إنها مصر

مذبحة الكتاكيت !

كرم جبر
كرم جبر

"لو" قام أصحاب المزارع بالتبرع بالكتاكيت التى قاموا بإعدامها فى مذبحة همجية، للأهالى والفقراء فى القرى والنجوع والأحياء الشعبية، لكان أفضل ألف مرة من الفيديوهات البشعة التى قاموا ببثها على مواقع التواصل الاجتماعى فى تحد سافر للمشاعر الإنسانية.
المؤكد أن الناس كانوا سيجدون ألف وسيلة لإطعام الكتاكيت، ولم نعرف حكاية العلف المستورد الا فى سنوات الانفتاح.
دينياً: يقول المولى عز وجل: "وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها"، والله سبحانه وتعالى أخبر برزق الجميع.
أخلاقياً: الفيديوهات تجلب الحزن والأسى، وهم يقومون بوضع الكتاكيت بألوانها الصفراء الجميلة ورفرفة أجنحتها فى أجولة الزبالة والغلق عليها.


إنسانياً: لو انتشرت هذه الفيديوهات فى العالم، ستكون صورة سيئة ومشينة، وتعكس تصرفات بعض المستثمرين الذين تحولوا إلى وحوش.
تذكرنا مذابح الكتاكيت بحكايات كنا نسمع عنها فى الثمانينيات، بقيام أحد المليونيرات فى ذلك الوقت بإعدام البيض بالملايين حتى لا ينخفض سعره، ولو تبرع به للفقراء والمحتاجين لاكتسب أجراً وثواباً فى الدنيا والآخرة.
الحكاية ببساطة هى "استيراد العلف"، وحسب ما يقوله المسئولون عن غرفة الدواجن والبيض، فإن الاحتياجات السنوية لاستيراد الأعلاف ضربت أرقاما قياسية، مما أدى إلى تكدسها بالموانئ.. فى وقت تجتاح فيه الأزمات العالم كله، ويكتسح الدولار كل العملات العالمية، ونحن نستورد قائمة طويلة جداً من السلع وأدوات الإنتاج، من الآلات والأجهزة الكهربائية حتى الفحم الخشبي، والزيوت والحبوب والنباتات الطبية والسيارات.. وقل ما شئت.


والحل؟
- أولاً: اقتسام المغانم والمغارم، الدولة تتحمل جزءا وأصحاب المزارع يتحملون جزءا، بدلاً من المطالب الفلكية التى لن تتحقق، والتهديد بغلق المزارع وتسريح العمالة، فالوقت هو للتكاتف وليس التهديد، حتى تمر الأزمة بسلام.
- ثانياً: لوزير الزراعة، هل يمكن إعداد استراتيجية لإنتاج الأعلاف من مواد تنتج محلياً لتحل تدريجياً محل الاستيراد؟
الدولة لديها القدرة والإمكانيات على التدخل السريع لتلافى حدوث الأزمات، وإذا كان البعض يستقوى بالضغوط، فليرجع بذاكرته إلى الوراء.


فى أعوام 2013 وما بعده، كانت الدنيا صعبة جداً، ونعانى من أزمات فى كل شيء، لا سلع ولا خدمات ولا كهرباء ولا مياه، وكنا نسمع مثل هذا الكلام الذى نسمعه الآن من أصحاب الدواجن والبيض، وربما كان الهدف هو الصعود بالأزمات إلى قمتها.
وفى غضون شهور قليلة انفرجت الأزمات، والدولة التى قهرت المستحيل لن تعجز عن حل مثل هذه المشكلات.. فقط تعاونوا معها، وكونوا جديرين بالثقة.