في يوم الاحتفال العالمي بالفتاة.. حقوق البنات محفوظة في مصر

جانب من مبادرة «دوّى» لتمكين الفتيات
جانب من مبادرة «دوّى» لتمكين الفتيات

تمكين الفتيات واستثمارهن، يشكلان أهمية بالغة للنمو الاقتصادى، وتحقيق جميع الأهداف الإنمائية للألفية، بما في ذلك القضاء على الفقر والفقر المدقع، فضلاً عن المشاركة الفعالة للفتيات فى القرارات التى تؤثر فيهن، وهى أمور أساسية فى كسر دائرة التمييز والعنف وتعزيز وحماية التمتع الكامل والفعال بحقوق الإنسان الخاصة بهنب.

هذا جزء من قرار الأمم المتحدة لاعتماد 11 أكتوبر يوم الاحتفال العالمى بالفتاة من أجل حماية حقوق الفتيات، وتوفير المزيد من الفرص لحياة أفضل لهن، ولزيادة الوعى بشأن مساوئ عدم المساواة التى تواجههن في جميع أنحاء العالم على أساس جنسهن

ويشمل هذا التفاوت عدة قضايا تواجهها الفتيات حول العالم منها حقهن فى التعليم، والتغذية، والحقوق القانونية، والرعاية الصحية والطبية، والحماية من التمييز والعنف والحق فى العمل، والحق فى الزواج بعد القبول والقضاء على زواج الأطفال والزواج المبكر.

وبحسب الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لم تتح الفرصة لأكثر من 62 مليون فتاة حول العالم للحصول على التعليم، وعالميًا، تتزوج واحدة من كل أربع فتيات قبل سن الثامنة عشرة، ما يجعل كثيرا من الفتيات معرضات للعنف الجنسى، ويذهب مرتكبو العنف في كثير من الأحيان دون عقاب.

ووفقا لتقديرات السكان عام 2021، يشير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن عدد الأطفال فى مصر أقل من 18 سنة بلغ 40.9 مليون طفل (21.1 مليون ذكور بنسبة 51.6%، 19.8 مليون إناث بنسبة 48.4%)، وبلغت نسبة التسرب من التعليم في المرحلة الإعدادية 1.7% من إجمالى المقيدين بهذه المرحلة (1.4% ذكور، 2.1% إناث)، وقد أبدت الحكومة المصرية اهتمامًا بالغًا بالفتيات فى مختلف النواحى، وظهر ذلك فى إطلاق مبادرة ادوّىب لتمكين الفتيات تحت رعاية السيدة انتصار السيسى.

وتصل ادوّىب إلى آلاف الفتيات والفتيان بالمدارس ومراكز الشباب والجامعات وأماكن أخرى للتفاعل معهم، وتساعدهم في الحصول على المهارات والمعلومات والخدمات اللازمة للنجاح، بالإضافة لتوصيل صوت الفتيات للمجتمع، والمساهمة فى خلق مجتمع متفهم ومتواصل ومزدهر ومؤمن بالمساواة.

وعبّرت السيدة انتصار السيسى عن سعادتها بإطلاق مبادرة ادوّىب لتمكين الفتاة المصرية، فى إطار المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية، لا سيما فى قرى المبادرة الرئاسية حياة كريمة . قائلة: إن فتيات مصر هن رائدات المستقبل وصانعات القادة، ومن ثم فإن الاستثمار فيهن استثمار في بناء المستقبل، وقد أثبتن دائما أنهن على قدر الثقة والتحدىب، مقدمة دعمها الدائم لكل بنات مصر فى الحصول على كل حقوقهن وتنمية مهاراتهن، كخطوة أساسية لتحقيق النهضة المنشودة.

