في ذكري حرب أكتوبر 49..

إنعام محمد على: تعلمت الانضباط في «الطريق إلى إيلات»| حوار

الطريق إلى إيلات
الطريق إلى إيلات

أحمد سيد

المخرجة إنعام محمد علي تعد إحدى أيقونات الأعمال الوطنية، وتحديدا الأعمال التي تحكي عن حرب أكتوبر وما قبلها من حرب الاستنزاف، حيث كانت المخرجة الوحيدة التي تحمست لتقديم هذه النوعية من الأعمال وهي المعادلة التي استطاعت أن تحققها، خاصة أن هذه النوعية من الأعمال تحتاج إلى مجهود بدني وعقلي قد لا تتحمله إمراة، إلا أن إنعام قدمت فيلمين يعدا من أبرز الأفلام التي قدمت عن حربي الاستنزاف وأكتوبر، وهما حكايات الغريب والطريق إلى إيلات.. إنعام فتحت قلبها لـأخبار النجوم وتحدثت عن كثير من التفاصيل عن فيلميها، كما تجيب على السؤال الصعب لماذا لم نقدم عملا عن حرب أكتوبر إلا القليل منها؟..

في البداية تقول إنعام محمد علي: “كل عام والشعب المصري بخير وفي أمان وسلام.. حرب أكتوبر أعادت لنا هيبتنا وقوتنا، وأكدت على وجود جيش صلب يواجه كل المحن، وهو ما يحدث حاليا في عديد من بقع أرض مصر بمحاربته للإرهاب وخفافيش الظلام، والجيش المصري الباسل صنع ملحمة في حرب أكتوبر بعد فترة من المعاناة والإنكسار عاشتها مصر والأمة العربية بعد هزيمة 1967، واليوم نحتفل بذكرى انتصار أكتوبر المجيد الـ49، أتذكر مشاركتي في هذا الإنجاز الذي كنت جزء منه في السينما من خلال فيلمى (حكايات الغريب) و(الطريق إلى إيلات) حيث يظلا من الأعمال الخالدة في ذاكرة السينما”.         

هل ترين أن الميزانية سبب عدم تقديم أفلام عن الحرب؟ 

هذا غير صحيح، والدليل تقديم فيلم “الممر” مؤخرا، إنتاج هشام عبد الخالق، أي بعيدا عن الدولة، والتي ساهمت فقط ببعض الدعم اللوجيستي، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا جماهيري أو على مستوى الإيرادات، وبالتالي يمكن أن نقدم أعمالا جيدة تحكي عن حرب أكتوبر، لكن ينقصنا النص الجيد، خاصة أن هناك عدد من الأفلام أيضا التي حققت نجاحا كبيرا عند عرضها، وهناك أعمالا أخرى فشلت في هذا الأمر.              

 هل واجهت صعوبات إنتاجية في فيلمي حكايات الغريب والطريق إلى إيلات؟ 

الصعوبات لم تكن مادية، لكن كانت أثناء التصوير، خاصة أن هذه النوعية من الأعمال تحتاج لمجهود بدني كبير، ربما لا تستطيع إمرأة تنفيذه، لكنني أتحلى بالتحدي والحماس وروح المغامرة، وقررت أن أخوض التجربة بكل معاناتها ومرارتها. 

 ماذا عن صعوبات تصوير فيلم حكايات الغريب؟ 

“حكايات الغريب” من الأعمال التي أحبها، لأنني كنت صاحبة الفكرة، وقرأت الرواية التي تحمل نفس الاسم للأديب جمال الغيطاني، والتي كتبها في “أخبار اليوم” حيث كان مراسلا حربيا وقتها، حيث كان شاهد عيان على هذه المرحلة، وقررت التواصل معه لتقديم هذا العمل، وتم إضافة بعض التفاصيل الخاصة التي لم تكن ضمن أحداث الرواية، وحرصت أن يكون العمل أقرب إلى الواقع، وهو ما صعب مهمتي قليلا، لكنني تمكنت من التغلب على كل الصعب، حيث إن أكثر المعوقات التي واجهتني في هذا العمل هي أماكن التصوير، لأنني قمت بالتصوير عام 1991، أي بعد إعمار السويس بفترة قصيرة، وهو الأمر الذي جعل الأماكن مختلفة كليا عن فترة ما بعد حرب أكتوبر، حيث كانت أغلب المنازل مهدمة، ووجدت نفسي في مأزق، وقررت أن أعتمد على بعض الأفلام الوثائقية التي تم تصويرها في هذه الفترة، واستعنت بعدد من المشاهد، كما استعنت أيضا ببعض الأماكن في مدينة السويس التي يبدو عليها الهلاك والدمار بسبب عوامل البناء والترميم الذى كانت تشهده المدينة فى فترة تصوير الفيلم، وليس بسبب الحرب وبالفعل قمت بتصوير هذه المشاهد واستعنت ببعض المشاهد الوثائقية كنوع من الامتداد لهذه المشاهد الحقيقية وتم تصوير العمل.

