يوسف القعيد يكتب: هؤلاء هم الإخوان

يوسف القعيد
يوسف القعيد

وبقراءة متأنية في محيطنا العربي نجد أنه لم تقع دولة في دائرة الفتنة والفوضى إلا وكانت جماعة الإخوان العميلة أحد عوامل الفتنة والفوضى إن لم تكن وقودها المشتعل .

كتاب صغير، بالغ الأهمية من حيث قيمته، والهدف الذي يبتغي الوصول إليه: ألا وهو كشف الجماعة الإرهابية، لا أحب تسميتهم بالإخوان، فهم أخطر من هذا ألف مرة. نشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب، دار النشر الأهم بين كل دور النشر المصرية والعربية، والتى أضاف إليها الكثير رئيس مجلس إدارتها المثقف الكبير الدكتور هيثم الحاج على.

وطبعته الأولى صادرة عام 2021، ومع هذا فهو يصلح للقراءة فى أى زمان ومكان. ويشكل جزءاً من تراثٍ أدبى وفكرى مكتوب بصدق عن الجماعة الإرهابية إياها. التى ينخدع بشعاراتها الزائفة ومقولاتها الكاذبة كثيرٌ من الشباب أو الذين تقدموا فى العمر. هذه الشهادات بأقلام عدد من كبار المفكرين المصريين: الدكتور طه حسين، محمد التابعى، مصطفى أمين، كامل الشناوى، جلال الدين الحمامصى.

مختار جمعة

الدكتور محمد مختار جمعة مبروك، وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعضو مجمع البحوث كتب مقدمة للكتاب. جاء فيها :
- وبقراءة متأنية فى محيطنا العربى نجد أنه لم تقع دولة فى دائرة الفتنة والفوضى إلا وكانت جماعة الإخوان العميلة أحد عوامل الفتنة والفوضى إن لم تكن وقودها المشتعل. وحتى لا ننسى فإننا نذكر بصفحات من دفاتر الإخوان السوداء، وتاريخهم فى الخيانة لأوطانهم، والعمالة لأعدائهم، وعدم إيمانهم بالدولة الوطنية، واستحلالهم للتخريب والهدم وإراقة الدماء، فغايتهم تبرر وسائلهم، ولا حرج لديهم من التضحية بآلاف الخلق لتحقيق غاياتهم وأطماعهم، حتى صاروا عبئاً ثقيلاً على الوطن والدين والإنسانية. فأينما حلوا حلت الفتن والقلاقل والانقسامات والاضطرابات، لا يوفون بعهد ولا وعد، حتى أصبح نقض الوعود أبرز سماتهم؟.

ويؤكد الوزير أن الكتاب صدر 1954 فى طبعته الأولى. ومع هذا فقد حرصوا على إخراجه بنص كلامهم دون أى تدخل فى النص. باعتباره وثيقة شاهدة على تاريخ الجماعة المظلم. ويعترف أنهم بسبب طبيعة المساحة المحددة للسلسلة وعنوانها: «رؤية» فقد اضطروا إلى اختصار بعض المقالات بحذف بعض الفقرات التى لا يخل حذفها بمرمى المقال.

وأختلف معه فى ذلك لأنه كان يجب نشر الشهادات بنصها الأصلى مهما كانت المساحة التى يمكن أن تستغلها. فالعمل ضد هذه الجماعة خاصة فى ميدان الفكر دفاعٌ عن الوطن ضد ما يهدده من أخطار حقيقية، سواء فى الماضى أو الحاضر أو المستقبل.

ويؤكد أن مؤسساتنا الدينية الأزهر والأوقاف والإفتاء قد أجمعت على حرمة الانضمام لهذه الجماعة. وهو ما أكده كثيرٌ من المجامع العلمية والمؤسسات الدينية فى عالمنا العربى والإسلامى. وقال بها أهل العلم المعتبرون فى مختلف أرجاء الدنيا، مما يتطلب تضافر الجهود لكشف طبيعة هذه الجماعة الخبيثة حتى نُحصِّن أبناءنا وشبابنا ومجتمعنا من شرورهم وخطرهم الدائم على الدين والدولة.

طـه حسين

وعنوان مقاله: رُخْصُ الحياة، يكتب فيه عميد الأدب العربى:
- لم تَهُنْ حياة الناس على الناس كما تهون عليهم فى هذه الأيام. وها نحن نصبح ذات يوم، فإذا الهول يتكشف لنا كأشنع ما يكون الهول. وإذا بعض المصريين يمكرون ببعض. وإذا الموت يريد أن يتسلط على مصر كما تسلط على كثير غيرها من الأقطار. وإذا كل واحد منا كان آمناً أمن الغفلة الغافلة يظن أنه لن يتعرض إلا لما يتعرض له الناس الآمنون من هذه الآفات التى لا يسلطها الإنسان على الإنسان. وإنما تسلطها الطبيعة على الحياة.