الحق في التعليم

وفى هذا الصدد، نرصد أبرز التحديات التى تواجهها الفتيات في مختلف القضايا وفقا لآراء الخبراء والمختصين فى عدد من المجالات، حيث ترى الدكتورة أمل طلعت، خبيرة التسويق وريادة الأعمال والمشاركة المجتمعية، أن التحديات التى تواجهها الفتيات كثيرة ولا تقتصر على المجتمع الشرقى، وهنا يظهر دور المؤسسات والهيئات الخاصة بتمكين المرأة بالتركيز على مواجهة هذه التحديات ومعالجتها، وأبرز هذه التحديات هو حق الفتاة فى التعليم والنظر فى أسباب تسربها منه، لذا يجب توعية الأهل أولا بضرورة الاهتمام بالفتاة منذ الولادة وتدريبها على أهمية التعليم واستكمال مسيرته وتحمل المسئولية والمشاركة المجتمعية مناصفة مع الرجل والتوازن معه فى مختلف النواحى حتى يُكمل كلٌ منهما الآخر ولتنشئة أجيال سوية والتأكيد على أن الفتاة الناجحة تكون منجزة وذات بصمة قوية فى المجتمع وليست عبئًا. وقد أشار الدستور المصرى إلى قيم العدالة والمساواة ونص على ذلك فى أكثر من 18 مادة لضمان حقوق المرأة عمومًا والفتاة بصفة خاصة، لذا تثمن الدكتورة أمل دور الحكومة وجميع المؤسسات التى تطبق الاستراتيجية الوطنية للمرأة 2030 بما يتناسب مع أهداف التنمية المستدامة التى تساعد الدولة على تنفيذ الخارطة الخاصة بتمكين الفتاة والمرأة.

الفتاة المعيلة

ورغم أهمية التحديات السابقة، هناك تحدٍ يواجه قطاعًا كبيرًا من الفتيات، يندرج تحت مسمى الفتاة المعيلة، التى تتحمل مسئوليات والتزامات أكبر من عمرها الحقيقى، ولا تعى كيفية التصرف فى مثل هذه المواقف، وبحكم عمل الدكتورة أمل طلعت فى المشاركة المجتمعية عرضت بعض النماذج الواقعية لبعض الفتيات اللواتى أجبرتهن الظروف على أن يكنّ امعيلاتب لكل أفراد أسرهن، فعلى سبيل المثال: فتاة فى المرحلة الثانوية تُوفى والداها ووجدت نفسها مسئولة عن المنزل وأشقائها الصغار بجانب دراستها وتوفير الميزانية وتدبيرها ما جعلها تضطر للنزول لسوق العمل لتبحث عن وظيفة حتى لو اضطرت للبقاء خارج المنزل لساعة متأخرة من الليل.

وأخرى تُوفى والدها منذ أكثر من عام ولم يكن له عمل ثابت وبالتالى لم يُصرف معاش للأسرة، وهى الأكبر سنًا بين أشقائها، ما جعلها تتحمل المسئولية فى توفير الالتزامات قدر الإمكان فضلا عن انتظارها شهريا تجميع مبلغ مالى من بعض المقربين لهم. والحالة الأخرى لفتاة تُوفيت أمها، وأراد الأب أن يبدأ حياة جديدة فسافر للخارج وتزوج وترك أبناءه بمفردهم لتتحمل الفتاة الأكبر مسئولية المنزل بالكامل.

لذلك وجهت الدكتورة أمل رسالة بمناسبة اليوم العالمى للفتاة لمختلف مؤسسات هيئات الدولة بضرورة دعم الفتاة المعيلة والحصول على حقها تماما مثل المرأة المعيلة، فهى خرجت للمجتمع مسئولة بشكل كامل عن أسرة ما يجعلها فى حاجة للتوجيه وتوفير كل سبل الراحة لها، مطالبة وزارة التضامن الاجتماعى والمجلس القومى للمرأة بوضع مادة أو تخصص جهات معينة لدعم الفتاة المعيلة وتوجيهها ودعمها والوقوف بجانبها لتستطيع مواصلة مشوار حياتها.

الختان والزواج المبكر

من جانبها، تؤكد الدكتورة راندا فخرالدين، أمين صندوق مؤسسة مصر للصحة والتنمية المستدامة، أن ختان الإناث والزواج المبكر من أهم القضايا التى تعانى منها الفتيات فى مصر، التى تؤثر فيهن صحيا ونفسيا وإنجابيا وينعكس ذلك أيضا بالسلب على استكمال الفتاة لمسيرتها التعليمية، ما يجعلها تتحمل مسئولية كبيرة فى سن صغيرة، ما يؤدى لخلافات اجتماعية تنتهى بخسارة نصف القوى العاملة فى المجتمع، وشددت على ضرورة حل هذه المشكلات بالقوانين فكما تم تفعيل قانون تجريم ختان الإناث يجب تفعيل القانون الذى حدده البرلمان للحد من زواج الفتيات في سن مبكرة، ووضع قانون للقضاء على التسرب من التعليم، وتوعية المواطنين بعدم التلاعب بالقوانين والإيمان بأهميتها والتأكد من الدور القوى للفتاة وأنها ليست عارا أو عالة على المجتمع.

