عاجل

من زمن فات l ممدوح عبدالعليم .. بطــل من ذهـب

ممدوح عبدالعليم
ممدوح عبدالعليم

مايسة أحمد

هل تعلم عزيزى القارىء أن الفيلم الشهير “بطل من ورق” - الذي عرض عام 1988 - لم يكن مرشح له من الأساس الفنان ممدوح عبدالعليم، حيث عُرض الفيلم على عادل إمام في البداية لكنه رفض، ثم عُرض على أحمد زكي و رفض أيضاً، لأنه لم يكن يريد أن يقدم فيلمًا كوميديا في ذلك الوقت، ليذهب الدور إلى ممدوح الذي قدمه وتم إدراجه ضمن قائمة أفضل أفلام السينما المصرية، وكان بالنسبة له أول بطولة مطلقة مع آثار الحكيم والمخرج نادر جلال، وحقق نجاحاً كبيراً من خلال شخصية “رامي قشوع”. 

وتوالت بعده الأعمال المميزة التي شارك فيها وقدم أدوار لا تُنسى حتى كان آخر أدواره مسلسل “السيدة الأولى” الذي قدم فيه دور رئيس مصر، ولاقى ممدوح إشادة نقدية كبيرة عن الدور، ومن أبرز الشخصيات التي حفرت في وجدان الجمهور أيضا “رفيع بك العزايزي” بمسلسل “الضوء الشارد”، ولا يمكن أن ننسى دور “علي البدري” بمسلسل “ليالي الحلمية”، وأيضا أداءه المميز لشخصية “حربي” في رائعة بهاء طاهر “خالتي صفية والدير”.

“الحب في بلاد الضباب”

الحقيقة أن أعماله الفنية لا يمكن حصرها في سطور، لكنها علامات محفورة في تاريخ الفن العربي أجمع، وليس المصري فقط.. أما بالنسبة لحياته الشخصية فقد تزوج من الفنانة السورية نبيلة كرم، وهي فنانة استعراضية لها بعض الأفلام في السينما المصرية، لكنهما انفصلا بعد فترة قصيرة، وأثناء تصوير الجزء الخامس من مسلسل “ليالي الحليمة” في لندن تعرف على الإعلامية شافكي المنيري، بعد أن تواصلت معه ليكون ضيفها في حلقة آنذاك تٌصور هناك، ومن هنا بدأت قصة الحب بينهما، واستمرت حتى وفاته، وأثمرت عن ابنته الوحيدة “هنا”.

الغريب أن ممدوح قرر تغيير يوم عيد ميلاده ليكون 31 ديسمبر، حتى يحتفل بيوم مولده في بداية كل عام، فيكون عاماً جديداً له وللآخرين، مضيفاً أنه تصادف بعد ذلك أن والد زوجته شافكي يوم مولده أيضا في شهر نوفمبر، كما أنه رُزق بابنته في شهر نوفمبر، لتصبح عائلتهم كما أسماها، “عائلة برج العقرب”، وعن ذلك قال: “حبيت أبعد عن الزحمة دي كلها اللي في شهر نوفمبر، أخويا وأمي وحمايا وبنتي، فقلت هعمل عيد ميلادي في 31 ديسمبر، بس رجعت تاني أعمل عيد ميلادي في نوفمبر، عشان بنتي اتولدت يوم 17 نوفمبر، كان نفسي تتولد نفس يوم عيد ميلادي، بس هي اتولدت بعده بأسبوع مفرقتش كتير، والشهر بقى حلو بولادتها”.

“الدموع واليقين”

وأكد ممدوح أنه رأى رؤيا بعد زواجه مباشرة، بأنه يُجهز منزل الزوجية، حيث رأى ابنته تلعب أمامه وهي عمرها 3 سنوات، ثم جرت نحوه لتشق قلبه وتسكن بداخله، موضحا أن هذا المشهد تكرر بالفعل، ورآه على أرض الواقع بعدما بلغت ابنته 3 سنوات وجرت نحوه، بنفس الشكل والملابس التي رآها في الرؤيا.

