إلهام فاروق شبانة تكتب: سنرحل ويبقى الأثر

إلهام فاروق شبانة - واعظة بمجمع البحوث الإسلامية
إلهام فاروق شبانة - واعظة بمجمع البحوث الإسلامية

الخطُّ يبقى زمانًا بعد كاتبه وكاتبُ الخطِّ تحت الأرض مدفونا
والذكرُ يبقى زمانًا بعد صانعه وخالدُ الذكرِ بالإحسانِ مقرونا

هذه الحياةُ ليست سوى ممَر، ونحن ضيوف عليها كالأوراق على الشجرة، وكل ورقة مكتوب عليها اسم عبد من عباد الله، إذا جاء أجله سقطت تلك الورقة، ولا محالة سيأتى الخريف وتتساقط كل الأوراق قال تعالى: «كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ»(القصص:٨٨)

فلن تدوم الحياة لأحد ولو دامت لكان أولى الناس بها رسول الله :
ولو كانت الدنيا تدوم لأهلها لكان رسول الله حيًا وباقياً
ولكنها تفنى ويفنى نعيمها وتبقى الذنوب والمعاصى كما هي
ولو لم يلبس المرء ثيابًا من التقى تجرد عريانًا ولو كان كاسيا
فكل نفس ستذوق الموت، ولا يعلم الإنسان متى يأتى أجله، فالموت لا يعرف صغيرًا أو كبيرًا، سيفنى الجميع؛ الغنى والفقير، النبى والعامي، الزاهد والعابد، الصحيح والسقيم، ولن يدوم سوى جبر الخواطر والسيرة الحسنة والأعمال الصالحة، فكل يوم يمر علينا نفتقد بعض أحبتنا، ولكن عزاؤنا أننا نأخذ الدروس والعبر؛ فالأيام تتوالى، اليوم نُغسِّل و غدًا نُغسَّل، اليوم نَحمِل وغدًا نُحمَل، اليوم ندفِن وغدًا نُدفَن، ولكن ما أجمل أن يرحل الإنسان وهو طيّب الذكر، سليم القلب، جميل الأثر، وكأنه لم يرحل، فكم من قلوب مكلومة لفراق من تركوا الأثر الطيب، والعيون تذرف عند ذكر جميل أفعالهم، عاشوا بصمت ورضا، ورحلوا عن الدنيا فجأة ، وخلَّفوا وراءهم الأثر الطيب ودعوات المحبين، فهنيئًا لمن عمل عملًا صالحًا خالصاً لله، فيُذكر به فى حياته وبعد مماته، ويكون شافعًا له يوم القيامة.

فلنتذكر جميعًا أننا راحلون، وسنكون فى يوم من الأيام حديثًا يتسامر به الأحبة، وذكرى يبتسمون عند هبوبها، وقد تفيض عيونهم شوقًا، فلنترك الأثر الطيب
ولنمتثل لقول الشاعر:
سَأزرعُ الحُبَّ فِى بيداء قَاحِلةٍ لربّما جَادَ بِالسُّقيا الّذِى عَبَرا
مُسافِرٌ أنت وَ الآثارُ بَاقِيةٌ فاترك لعمرك مَا تُحيِى بِهِ الأثَرَا
اللهم كما أخرجْتنا من بطون أمهاتنا إلى الدنيا أطهارًا أنقياء بلا ذنب ولا خطيّة، فلا تقبض أرواحنا إلا وأنت راض عنا، لا تقبضنا إلا ونحن صالحين مصلحين، بك مؤمنين، وعلى ضرب الحق سائرين، واكتبنا يا ربنا من الفائزين، بجوار الأنبياء والمرسلين فى جنات النعيم.