الخروج عن الصمت

الفنون جنون

محمد عبدالواحد
محمد عبدالواحد

محمد عبدالواحد

الفنون جنون ولكل فن شطحاته وجماله يجعلك تقف عاجزا صامتا فى محراب فنه تحدث نفسك كيف صنعها هذا الفنان.. أما من يطلقون عليه فنا وهو منه ببعيد لأنه أصبح كسوق لا تعرف له مدخل أو مخرج وهو فن الطهى فحدث ولا حرج كلما تنقلت بين صفحات السوشيال ميديا تجد من يطلق على نفسه أو نفسها بفنان لأنه أضاف لمائدة السفرة صنفا غير موجود على الخريطة وتجد نفسك تحاول أن تجد شيئا مختلفا عما كانت تصنعه أمهاتنا. الكل فى هذا السوق ينسى الأصول أو القواعد التى تجعل ما يقدمه تاجا على الروؤس وهو أنت أيها المتلقى وهل فعلا تتذوق ما يقدمه وتشعر بفاتح للشهية..

بالضبط كسائق أعمى يحاول أن يصل بك الى مرحلة الانتحار لأنه يصر على أنه عبقرى رغم جهله بالطرق وجنون السرعة وعندما توصفه بالعمى كناية عن عدم رؤيته للطريق وانحنانه وما به من حفر ومطبات تجده فى شجار وصراع مع باقى ركاب الحافلة لأنهم لايقدرون ما يفعله. لكن خير توصيف لهما أن كلاهما انتحار لبيت الداء والآخر للجسد ككل.. على النقيض كان هناك زمن يمتاز بالأدب والجمال فكانت من تطهو تحاول أن تتذوق ما تفعله فإن شعرت بلذته ارتاحت نفسها وهى تقدمه لك ورغم ذلك تنتظر التقييم فإن أثنيت وأبديت بعض الملاحظات ينعم وجهها بالراحة لأنك لم تنافقها. تعلو ضحكاتها وهى تقول أعدكم فى المرة القادمة أن أراعى تلك الملاحظات. ورغم إجادة ستات هذا الزمن لكل ألوان الطهى إلا أنهم كانوا يتمتعون بالتميز والتنوع الفريد فى كل شىء من ملبس ومأكل وزينة ، فعندما تذكر وجبة أو صناعة شىء من الحلوى والخبز وكعك العيد بمشتملاته أو الزينة فتجدهم على الفور يقولون نستعين بفلانة لمهارتها فيه فهى أفضل من تجيد صناعته، أما اليوم تجد من تحبو فى هذا العالم وعندما تقدم الشىء تقدمه وهى منتفخة الأودجاج يملأها الغرور ورغم أنها لم تذق ما صنعته بأيديها ولا تعرف مقادير ما فعلت وعندما ترى وجهك يتغير هل تعلم كم عدد الساعات التى أمضيتها لأصنع ذلك وفى نهاية المطاف أجد النقد وتغيير الوجوه، قس على هذا كل ما تراه عينك الآن ستجد أن الكثير يقلد هذا السائق الأعمى الذى يرتطم بك وعندما تشكو بدنك يلقنك درسا فى فن قيادة السيارة، والآخر يحاول أن يدمر بيت الداء ويزيد من دائها وهو يشعرك بأنك لا تجيد التذوق. لله فى خلقه شئون.