وأوضح أنه شعر وقتها أن هذه الرؤيا رسالة من الله عز وجل له، بأنه سيكافئه على تعبه بابنته الجميلة، مشيراً إلى أنه كان يقول للجميع أنه سينجب بنت ويطلق عليها إسم “هنا”، وعندما حدث ذلك تفاجأ الجميع من شدة يقينه، مؤكدا أن هذه الرؤيا جعلت هناك رابطا خاصا وقويا لا يمكن تفسيره لأحد بينه وبين ابنته.

كانت مصر همه الأول، وكان يقول إنها في دمه ويبكي دائماً إذا تعرضت لأي موقف يضرها أو يسيء إليها، فالمعروف عن ممدوح من المقربين له أن دموعه كانت قريبة وتنهمر سريعاً، وعندما كان يسأله الجمهور عن اختفائه عن التمثيل لفترة عقب ثورة يناير كان يجهش بالبكاء، ويقول: “مصر كانت موجوعة وصعب إني أمثل وهي موجوعة، أنا زيي زي ناس كتير أكيد بتحب مصر، وكان بيصعب عليا إني افتح التليفزيون وألاقي مصر كده في فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية، فأنا على يقين أن مصر لن تموت، وما يحدث ما هو إلا مرحلة مرض، وسيأتي الشفاء قريباً، وهو ما بدأ يحدث على أرض الواقع”.

“الأيام الأخيرة”

ممدوح كان في صحة جيدة قبل وفاته، وكان مع شافكي وابنتهما هنا يحتفلون بقدوم العام الجديد في شرم الشيخ، وكان سعيد جدًا في الرحلة، وقرروا استقبال العام الجديد في الصحراء مع البدو، وشرب الشاي معهم.

أما عن آخر أمنياته قبل وفاته، تقول شافكي عنها: “وقت السفر كتب على (تويتر) أمنياته الجديدة، وأنه يتمنى الخير لمصر، مع أن أمنياته كانت دائما ليّا أو لهنا، وحتى سألناه وقتها عن أمنيته، قال: أتمنى أن السياحة ترجع، والناس ترجع لشرم الشيخ، وأنا مش مهم أجي تاني”.

وعن تفاصيل يوم الوفاة أوضحت أن الفنان الراحل كان يقرأ في الصباح كعادته سيناريو الجزء الأخير من مسلسل “ليالي الحلمية”، وعندما تحدثت إليه، وسألته: “هتعمل إيه”، رد عليها قائلًا: “هروح الجيم”، واستكملت حديثها: “وبعد كده كان معزوم عند أصحابه، هو راح الجيم فعلاً بس أنا كنت مشيت من النادي، ومأخدش في الجيم نص ساعة وحصلت الوفاة”.

واختتمت حديثها باكية أنه عندما سقط في الجيم، تم نقله للمستشفى، وعندما ذهبت إليه أخبرها الطبيب بوفاته، فكانت في حالة هيستيرية ولم تتخيل أن تفقده بتلك السهولة، وعلمت أنه تعرض لأزمة قلبية مفاجئة أثناء ممارسته للتمارين الرياضية فى صالة جيم نادي “الجزيرة” بالقاهرة، نقل على إثرها لمستشفى “الأنجلو”، ووافته المنية هناك. 

رحل ممدوح بعد أن قدم مشواراً حافلاً بالأعمال الفنية المهمة في السينما والتليفزيون، وحفر اسمه في أذهان محبيه، وحفر ملامحه في قلوبهم، شقيقهم الذي لم يخذلهم، ورفيق رحلة حرص طوال حياته أن يكون خير الرفيق، ونجح في ذلك.

أقرأ أيضأ l ياسمين جمال: ممدوح عبدالعليم أوقف تصوير «الفريسة والصياد» عشان يبوس إيدي