 ماذا عن توقيت عرض الفيلم واختيارك للأبطال؟ 

الفيلم حقق نجاحاً كبيراً عند عرضه تليفزيونيا، حيث قدمته الإعلامية د. درية شرف الدين، والتي قالت عنه “أرجو التركيز الشديد في هذا العمل نظرا لاختلاف الأزمنة فيه”، حيث كان العمل يعتمد على “الفلاش باك”، و كانت بداية القصة بعد حرب أكتوبر وحصار مدينة السويس،كما أنني عدت بالزمن إلى حرب الاستنزاف، والإستعانة بمحمد منير كان اختيارا في محله، حيث حصد إعجاب الجميع، خاصة بعد تقديمه أغنية النهاية “السلاح صاحي”، كما أن دور “عبد الرحمن” الذي قدمه الراحل محمود الجندي رمزا كل أبطال الحرب، وحرصت على دراسة تفاصيل الأماكن التي سنصور بها، واختيار الأبطال بدقة، فكل شخصية لها رمز.

وماذا عن فيلم الطريق إلى إيلات الذي تم إنتاجه بعد حكايات الغريب وتحديدا عام 1993؟ 

“الطريق إلى إيلات” تم التحضير له وتصويره بعد “حكايات الغريب” مباشرة، حيث تحدث معي المنتج ممدوح الليثي وطلب مني قراءة العمل، لكنني رفضت إخراج العمل في البداية، وقلت له “اخطأت الاختيار”، وإنه من الأفضل أن يقدم هذا العمل “مخرج” وليس “مخرجة”، نظرا لطبيعة العمل الحربي، وإنه يحتاج لقوة بدنية وعضلية، إلا أنه أكد لي أنني اختياره الأول، وكان حريص على أن يوفر كل متطلبات العمل، وكان لممدوح الليثي طريقة خاصة في الإقناع، وأصر أن أقوم بإخراجه، وبمجرد الاتفاق كنت حريصة على معاينة مكان التصوير، ما بين مصر والأردن. 

 ماذا عن مقابلتك للجنود الحقيقيين الذين قاموا بالعملية الفدائية؟ 

طالبت مقابلة منفذي العملية الحقيقية “الضفادع البشرية”، وناقشتهم في عديد من الأمور، وسألت أحدهم “كيف تضحي بنفسك وخلعت حزام الرصاص الذي يدفعك للغطس من أجل ربط اللغم الخاص بتفجير الرصيف الحربي لإيلات؟”، وكان رده لو كان هذا الحل يعرض العملية إلى الفشل كنت حضنت اللغم بجسدي حتى يتحقق الغرض. 

 ماذا عن الصعوبات التي واجهتك أثناء التصوير؟ 

هذا العمل كان مرهق بالنسبة لي، بسبب أن معظم مشاهده خارجية، كما أنه عمل حربي بالكامل وأنا لست متخصصة في هذا المجال، لذلك درست كل شيء بعناية، لكن تعرضت لموقف صعب أثناء التصوير، حيث قمت بطلب بعض المعدات من الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، وسقط سهوا ذكر إحدى المعدات الضرورية، والتي كانت مطلوبة للتصوير في نفس اليوم، وحينما تحدثت لمندوب الشئون المعنوية عن ضرورة إحضارها، قال أنني ليس أمامي سوى حل من أثنين، أما تصوير المشهد في يوم آخر حتى يتم توفير المعدة، أو إلغاء المشهد تماما، ومن هذا الموقف تعلمت الانضباط والدق في طلباتي.

أقرأ أيضأ

 المخرجة إنعام محمد علي توضح معايير اختيارها أبطال «الطريق إلى إيلات»