المستشار محمد عبد اللطيف: القانون أعطى الحق للمواطن التصدي للغير في حالات محددة

بعد حادث طريق السويس.. ما لك وما عليك في التعامل مع الخارجين عن القانون

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتبت: منى ربيع

منذ أيام أصدر النائب العام المستشار حماده الصاوى قرارًا بإحالة السائق المتهور على طريق السويس إلى محكمة الجنايات، وقد كشف قرار إحالة المتهم إلى محكمة جنايات القاهرة عن أن المتهم كان يقود سيارته تحت تأثير المخدرات برعونة وعدم احتراز على طريق (القاهرة - السويس)  وبحسب نص قرار الإحالة فإن المتهم  (أحمد.ج) 47  سنة، حاز بقصد التعاطي جوهرًا مخدرًا «الترامادول»، في غير الأحوال المصرح بها قانونًا، كما أحرز بقصد التعاطي جوهرين مخدرين «الأمفيتامين والميثامفيتامين» في غير الأحوال المصرح بها قانونًا.

وبالرغم من أن المتهم تم تصويره أثناء ارتكاب جريمته وتعريضه حياة المتهمين للخطر، إلا أن هناك انتقادات كثيرة تم توجيهها للمواطنين الذين قاموا بالقبض على المتهم عندما تعدوا عليه ضربًا في الطريق العام، كذلك سائق النقل الذى صدمه من الخلف، مؤكدين أن ما فعله السائق المتهور خطأ لكن التعدى عليه خطأ آخر.

ومن هنا كان السؤال؛ ماهى حدود المواطن في التعامل مع الخارجين عن القانون؟، وهل يحاسب القانون على ما فعلوه من انفعالات حيث قاموا بالتعدي عليه؟، وماذا لو حدث له مكروه اثناء محاولة المارة الفتك به؟، وبعيدا عن القانون هل يستحق الشخص الذي عرض حياة الناس في الطريق العام التعاطف ام لا؟، في السطور التالية طرحنا قضية سائق السويس المتهور والقضايا المشابهة والتى قام فيها مواطنون بالتعدى على الخارجين علن القانون، وكذلك آراء رجال القانون والامن والاجتماع والذين اجابوا عليها من خلال خبرتهم ومواد القانون.

على صفحات التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر وغيرها انتشر فيديو لشاب يقود سيارته على طريق السويس بكل رعونة وهو يفتح باب السيارة ويسير يمينًا ويسارًا على طريق سريع وتطارده سيارة نقل وتصدم سيارته من الخلف حتى تجعله يقف، هكذا كان الفيديو ثم توالت بعدها مقاطع فيديوهات المطارادات حتى تم ايقاف السائق، ليقوم بعض المواطنين بجذبه من ملابسه وسحله ارضًا وضربه وتقييده بالحبال حتى جاءت الشرطة وتم القبض عليه.

لم تكن حادثة طريق السويس هي الوحيدة بل سبقها حوادث تعامل فيها المواطنون بنفس الشكل لدرجة أن بعض الخارجين عن القانون لفظوا انفاسهم الأخيرة اثناء الاعتداء عليهم من قبل المواطنين.

ضرب حتى الموت
ولم يكن هذا الحادث الوحيد، بل كان هناك عدة حوادث مشابهة؛ ففي الشرقية أقدم عدد من أهالى قرية مركز منيا القمح بالشرقية، على ضرب لص حتى الموت، لمحاولته التعدى على فتاة وسرقة قرطها الذهبى أثناء تواجدها فى أرض زراعية.

تلقى اللواء مدير أمن الشرقية، إخطارًا من اللواء محمد والي، مدير المباحث الجنائية، يفيد بتلقيه بلاغًا بقيام عدد من أهالى قرية كفر عبدالنبى، بالتعدى على لص بالضرب المبرح حتى لفظ أنفاسه الأخيرة بين أيديهم، لمحاولته سرقة قرط ذهبى من فتاة أثناء جمعها «البامية» بإحدى الأراضى الزراعية، بعد التعدى عليها بالضرب.

