قرار «أوبك بلس» تخفيض إنتاج النفط.. الأسباب والتداعيات

مقر منظمة الأوبك فى فيينا
مقر منظمة الأوبك فى فيينا

بقلم : مروى حسن حسين

 الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يعد، لـتصعيد كبيرفى النزاع مع أوكرانيا، وهو مصمم على إظهار نيته استخدام أسلحة الدمار الشامل من خلال إجراء تجربة نووية على الحدود الأوكرانية.


لهذا السبب أرسل حلف الأطلنطى مؤخراً تحذيراً لأعضائه من إقدام بوتين على إجراء اختبار نووى وشيك، بعد أن أظهر نيته فى الآونة الأخيرة بشأن استعداده للتصعيد بعد الهزائم التى تعرض لها الجيش الروسى مؤخراً. كما أن المخاوف فى هذا الصدد تضاعفت بعد أنباء عن توجه قطار روسى تقوده وحدة سرية مختصة بالأسلحة النووية نحو أوكرانيا. حيث شوهد القطار بروسيا الوسطى وهو مرتبط بالمديرية الثانية عشرة بوزارة الدفاع الروسية، المسئولة عن الذخائر النووية، وتخزينها، وإصلاحها، ونقلها، وتوزيعها على الوحدات العسكرية.

فى وقت تسيطر فيه رؤية ضبابية على أداء الاقتصاد العالمي، قرر تحالف أوبك بلس، الذى يضم دول منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين من خارجها بينهم روسيا، خلال اجتماعها الأربعاء فى فيينا خفض الإنتاج بشكل حاد لدعم تراجع أسعار النفط، وأثار القرار مخاوف من رفع أسعار النفط وتعزيز مخاوف التضخم العالمى كما انه اثار غضب واشنطن حيث يعمل الرئيس الامريكى على خفض أسعار الوقود للأمريكيين قبل انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الشهر المقبل.


على الرغم من ضغوط الولايات المتحدة وغيرها من الدول لضخ المزيد من النفط، وافق تحالف «أوبك» على خفض الإنتاج بنحو مليونى برميل يوميا بدءا من نوفمبر المقبل، أى بما يوازى 2٪ من الإمدادات العالمية، وهو أكبر تخفيض للتحالف منذ جائحة كوفيد-19، مما يحد من الإمدادات فى سوق تعانى شحا بالفعل، لكنه يبدو أمرا ضروريا ردا على رفع أسعار الفائدة فى الغرب وضعف الاقتصاد العالمي، بحسب البيان المشترك للتحالف.


أثار قرار خفض إنتاج النفط غضب الولايات المتحدة التى تركت مبررات خفض الانتاج واتهمت المجموعة بالانحياز لروسيا، ، فى وقت يقود فيه بايدن جهودا دولية لعزل روسيا المنتجة للطاقة بسبب غزوها لأوكرانيا، ولذلك وجه وزارة الطاقة الامريكية بتوزيع 10 ملايين برميل إضافية من الاحتياطى البترولى الإستراتيجى فى السوق الشهر المقبل.

كما سيواصل التوجيه بالسحب من هذا الاحتياطى بحسب الحاجة، لحماية المستهلكين وتعزيز أمن الطاقة.. ودعا أعضاء ديمقراطيون فى الكونجرس الأمريكى لخفض حاد فى المبيعات العسكرية للسعودية، بينما يبحث الرئيس جو بايدن كيفية الرد على خطط دول أوبك لخفض إنتاج النفط.


وبسبب سحب واشنطن من مخزونات الطوارئ، كانت أسعار النفط العالمية قد تراجعت بنحو 28% منذ الأول من يونيو 2022، إلا أن أسعار البنزين والديزل عاودت الارتفاع بسبب مخاوف تعطل الإمدادات مع تحديات الأزمة الروسية الأوكرانية والتضخم المتصاعد وصولا إلى أزمة سلاسل التوريد العالمية.. ويرى بعض المحللين ان هذه الخطوة من المتوقع أن تعطل محاولات واشنطن لوضع حد أقصى لسعر النفط الروسي.

