محمود سالم يكتب: صمت يثير الدهشة

محمود سالم
محمود سالم

«الأرض تمنحنا الثقة وبصفتنا وكلاء وأعين وليس حكاما عليها يمكننا أن نفسدها أو نجعلها بيئة جيدة ومستدامة» .. تلك الكلمات قالها أشهر النشطاء ضد تغير المناخ وهو الأمريكى كيم ستانلى روبنسون وهى تلخص الأزمة، وقد استعان بها المهندس معتز رسلان رئيس مجلس الأعمال المصرى الكندى عندما استضاف المجلس وزير الخارجية سامح شكرى فى حوار بشأن قضية المناخ الشائكة، وكما يرى فإن البشر يتحملون النصيب الأكبر فى تفاقم هذه الظاهرة وهم أيضا من بيدهم السيطرة عليها، ولذا تستضيف شرم الشيخ الشهر القادم قمة المناخ وسط طموحات وفرص وتحديات هائلة، فالفرص تتمثل فى اتخاذ اجراءات سريعة للتخفيف من آثار التغير المناخى وتوفير التمويل لتخفيف الضغوط على الدول النامية، أما التحديات فأهمها الأزمة الاقتصادية العالمية بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية والتى خلفت تحديات مختلفة أخرى أهمها اتساع دائرة الفقر . كل هذا بخلاف غضب الطبيعة والتى تفاجئنا بكوارث تتطلب موارد هائلة لمواجهتها والاستعداد المبكر لها.

ولذلك يرى رسلان أن قمة شرم الشيخ ستشكل علامة فارقة فى تأكيد مدى الجدية والرغبة فى علاج الخلل الذى أصاب الطبيعة من خلال اتفاقيات واضحة والتزامات محددة لضمان بيئة خالية من المخاوف . ومواجهة التدعيات والخسائر التى خلفها تغير المناخ وهى تداعيات تثير الرعب والقلق حيث أشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن خسائر العالم تقدر بما يتراوح بين 300 و500 تريليون دولار ما بين 2030 حتى 2050 واحصائيات أخرى تتوقع وصول عدد من يعانون الفقر المدقع إلى 300 مليون شخص وأن 200 مليون شخص قد يضطرون للهجرة الداخلية بفعل تلك التغيرات .

ومن المؤسف أن 20 دولة تقف وراء 80 % من حجم الانبعاثات حول العالم بينما إفريقيا تصدر ما بين 2 و3 % فقط من تلك الانبعاثات لكنها تتحمل العبء الأكبر من تداعيات التغير المناخى .. باختصار الأرقام خطيرة والصمت عليها يثير الدهشة ويهدد استقرار المجتمع الدولى ويؤكد أن حجم الجهود والعمل العالمى ليس بالقدر الكافى الذى يوقف هذا الزحف نحو تدمير الطبيعة . وهنا الأمر يؤكد مقولة عالم البيئة الأسترالى أرون وود بأن الاستدامة هى معاملة أنفسنا وبيئتنا كما لو كنا نعيش على هذه الأرض إلى الأبد . 

تلك الحقائق تخلق حالة من الرعب وتؤكد ضرورة التزام الدول المتقدمة بتعهداتها بتوفير 100 مليار دولار لمواجهة هذه التحديات رغم أنها لا تكفى وهو ما أشار إليه وزير الخارجية مشيرا إلى أنها كانت تعبيرا عن الثقة فى دعم الدول المتقدمة للنامية، ولخص الوزير ما يريد قوله بالتأكيد على أن مصر نجحت فى استضافة قمة المناخ أما النجاح أو الفشل فإنه يتوقف على مختلف الأطراف .. لقد أصبحت القضية على المحك وربما يتم إزالة الدهشة من الصمت المريب!