وفى «عزبة الجندية» التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية قام الاهالي بتعليق شاب في العقد الثاني من العمر على شجرة، واعتدوا عليه بالضرب المبرح حتى الموت لسرقة أحد منازل القرية.
فيما قام أهالي قرية أبو النمرس بالجيزة بضرب شخصين وتعذيبهما بصورة بشعة حتى لفظا أنفاسهما الأخيرة بسبب محاولتهما خطف فتاة وسرقة توك توك، حيث قام الأهالى بتعليقهما كالذبائح والاعتداء عليهما بالأسلحة البيضاء والآلات الحادة.

وشهدت محافظة أسيوط واقعة اعتداء عدد من شباب قرية العصارة بمركز الفتح، على سائق «توك توك»، جردوه من ملابسه وربطوه فى شجرة وتعدوا عليه بالضرب المبرح، وصوروه  بكاميرات الهواتف المحمولة، وتداولوا مقاطع الفيديو عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، زاعمين أن الشاب حاول سرقة موتوسيكل من القرية وأنه تعرض لإحدى الفتيات، وهو ما نفاه الشاب وتقدم ببلاغ ضد الشباب الذين اعتدوا عليه وتم القبض عليهم.

وفي قرية تل الكاشف التابعة لمركز الزرقا بدمياط تمكن الأهالى من الإمساك بعاطل أثناء تسلقه أحد المنازل لسرقة البط والأرانب، حيث تجمع العشرات من أهالى القرية على اللص، وقاموا بتقييده بالحبال  على عمود كهرباء بالقرية والاعتداء عليه بالضرب، ثم وضعوه على حمار بشكل مقلوب، وطافوا به أنحاء القرية، والتقطوا الصور السيلفى أثناء تعذيبه والطواف به، وألقت الشرطة القبض على اللص وعلى شابين تزعم الأهالى الاعتداء عليه، وإحالتهما إلى المحكمة  بتهمة الاعتداء عليه بالضرب وتقييده وزفه على ظهر حمار بالمقلوب.
ومن المحافظات الى القاهرة حيث ألقت قوات الشرطة القبض على شقيقين ضربا لصًا حتى الموت حاول سرقة شقتهما بالمرج.

اقرأ أيضًا

النـائب العام يأمر بحبس قـائد السيـارة المتسببة في حـادث عـلى طريق السـويس

رد الفعل
البعض يبرر أنه إذا لم يفعل هؤلاء ذلك ربما يكونون هم المجنى عليهم، علاوة على أن هذا اللص كان يهدد حياة أخرين، ونتساءل هنا هل يحق للمواطن الاعتداء على الخارجين عن القانون؟ وماهي حدود تعامله معهم؟

يقول  المستشار محمد عبد اللطيف؛ إن هناك بعض المواد بقانون العقوبات تنص على كفالة حق الدفاع الشرعي عن النفس، والمال، أو لمنع أي فعل یعتبر جریمة، ولكن هذه القوانين لها اشتراطات وحدود واضحة، فالقانون قد یعفي القاتل من العقوبة في حالات معینة، منها أن يكون هناك خطر حقیقي من المعتدي یبیح للمدافع التصدي له بالدفاع الشرعي عن النفس أوالمال أو الحالات الأخرى التي نص عليها القانون، مثل منع اغتصاب امرأة، حتى إن تطور الأمر إلى القتل، وأن یكون الخطر القائم، یتمثل في جریمة يمنعها القانون ویعاقب عليها.

واعطى القانون الحق للمواطن في وقف الضرر الناتج عن آخر بأي شكل دون أن يتطور الامر لقتله أو ايذائه إلا في حالات معينة وكان على المواطنين التحفظ عليه دون المساس به حتى تأتى قوات الشرطة، كما أن نص قانون العقوبات المصري قد یعفي المتهم في جرائم القتل العمد، لیس فقط في حالة الدفاع الشرعي عن النفس، وإنما أحیانا  فى حالة الدفاع عن الغیر، أو الممتلكات، وفقًا لحالات یحددها القانون، وكما أوضح القانون فإن حق الدفاع الشرعي عن النفس مكفول لدفع كل فعل یعتبر جریمة یعاقب عليها القانون.

