في ذكرى حرب أكتوبر 49 l حكايات أغانى الجبهة

ذكري حرب أكتوبر ٤٩
ذكري حرب أكتوبر ٤٩

آية محمد عبد المقصود

يحتفل المصريون بالذكرى الـ 49  لحرب أكتوبر المجيدة، والتي شهدت على قصة كفاح كبيرة وإصرار وعزيمة من المصريين لإسترداد أرض سيناء الباسلة من أيدي الصهاينة، ولم يكن الجنود فقط هم من يرفعون أسلحتهم في وجه العدو، بل كان هناك أيضًا دوراً عظيما للفن، فقد تغنوا بأعظم الأغنيات التي رسخت في وجدان كل المصريين حتى هذه اللحظة.. من خلال السطور التالية نرصد حكايات أغاني النصر العظيمة الخالدة..

بسم الله

“ بسم الله .. الله أكبر بسم الله بسم الله .. اذن وكبر بسم الله بسم الله”.. كانت هذه الأغنية هي باكورة الأغنيات التي تغنت بها “المجموعة”، وكتب كلماتها المؤلف عبد الرحيم منصور، ولحنها العبقري بليغ حمدي في مبنى الإذاعة والتليفزيون، فور سماع بيان القوات المسلحة بالعبور، وحينها ذهب بصحبة زوجته المطربة الجزائرية وردة، والكاتب عبد الرحيم منصور إلى مبنى “ماسبيرو”، لكن تم منعهم من الدخول لأنه لم يكن مسموحاً بالدخول إلا للعاملين فقط .. فصاح بليغ أمام البوابة: “عايز ادخل”، وطلب صديقه الإذاعي وجدي الحكيم، وقام بتهديده أنه إذا لم يسمح له بدخول المبنى سيحرر فيه محضر في قسم الشرطة، وقال له: “مش عايز تخليني أعمل أغنية لبلدي يا وجدي”، لكن بعد مرور فترة وجيزة سمح له بالدخول بعدما وافق رئيس الإذاعة حينها – محمد محمود شعبان “بابا شارو” - بدخوله وبصحبته وردة وعبد الرحيم منصور و”المجموعة”، وأذيعت الأغنية في نفس اليوم، واستلهم بليغ كلمات الأغنية من الشارع المصري حينها، عندما استيقظ من النوم على تكبير وتهليل جيرانه يهتفون “الله أكبر بسم الله انتصرنا”، وقام بتسجيل الأغنية حينها، وأخذ المخرج محمد سالم نسخة من الأغنية وانطلق مسرعا ليعرضها بالتليفزيون مع لقطات حية مصورة من عبور قواتنا المسلحة بالزوارق المطاطية لخط بارليف، لتصبح من أشهر الأغنيات المرتبطة بنصر أكتوبر المجيد .

على الربابة

“وأنا على الربابة بغني.. غنوة الحرية.. قول معايا يا شعب.. تحيا مصر”.. كانت هذه هي الأغنية الثانية التي تم تسجيلها فجر السابع من أكتوبر، وغنتها وردة، وكتب كلماتها عبد الرحيم منصور، وحينها كان الإعلامي حمدى الكنيسي، عائداً من الجبهة مرتدياً البدلة العسكرية، فطلب منه وجدي الحكيم أن يرافق وردة في تسجيل وتصوير الأغنية ليبث الحماس في نفسها، وليكون هناك مزيدًا من المصداقية. 

عاش اللي قال

“عاش اللي قال.. للرجال عدو القنال.. عاش اللي حول صبرنا حرب ونضال.. عاش اللي قال يا مصرنا مفيش محال”..

كان عبد الحليم من أكثر الفنانين الذين لم يتخلوا عن المعركة من بدايتها بصوته، فغنى واحدة من أهم أغنيات النصر وهي "عاش اللي قال" كلمات محمد حمزة، وألحان بليغ حمدي، واقتبس كلماتها الشاعر محمد حمزة من مقال للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بصحيفة “الأهرام”، في الأيام الأولى للحرب، وأشاد فيها بالرئيس السادات وبقراره الجريء والشجاع، وخلال التجهيز لبروفات الأغنية، علم الرئيس، أن اسمه سوف يردد في الأغنية، بحيث يرد الكورال، على عبد الحليم بترديد اسم السادات، بقولهم “عاش السادات”، ردا على المقطع الأول من الأغنية، لكن السادات رفض ذكر اسمه، وحذفه من الأغنية، واتصل بعبد الحليم وقال له: “إذا أردتم ذكر اسمي، فعليكم أن تذكروا أسماء كل رؤساء العرب، الذين ساهموا في حربنا مع الصهاينة، وساندونا، حتى حققنا المجد والنصر”، فما كان من عبد الحليم حافظ إلا أن يمتثل لرغبة السادات، وتم تسجيل الأغنية دون اسمه. 

لم تكن أغنية “عاش اللي كان” هي الوحيدة التي غناها عبد الحليم حافظ لنصر أكتوبر، بل غنى أيضا “قومي يا مصر” للؤلف عبد الرحيم منصور وألحان بليغ حمدي، و”سكت الكلام” كلمات محسن الخياط وألحان بليغ حمدي، و”صباح الخير يا سينا” لعبد الرحمن الأبنودى وبليغ حمدي، و”لفي البلاد يا صبية” لمحسن الخياط ومحمد الموجي. 