التحرش الإلكترونى

فيما يشير الدكتور إسلام الحسيني، أخصائى الطب النفسى، قائلاً إلى إنه لا يخفى على أحد أن وسائل التواصل تقدمت بسرعة مذهلة ومرعبة، فقد تحولت السوشيال ميديا لكابوس فى حياة العديد من الفتيات، حيث أصبحت نسبة كبيرة منهن تتعرض للمضايقات من خلال التعليقات الجارحة على المنشورات أو الصور الخاصة بهن على حساباتهن الشخصية، بالإضافة للتحرش الواضح وقد يصل الأمر للتهديد بأعمال العنف الجسدى على يد رجال أو فتيات أخريات. وطبقا لدراسة إلكترونية شاركت بها 1312 فتاة عربية يبلغن من العمر 15 عاما أو أكثر، وُجد أن أغلب الفتيات يمتنعن، بسبب الخوف، عن نشر صورهن الحقيقية وتقريبًا يقوم الثلث منهن بفعل ذلك.

وعبرت أغلب الفتيات عن تعرضهن لأحد أشكال التحرش بغض النظر عن العمر. اللافت أن الغالبية العظمى لم تكن على دراية بالجوانب القانونية المتعلقة بهذه المضايقات الإلكترونية وعليه فإن أغلبهن لا يقوم برفع قضايا أو توجيه اتهامات لإيقاف الأمر، بل وتختفى بعض الفتيات تماما لفترة عن الحضور الرقمى حتى تنتهى المشكلة، وتحاول أخريات تجاهل الأمر محاكاة للطريقة القديمة التى كانت تلقنها الأمهات لبناتهن لتواجه بها الفتيات معاكسات الشارع.

ولا يعد المؤلم فى الأمر هو تطور وسائل المضايقة وانتهاك الحقوق بالتزامن مع تطور وسائل التواصل، فهذا أمر متوقع، لكن الألم الحقيقى تعانيه الفتيات اللواتى قررن الانسحاب من العالم الحقيقى واللجوء للعالم الافتراضى ظنًا أنه قد يكون أكثر أمانًا من الشارع الممتلئ بنظرات غير مريحة وعبارات صريحة أو غير صريحة.

القوانين

وتؤكد دعاء عباس، المحامية ورئيسة الجمعية القانونية لحقوق الطفل والأسرة، إن من أهم حقوق الفتاة وخاصة الفتيات العاملات والفئات الكادحة هو وضع قوانين حازمة للحفاظ على حقوقهن، ولا بُد من صدور قانون مباشر يجرِّم الزواج المبكر ويضع عقوبات رادعة على مرتكب تلك الجريمة سواء كان ذلك يعاقب عليه ولى أمر الفتاة أو من قام بعقد قرانها، فالدستور فى مادته ٨٠ حدّد سن الطفل حتى ١٨ سنة وكذلك منع توثيق زواج الأطفال خلال مرحلة الطفولة ولم يضع عقوبة، حيث لا توقع عقوبة على الزواج المبكر إلا فى حالة التزوير فقط عند توثيق الزواج للزوجين اللذين لا يتجاوز عمراهما ١٨ عامًا.

كما تطالب بسن قانون يواجه العنف الأسرى الذى أصبح للأسف ظاهرة فى الفترة الأخيرة ويعانى منه الأطفال والفتيات، ويجب أن ينص القانون على عقوبات رادعة حتى لا تتكرر الجريمة مرة أخرى، مع مراعاة الاهتمام المباشر بفتيات دور الأيتام بوضع الدولة ميزانية لتولى مسئولية هؤلاء الفتيات من تعليم وزواج حتى لا يتعرضن للاستغلال الجنسى والعنف الجسدى ولا يجدن مأوى سوى الشارع، وهو ما يحدث بالفعل للبعض، وأيضا القضاء على العنف ضد الفتيات بشكل خاص والمرأة بشكل عام من خلال تفعيل القوانين ونشر الوعى عن الآثار النفسية والجسدية التى تعانى منها المرأة فيما بعد نتيجة هذا العنف.

أقرأ أيضأ : احتفالا باليوم العالمي للفتاة..اليونيسف تستضيف قمة إقليمية للفتيات العربيات بعمان