وهى خطة اقترحتها الولايات المتحدة كوسيلة للحد من تدفق الأموال لروسيا.. مع ذلك قدم الانخفاض الأخير بعض الراحة للمستهلكين، حتى مع استمرار ارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية الأخرى، بما فى ذلك المواد الغذائية. وقال محللون إن تأثير التخفيضات من المرجح أن يكون أقل أهمية مما قد يوحى به حجمها، لأن بعض الدول كانت تنتج بالفعل أقل مما قالت إنها ستنتج.


البعض يرى ان الإدارة الأمريكية ستواجه المزيد من الضغوط عقب القرار مع توقعات بارتفاعات كبيرة فى أسعار البنزين والديزل وسط توقعات بتجاوز برميل النفط لحاجز الـ100 دولار بنهاية العام الجاري. وهو ما قد يزيد من نسب تراجع التأييد لبايدن قبل انتخابات التجديد النصفى بالكونجرس والتى سبق ان تراجعت بسبب التضخم بالغ الارتفاع.


ويواجه النفط الصخرى الأمريكى اليوم قيودا ربما تكون مشابهة لأزمة انهيار الأسعار فى 2016، فالمنتجون فى الولايات المتحدة يعانون من قلة المعدات والعمال وشح رأس المال، ما يؤدى فى النهاية إلى ضعف الإنتاج. ولن يغير قرار الخفض الكبير المرتقب لإنتاج النفط من «أوبك» هذه القيود.

 

ووفق «رويترز»، تعانى شركات الإنتاج المملوكة لفرد واحد أو مجموعة صغيرة من المساهمين من مشكلات فى سلاسل التوريد وقلة رأس المال، مما يقوض أيضا من قدرتها على زيادة الإنتاج.


وعلى الجانب الروسي، وصف ألكسندر نوفاك نائب رئيس الوزراء القرار الذى اتخذه تحالف أوبك بلس بأنه «غير مسبوق» وعزاه للحاجة لتحقيق التوازن فى سوق النفط. وحذر من أن التوجه لفرض سقف لسعر نفط بلاده، سيكون له أثر ضار على الأسواق العالمية.

وأكد أن بلاده قد تخفض إنتاج النفط لمواجهة التأثيرات السلبية إذا قررت القوى الغربية تنفيذ هذه الخطوة، ولن ترسل إمدادات النفط للدول التى تعتمد هذا السقف.. وتوقع خبراء ومحللون أن تكون هناك خطوات لاحقة فى ظل عدم وضوح الرؤية العالمية إذا حدثت تطورات اقتصادية خصوصا فيما يحدث فى الصين، وتوقعات الركود فى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.


من جانبه، قال رئيس مركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، طارق الرفاعي، إن قرار أوبك بلس «إيجابي» وسط محاولة موازنة بين العرض والطلب فى ضوء عدم اتضاح الرؤية تماما بشأن مستقبلهم فى الأسواق. لكن مع ذلك تبدى بعض الجهات ثقتها فى استمرار ارتفاع الأسعار خاصة مع الأوضاع الحالية بوجود نقص فى المعروض مقارنة بحجم الطلب.

حيث تشير التوقعات إلى أن خفض أوبك الإنتاج بواقع مليونى برميل يوميا قد يؤدى لتعافى أسعار النفط التى هبطت لحوالى 90 دولارا مقارنة مع 120 دولارا قبل ثلاثة أشهر بسبب مخاوف من حدوث ركود اقتصادى عالمى وارتفاع أسعار الفائدة فى الولايات المتحدة وازدياد قوة الدولار. و عقب القرار، قفزت أسعار النفط لأعلى مستوياتها منذ ثلاثة أسابيع، تحسبا للتخفيضات وعلى خلفية بيانات حكومية أمريكية تظهر تراجع مخزونات الخام والوقود الأسبوع الماضي.


وبحسب تصريحات نقلتها رويترز عن فيونا سينكوتا، كبيرة محللى الأسواق فى سيتى إنديكس، فإن أسعار النفط ترتفع حتى الآن هذا الأسبوع تحسبا للتخفيضات. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت التخفيضات قد تشمل تخفيضات طوعية إضافية من قبل أعضاء مثل السعودية أو ما إذا كانت قد تتضمن النقص القائم فعلا فى إنتاج الدول المنتجة.


اقرأ ايضا | بلومبرج: «أوبك+» تدرس خفض إنتاج النفط بأكثر من مليون برميل