وتنص  المادة 249 على أن حق الدفاع الشرعى عن النفس لا یجوز أن یبیح القتل العمد إلا في حالات مقننة، وأن یكون مقصودًا به دفع أمور ومخاطر معینة.

وأضاف شعبان سعيد المحامي بالنقض؛ انه يعلم جيدا الخطر الذى كان يمثله السائق المتهور لكن رد فعل المواطنين كان من الممكن أن يمثل كارثة إذا لقى هذا المتهم مصرعه على أيديهم، لنصبح امام جريمة أخرى، ومن هنا نبيح قانون الغاب ونحن في دولة قانون وكان التصرف الأمثل هو التحفظ على المتهم لحين وصول الشرطة دون ان يتم الاعتداء عليه .

اللواء محمد زكي: احتجازه فقط دون الاعتداء عليه

فيما أكد اللواء محمد زكى مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمنى؛ أن أي نشاط بشري يرتبط بعدة عوامل نفسية وسلوكية لمواجهة الأزمات وبيئية وهى الخاصة بردود الأفعال واختلافها من بيئة لأخرى إذا ماحدث على طريق الاسماعيلية هو حادث فردى والتعامل معه من خلال المواطنين والقبض على المتهم ايجابي لكن كان لابد من احتجازه فقط حتى تأتى الشرطة دون الاعتداء عليه لاننا في دولة قانون، وأن ماحدث في مقاطع فيديو بعض المواطنين اعتدوا على ذلك المتهم والبعض الآخر كان يمنع الاعتداء لحين وصول الشرطة؛ هذا يبرز اختلاف الثقافات والبيئة لان الحادث وقع على طريق سفر يمر به مواطنون من مختلف الاطياف تختلف ثقافتهم وبيئتهم وسلوكهم وردود أفعالهم، وان ماحدث من بعض المواطنين كان نتيجة شعورهم بالخطر لذا يجب على الاعلام ووسائل التعليم والمؤسسات الدينية وغيرها من منظمات المجتمع المدنى توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم في مثل هذه المواقف، والعمل على توعية المواطنين بالالتزام بالمواطنة والانتماء والمشاركة في تأمين المجتمع في حدود القانون، كذلك العمل على التركيز في الاسلوب التثقيفي وتكوين فكري والعمل على زيادة الوعي الدينى والوطنى، لذا تلك المواقف تحتاج مواجهة ثقافية تعليمية ودينية حتى يعرف كل مواطن حقوقه وواجباته .

د.إيمان عبد الله: أمر مرفوض لأننا في دولة قانون

ليس من حقهم
وتقول الدكتورة ايمان عبد الله استاذ الطب النفسي ماحدث من قبل المواطنين تجاه سائق السويس المتهور هو أمر مرفوض حيث كان عليهم التحفظ وتسليمه للشرطة، لكن لا يحق لاحد أن يضربه او حتى سبه، لأننا بذلك نرتكب نفس الجرم الذي هو ارتكبه، فالمتهم هنا غير مدرك لأفعاله لأنه تحت تأثير مخدر بينما المواطنون الأخرون مدركون لما يفعلون وكان يجب عليهم السيطرة على أفعالهم لأننا في النهاية في دولة قانون.

لذا دائما اناشد بتفعيل دورات التعامل مع الأزمات والمواقف الصعبة  والذى بدأ تطبيقها حاليا في المدارس والجامعات وتلك الدورات تجعل الشخص يجيد التعامل مع الأزمات وتجعله أكثر هدوءًا وحكمة، وعن استحقاق المتهم في لحظة القبض عليه للتعاطف من عدمه ؟! ترد الدكتورة ايمان عبد الله قائلة: المطالبة بعدم استخدام العنف مع المجرمين فهو ليس تعاطف بل نحن نطالب بأن ينال جزاءه الذى حدده القانون والذى يتناسب مع الجرم الذى ارتكبه وليس ارتكاب جرم آخر.