الأمم المتحدة: الأزمة الروسية الأوكرانية بحاجة لإبقاء الباب مفتوحًا للدبلوماسية

رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تشابا كوروشي
رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تشابا كوروشي

أعلن رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تشابا كوروشي، عن أنه من الضروري إيجاد حل سياسي للأزمة الروسية الأوكرانية على أساس ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، موضحًا، أننا "بحاجة إلى إبقاء الباب مفتوحًا للدبلوماسية، ويجب أن يتوقف القتال بين روسيا وأوكرانيا".

وأكد كوروشي، خلال الجلسة الاستثنائية الطارئة الـ11 للجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب من أوكرانيا وألبانيا المخصصة لبحث الأحداث الروسية الأوكرانية، إلى القرار الذي تبنته الجمعية العامة في 2 مارس 2022، والذي يدعو روسيا إلى سحب قواتها من أراضي أوكرانيا.

اقرأ أيضًا: موسكو: تصريحات زيلينسكي عن الضربات الاستباقية لروسيا مرفوضة

وصرح تشابا، أن الحرب ستنتهي ذات يوم وستسكت فوهات البنادق، ثم تساءل قائلًا: "لكن متى وكم ستكون التكلفة؟ كم من الناس سيموتون؟ كم من العائلات ستنفصل عن بعضها البعض؟ ما مقدار المعاناة التي ينبغي تحملها؟ كيف ستبدو أوكرانيا عندما يعود السلام؟ كيف سيبدو العالم؟".

وأعرب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن شكره للأمين العام على قيادته لمبادرة "حبوب البحر الأسود".

 وأشار كوروشي، إلي أن هذه الصفقة التي توسطت فيها الأمم المتحدة أدت لتحرير 6 ملايين طن على الأقل من المواد الغذائية، أكثر من ربعها يذهب مباشرة إلى الدول ذات الدخل المنخفض، مؤكدًا العمل معًا لتحقيق التنفيذ الكامل لهذه المبادرة وضرورة تأمين تجديدها بعد منتصف نوفمبر.

وفي نفس السياق، أشاد رئيس الجمعية العامة، بعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لضمان سلامة المحطات النووية الواقعة في المنطقة التي تشهد حربًا، ونقل عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحذيرها من خطورة "اللعب بالنار"، قائلًا إنه عندما يتعلق الأمر بالقضايا النووية، فإن أي إجراء أو بيان غير مسئول يعد غير مقبول، وأي تهديد باستخدام الأسلحة النووية يجب إدانته عالميًا.

وأفاد مركز إعلام الأمم المتحدة، أنه قبيل بدء المناقشة، صوتت الجمعية على مشروعي قرارين متنافسين تقدمت بهما ألبانيا وروسيا بشأن آلية التصويت في الجلسة، إذ يقترح مشروع قرار ألبانيا، اعتماد الاقتراع المسجل بدلًا من السري، فيما يقترح مشروع القرار الروسي الاقتراع السري بدلًا من المسجل، وقد اعتمدت الجمعية العامة مشروع القرار الألباني بشأن التصويت المسجل.

وفي وقت سابق، يُشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد تبنت، في أبريل الماضي، إجراء جديدًا يخولها أن تجتمع "تلقائيًا"، في غضون 10 أيام، بعد استخدام أي من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن حق النقض "الفيتو" حتى يتسنى لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التدقيق والتعليق على "الفيتو".

وتتمتع الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بحق النقض ضد قرارات مجلس الأمن المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وهو حق مُنح لهذه الدول بسبب أدوارها الرئيسية في إنشاء الأمم المتحدة.

وعلى الأرض، تتواصل العملية العسكرية الروسية في الأراضي الأوكرانية لليوم 23 على التوالي، منذ بدايتها في 24 فبراير المنصرم.

واكتسب الصراع الروسي منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوجانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لقت غضبًا كبيرًا من كييف وحلفائها الغربيين.

وفي أعقاب ذلك، بدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، ما فتح الباب أمام احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين.

وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش "أجواءً أكثر سوادًا" منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها "الأقسى على الإطلاق".

ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" يصران حتى الآن على عدم الانخراط في أي عملية عسكرية في أوكرانيا، كما ترفض دول الاتحاد فرض منطقة حظر طيران جوي في أوكرانيا، عكس رغبة كييف، التي طالبت دول أوروبية بالإقدام على تلك الخطوة، التي قالت عنها الإدارة الأمريكية إنها ستتسبب في اندلاع "حرب عالمية ثالثة".

وفي غضون ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في وقتٍ سابقٍ، إن اندلاع حرب عالمية ثالثة ستكون "نووية ومدمرة"، حسب وصفه.

وعلى مسرح الأحداث، قالت وزارة الدفاع الروسية، في بداية العملية العسكرية، إنه تم تدمير منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية وقواعدها وباتت البنية التحتية لسلاح الطيران خارج الخدمة.

ولاحقًا، أعلنت الدفاع الروسية، يوم السبت 26 فبراير، أنها أصدرت أوامر إلى القوات الروسية بشن عمليات عسكرية على جميع المحاور في أوكرانيا، في أعقاب رفض كييف الدخول في مفاوضات مع موسكو، فيما عزت أوكرانيا ذلك الرفض إلى وضع روسيا شروطًا على الطاولة قبل التفاوض "مرفوضة بالنسبة لأوكرانيا".

إلا أن الطرفين جلسا للتفاوض لأول مرة، يوم الاثنين 28 فبراير، في مدينة جوميل عند الحدود البيلاروسية، كما تم عقد جولة ثانية من المباحثات يوم الخميس 3 مارس، فيما عقد الجانبان جولة محادثات ثالثة في بيلاروسيا، يوم الاثنين 7 مارس. وانتهت جولات المفاوضات الثلاث دون أن يحدث تغيرًا ملحوظًا على الأرض.

وقال رئيس الوفد الروسي إن توقعات بلاده من الجولة الثالثة من المفاوضات "لم تتحقق"، لكنه أشار إلى أن الاجتماعات مع الأوكران ستستمر، فيما تحدث الوفد الأوكراني عن حدوث تقدم طفيف في المفاوضات مع الروس بشأن "الممرات الآمنة".

وقبل ذلك، وقع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، في 28 فبراير، مرسومًا على طلب انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوةٍ لم تجد معارضة روسية، مثلما تحظى مسألة انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي "الناتو".

وقال المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف إن الاتحاد الأوروبي ليس كتلة عسكرية سياسية، مشيرًا إلى أن موضوع انضمام كييف للاتحاد لا يندرج في إطار المسائل الأمنية الإستراتيجية، بل يندرج في إطار مختلف.

وعلى الصعيد الدولي، صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء 2 مارس، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت.

وفي الأثناء، تفرض السلطات الأوكرانية الأحكام العرفية في عموم البلاد منذ بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية.

وكانت روسيا، قبل أن تبدأ في شن عملية عسكرية ضد أوكرانيا، ترفض بشكلٍ دائمٍ، اتهامات الغرب بالتحضير لـ"غزو" أوكرانيا، وقالت إنها ليست طرفًا في الصراع الأوكراني الداخلي.

إلا أن ذلك لم يكن مقنعًا لدى دوائر الغرب، التي كانت تبني اتهاماتها لموسكو بالتحضير لغزو أوكرانيا، على قيام روسيا بنشر حوالي 100 ألف عسكري روسي منذ أسابيع على حدودها مع أوكرانيا هذا البلد المقرب من الغرب، متحدثين عن أن "هذا الغزو يمكن أن يحصل في أي وقت".

لكن روسيا عللت ذلك وقتها بأنها تريد فقط ضمان أمنها، في وقت قامت فيه واشنطن بإرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا الشرقية وأوكرانيا أيضًا.

ومن جهتها، اتهمت موسكو حينها الغرب بتوظيف تلك الاتهامات كذريعة لزيادة التواجد العسكري لحلف "الناتو" بالقرب من حدودها، في وقتٍ كانت روسيا ولا تزال تصر على رفض مسألة توسيع حلف الناتو، أو انضمام أوكرانيا للحلف، في حين تتوق كييف للانضواء تحت لواء حلف شمال الأطلسي.