ألم نشهد منذ عامين ثورة يشُبها وفى يده من وسائل البأس والبطش ما يغرى بإزهاق النفوس وسفك الدماء؟. ولكنه يملك نفسه ويملك يده. فلا يزهق نفساً ولا يُسفك دماً. ولا يأتى من الشدة إلا ما يمكن تداركه. ولا يجرح إلا وهو قادر على أن يأسو. ولا يُعنِّف إلا وهو قادر على أن يرفق. وإذا ثورتنا فذة بين الثورات لا تأتى من الأمر ما لا سبيل على إصلاحه غدا أو بعد غد.

مع أن الإسلام لا يأمر بادخار الموت للمسلمين. وإنما يعصم حياة المسلمين متى شهدوا ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ويرى أن قتل النفس البريئة من أكبر الإثم وأبشع الجُرم. وهى العداوة المنكرة جاء بعضها من أعماق التاريخ. وأقبل بعضها الآخر من جهات الأرض الأربع. التى تُستَحل فيها المحارم وتُزهق فيها الدماء بغير الحق. ويُستحب فيها الموت لأيسر الأمر.

لم يأت هذا الشر الذى تشقى به مصر الآن من طبيعة المصريين. لأنها خيِّرة، ولا من طبيعة الإسلام لأنه أسمح وأطهر من ذلك. وإنما جاء من هذه العدوى. ويكتب: كانت مصر أكرم على الله من أن يرد ابتهاجها إلى ابتئاس وسرورها إلى حزن. ومن أن يحيل أعيادها البيض لأيامٍ حِدادٍ سود. ومن أن يجزى الخير بالشر. والإحسان بالإساءة. والمعروف بالمنكر. ومن أن يكافئ الوفاء بالغدر. والإخلاص بالخيانة. كما ينظر إليها الآن.

محمد التابعي

شُبانٌ وفتيانٌ فى مقتبل العمر تنقصهم التجربة. وينقصهم الإدراك السوى. والقدرة على وزن الأمور بميزانها الصحيح. شُبانٌ سُذج، آلات وأدوات سهلة طيِّعة، تناولها زعماء الجماعة وقادتها وصاغوها فى القالب الذى أرادوه. وأخرجوا منها آلات خرساء تتحرك بلا إرادة، وتُنفذ مشيئة سواها بلا تعقيد نزولاً على حكم السمع والطاعة لأنهم يتصورون خطأ أن طاعة القيادة من طاعة الله.

ويُكمل واصفاً ضحايا الجماعة من الشباب:
- إن كانت هذه الآلات الخرساء الصماء تستحق التحطيم، فأولى منها بالتحطيم وقطع الأيدى التى حركتها، والرءوس التى فكرت ودبرت ورسمت لها خطط الاغتيال وأمرتها بالتنفيذ. هؤلاء الشباب جميعهم ضحايا. فليس الضحايا وحدهم هم الذين أريقت دماؤهم ظلماً وعدواناً على أيدى هذه الآلات المُسَخَّرَة الخرساء.

بل هناك الضحايا التى امتلأت نفوسها سُماً صبَّه فيه زعماء الجماعة. إن النفوس التى ضلت وخُدعت وقيل لها اقتلى وانسفى ودمرى فى سبيل الله لكى نحكم أو نقيم حكومة نشرف عليها نحن الهضيبى وحميدة ويوسف طلعت والطيب وهنداوى دوير.

لقد نادت الجماعة جهاراً نهاراً بسقوط الثورة وحكمها ونظامها. واختلقوا الشائعات الكاذبة الظالمة وأطلقوها. ومع هذا لم يُقدَم واحد منهم لمحكمة الثورة. أو لأية محكمة أخرى، لماذا؟.
والجماعة تستعين بالاغتيال لتحقيق مآربها السياسية. مع أنهم عندما انشقوا على بعضهم البعض قال حسن البنا فى عام 1948 يصف جماعته أو الذين انحرفوا من أعضاء الجماعة أنهم ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين. وعندى أن الإخوان جميعاً سواء فى المسئولية. وإن تكن مسئولية كل منهم تُقدَّر بقدرٍ معلوم. سواء فى المبدأ والغاية وتحقيقها. والوصول إليها بوسائل الاغتيال والإرهاب. إنى أسألهم: هل كان اغتيال النقراشى والخازندار لدواعٍ وطنية أو دينية روحانية؟. إنهما شهداء، ومعذرة يا إخوان.

