعانى من ضغوط تضخمية، وبلغ معدل التضخم فى الولايات المتحدة أعلى مستوياته منذ 40 عامًا عند 9.1٪، وهناك تضخم فى كندا وأوروبا والهند وأستراليا والعديد من البلدان الأخرى. لكن لماذا يوجد تضخم؟ وما الذى يسبب عدم التوافق بين العرض والطلب؟


هناك عدد من العوامل لعبت دورًا خلال فترة تفشى جائحة COVID-19، فقد فرضت معظم البلدان عمليات إغلاق، هذا قلل من الطلب الإجمالى فى الاقتصاد، وبمجرد أن عدنا إلى طبيعتنا بعد انفتاح الاقتصادات، ارتفع الطلب بشكل حاد، وخير مثال على ذلك هو إمداد الوقود، غير القادر على تلبية متطلبات الطاقة العالية هذا الصيف، مما تسبب فى ارتفاع أسعار الوقود.

ولكن هذا السبب وراء عدم التوافق بين العرض والطلب فى الوضع الحالى ليس هو السبب الوحيد، وهناك أسباب أخرى أيضا.. منها الجغرافيا السياسية واضطرابات سلسلة التوريد، فقد أعقب الوباء، الحرب الروسية الأوكرانية.

وقد أدى ذلك إلى اضطرابات فى الإمدادات الغذائية، حيث يأتى حوالى 40٪ من إمدادات القمح من أوكرانيا، كما أنها أكبر مصدر لزيت عباد الشمس، ولم تؤثر الحرب فقط على البلدين أو المنطقة المحيطة بهما (مثل أوروبا) بل أثرت على العالم بأسره.


كانت اضطرابات سلسلة التوريد سببًا للتضخم ليس فقط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ولكن أيضًا بسبب سياسة الصين صفر-كوفيد. الصين هى اللاعب الرئيسى فى توريد المواد الخام والسلع النهائية لعدد من القطاعات. تسببت عمليات الإغلاق فى الصين فى نقص المعروض من السلع مما تسبب فى رفع أسعارها.

وفى أوروبا، كان الاعتماد الكبير على روسيا فى الغاز الطبيعى سببًا رئيسيًا للقلق. دفعت العقوبات الغربية روسيا إلى تهديد أوروبا من خلال تقليص إمدادات الغاز من خط أنابيب نورد ستريم، وفى الشتاء القادم، عندما يرتفع الطلب على الطاقة فى أوروبا، سنرى كيف تؤثر التوترات الجيوسياسية بين أوروبا وروسيا على الاقتصاد الأوروبي.


نقص العمالة ايضا من ضمن الأسباب، حيث تشهد العديد من القطاعات استقالة الموظفين من وظائفهم تمامًا، مما أدى إلى عدم تلبية الطلب المتزايد داخل الاقتصاد.ويمكن أن تجبر حالات الركود الاقتصاديات أيضًا على تحويل تركيزها بعيدًا عن قضايا مثل تغير المناخ.

وعلى الرغم من أنه على المدى القصير، بسبب الأنشطة الاقتصادية المنخفضة، قد تنخفض الانبعاثات ولكن على المدى الطويل، ويمكن أن تظهر التأثيرات على سبيل المثال، إذا واجهت أوروبا اضطرابات فى إمدادات الغاز الطبيعى فى فصول الشتاء القادمة، فيمكنها العودة إلى استخدام الفحم والطاقة القائمة على النفط.

وتأجيل خطط العمل المناخية الطموحة، وقد يكون هذا ضارًا ببيئتنا.. ويمكن ذكر بعض ما يشهده الاقتصاد فى حالة الركود كالتالي، زيادة معدلات البطالة وتراجع الإنفاق العام والاستهلاكى وتفاقم أزمة الديون وانهيار سوق العقارات وتراجع الناتج الصناعى وانخفاض معدلات التجارة واختناق سوق الائتمان وهبوط مؤشرات السواق، وغيرها من المظاهر التى تصاحب كل مرحلة ركود.


ويعتمد الخروج من الركود على قدرة الحكومات وبنوكها المركزية على إعادة تنشيط الاقتصاد بما يتوافر لديها من أدوات السياسة النقدية والمالية، وهناك مخاوف حقيقية حالياً من أن تلك الأدوات ربما غير متوافرة بالقدر الذى يشجع على التفاؤل أو أنها استنفدت قدرتها على التأثير.

والمثال الأوضح هو أن تشديد السياسة النقدية «رفع أسعار الفائدة» لم يفلح حتى الآن فى وقف ارتفاع الاسعار. فليس هناك ما يضمن أن العودة للتيسير النقدى ستؤدى إلى زيادة النشاط الاقتصادى والنمو للخروج من الركود.

اقرأ ايضا | أزمة الطاقة في طريقها لإجبار ألمانيا على غلق بعض المستشفيات