دولا مين

“دولا مين ودولا مين دولا عساكر مصريين.. دولا مين ودولا مين دولا ولاد الفلاحين.. دولا الورد الحر البلدي.. يصحى يفتح اصحي يا بلدي.. دولا خلاصة مصر يا ولدي.. دولا عيون المصريين”..  

بعد اندلاع حرب أكتوبر المجيدة، ذهبت سعاد حسني، إلى الإذاعي وجدي الحكيم لتطلب منه الغناء للأبطال على الجبهة، وقالت له: “أنا عايزة أغني للأبطال”، واسمعته كلمات “دولا مين” التي كتبها الشاعر أحمد فؤاد نجم، ولحنها الموسيقار كمال الطويل، فوافق الحكيم، لتغني سعاد أيضا للحرب، وكان فؤاد نجم متخوفا حينها من رفض الحكيم لكلمات الأغنية، ودخل نجم وقال لوجدي الحكيم: “أنا بعت سعاد عشان لو حضرت هترفض الأغنية لأنك مبتحبنيش”، فقال له الحكيم: “لا أنا بحب الجميع” ، وتعتبر “دولا مين” واحدة من أنجح الأغنيات المرتبطة بنصر أكتوبر، وعبرت عن دور الجندي البسيط في تحقيق النصر العظيم.

أم البطل 

“ابني حبيبي يا نور عيني.. بيضربوا بيك المثل.. كل الحبايب بتهنيني.. طبعا ما أنا أم البطل.. يا مصر ولدي الحر.. اتربى وشبع من خيرك.. اتقوى من عظمة شمسك.. اتعلم على إيد أحرارك اتسلح بإيمانه واسمك” .

لا يوجد من يسمع تلك الأغنية إلا وتذرف عينه بالدموع حزنا على أبطالنا الشهداء في سيناء، لكن لم يكن الكثير يعلم أن صوت الفنانة شريفة فاضل كان كلمة السر في هذه الحالة التي اصابت كل مصري بعد سماع هذه الكلمات، فقد استشهد ابنها البطل الطيار سيد السيد بدير في حرب الإستنزاف، فأصيبت شريفة بصدمة شديدة، وكان ابنها الكبير وأول فرحتها، وكان هذا هو السبب الرئيسي في اعتزالها الفن.  

وبعد انتصار أكتوبر العظيم قالت شريفة: “فرحت لما انتصرنا في أكتوبر وطلبت من صديقتي الشاعرة نبيلة قنديل تكتب أغنية عن أم البطل المقاتل، علشان كل أمهات الأبطال اللي استشهدوا واللي انتصروا، ونبيلة قعدت في غرفة ابني الشهيد نص ساعة، وخرجت ومعها كلمات أغنية (أم البطل)، وبكيت وأغمى عليا لما سمعت الكلمات، وبعدها طلبت من الملحن علي إسماعيل تلحينها، وذهبت إلى الإذاعة لتسجيلها في اليوم الثالث لحرب أكتوبر، ورحب بابا شارو رئيس الإذاعة حينها بالأغنية، وأمر بدخولي الأستوديو فورا، وسجلتها في يوم واحد، وكنت دايما بغنيها آخر أغنية في أي حفلة علشان ما بقدرش أغني بعدها”، وتبكي شريفة وهي تتذكر هذه اللحظات: “كلمات الأغنية كانت صعبة عليا، واتأثرت وأغمى عليا أكتر من مرة وأنا بغنيها، لدرجة إن فايزة أحمد قالتلي طالما مش قادرة تغنيها بلاش، لكنني أصريت”. 

سمينا وعدينا

“سمينا وعدينا شقينا طريق النصر.. وأيد المولى ساعدتنا.. رجعنا ابتسامة مصر.. خيوط الفجر بتنور وكل الشعب بيكبر وفي رمضان وبالإيمان أرضينا بتتحرر”.. هذه هي الأغنية الوحيدة التي تؤرخ أن حرب أكتوبر 1973 وقعت في شهر رمضان المبارك، والأغنية كلمات الشاعرة علية الجعار، وألحان عبد العظيم محمد، وغناء شهرزاد.

بيوت السويس

“يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي.. أستشهد تحتك وتعيشي إنتي.. هيلا هيلا يلا يا بلدي.. شمر درعاتك الدنيا أهية”.. 

كتب رائعة “يا بيوت السويس” الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، ولحنها إبراهيم رجب، وقام بغنائها محمد حمام، وما زالت هذه الأغنية، بيانا تاريخيا عن صمود الأبطال من أهل السويس وبسالتهم للدفاع عن مدينتهم ضد العدو الذي حاول الاستيلاء عليها فى محاولة يائسة لتعويض خسائرهم الفادحة والمؤلمة في حرب أكتوبر.

أقرأ أيضاً l «فداكي يا مصر» هدية الداخلية للقوات المسلحة في احتفالات أكتوبر| فيديو