علـي أميـن

اعترف الإخوان أنهم هم الذين قتلوا النقراشى رئيس الوزراء، والخازندار رئيس المحكمة. وحاولوا نسف محكمة الاستئناف ودور السينما والمنشآت العامة. واعترف الهضيبى أن رئيس الجهاز السرى استأذنه فى عمل مظاهرات مسلحة. وتلك من أخطر الاعترافات التى أُذيعت فى تاريخ الجماعات والأفراد.

فقد تعودنا أن يُنكر الإرهابيون ما قاموا به من عمليات. أما هؤلاء فقد اعترفوا بكل جرائم الاغتيالات والنسف التى حدثت فى تاريخ مصر الحديث. وأنها كانت من تدبيرهم وتنفيذهم. وخطورة هذا الاعتراف أن الاغتيال السياسى عادة حماقة يرتكبها شاب مجنون. ولكن حين يصبح هذا الاغتيال سياسة مرسومة لجماعة من الناس يختلف الوضع ويتطلب الأمر علاجاً سريعاً حاسماً.

فالإرهاب لم يعد موجهاً ضد زعيم أو رئيس حكومة. وإنما أصبح موجهاً ضد جميع طبقات الشعب. فالمواد الناسفة لا تُصوَّب إلى فرد، وإنما إلى المجموعات المارة فى الشارع، وإلى النائمين فى بيوتهم، والجالسين على مكاتبهم. فقضية الإرهاب لم تعد قضية الحاكم، بل أصبحت قضيتك أنت وقضيتى. وقضية أسرتك وأسرتى. وقضية شعب بأكمله. ويوم أن نقضى على هذا الإرهاب تستطيع أن تخرج من بيتك وأنت واثق أنك ستعود إليه فلا تجده أنقاضاً.

كامل الشناوي

إن هذا الإرهاب هو حكم على مصر بالشلل، والتأخر والفزع، إننى لا أعجب كيف استطاعت السلطات أن تضع يدها على كل هذه الأبواب. ولكنى أعجب كيف استطاع الإرهابيون أن يصنعوا كل هذا وهم آمنون مطمئنون؟.

إننى حزين أن يوجد إنسان واحد لا جماعة منظمة يصنع الموت للناس. ويحترف التخريب والتدمير. وإن قلبى لينفطر حزناً إن كانت هذه الجماعة ترتكب جرائمها باسم الإسلام. وتجد من يصدقون دعواها. إن الإسلام الذى يدعو إلى المحبة والسلام برىء من أسلحة المقت والاغتيال.

إن ما يقومون به تهديد للحاكم والمحكوم معاً. بل هى أخطر على المحكوم. المحكوم الأعزل من السلاح. كيف يُغمضون أعينهم وفى كل جدار احتمال لوجود مخزن ذخائر؟ كيف يقفون أو يقعدون؟ وتحت كل أرض احتمال لوجود قنبلة مُخبأة. كيف يمشون والطريق نارٌ ولغم؟ كيف نمارس أعمالنا والدمار يكمن فى كل مكتب وكل مدرسة وكل دكان؟ حتى حقول الزراعة أصبحت هى الأخرى مُلغَّمة.

جلال الدين الحمامصي

كلما قرأت الاعترافات التى يُدلى بها المتهمون فى قضايا الجهاز السرى لهم، أحسست بالإشفاق والألم. الإشفاق على مصر التى سعت طويلاً نحو الاستقرار. فلما أوشكت أن تحققه أبى فريقٌ من أبنائها إلا أن يحيلوا هذا الاستقرار إلى فوضى وخراب ودمار. سعياً وراء حكم وجرياً وراء سلطان.

أما الألم فمن أجل أولئك الذين اعترفوا أنهم كانوا ضحية لعملية من أخطر عمليات الخداع والتخدير السياسى. وهذا الألم من جانبى لا يعنى العطف على هؤلاء الجهلاء أو أن يكون مقدمة للمطالبة بمعاملتهم بالرأفة. بل لعل ما أريده هو العكس. فقد حان الوقت لكى نطالب كل مواطن بألا ينصاع إلا لضميره وحكمه الشخصى. بل يجب عليه أن يسأل بنفسه. ويقرأ بنفسه إن أمكنه أن يقرأ. ويواصل الدرس والبحث قبل أن يبدى رأيه النهائى.

إن من الخطأ القول بأن الثورة قد قضت تماماً على العقلية القديمة التى كانت تركع بأرائها للزعامات والقيادات. فمازال الإنصياع الأعمى قائماً، ومازالت هناك زعامات تسعى لإذلال الناس وجبرهم على الإذعان للآراء الخاطئة المضللة.