الجيش الصينى مساهم نشط وداعم فى حفظ السلام العالمى

لياو ليتشيانغ سفير الصين بالقاهرة
لياو ليتشيانغ سفير الصين بالقاهرة

بقلم: السفير الصينى بالقاهرة لياو ليتشيانغ
تعيش الأوضاع الدولية حالياً تغيرات معقدة فى ظل تزايد الأزمات العالمية وتشابك التحديات الأمنية التقليدية وغير التقليدية. وقبل أن تتخلص البشرية من ظلال فيروس الكورونا، قد شاهدت تصاعد دخان الحرب فى أوكرانيا، بالتزامن مع الانتعاش المتباطئ للاقتصاد العالمى والضغوط التضخمية المرتفعة والأزمات المتعاقبة فى مجالات التمويل والتجارة والطاقة والغذاء وسلاسل الصناعة والإمداد، الأمر الذى قد شكل تحديات خطيرة يجب على جميع البشر التعامل معها بجدية.


وفى هذه المرحلة الحاسمة للسلام والتنمية الدولية، طرح الرئيس الصينى شى جينبينغ فى شهر ابريل مبادرة الأمن العالمي، التى تتمحور حول «ست تمسكات»: التمسك بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاونى والمستدام؛ التمسك باحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها؛ التمسك بالالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة؛ التمسك بالاهتمام بالهموم الأمنية المشروعة لكافة الدول؛ التمسك بإيجاد حلول سلمية للخلافات والنزاعات بين الدول من خلال الحوار والتشاور.التمسك بحماية الأمن فى المجالات التقليدية وغير التقليدية. فهذه المبادرة تجيب بوضوح على تساؤلات قضية العصر المتمثلة فى « نوع مفهوم الأمن الذى يحتاجه العالم وكيف يمكن للبلدان تحقيق الأمن المشترك»، وتساهم بالحكمة الصينية والحلول الصينية فى مواجهة التحديات الأمنية التى تواجه عالم اليوم.


إن الصين هى من طرحت مبادرة الأمن العالمى، وأيضا التى تدفع بتطبيقها على الأرض، والجيش الصينى سيبقى دوماً مدافع صامد ومساهم نشط للسلام العالمي. أولاً، الجيش الصينى يدعم عمليات حفظ السلام الأممية بدأَب. تعتبر الصين هى أكبر دولة من بين الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن من حيث عدد الأفراد المبعوثين لعمليات حفظ السلام، وثانى أكبر دولة فى العالم من حيث كمية التمويل سواء للميزانية العادية للأمم المتحدة أو لعمليات حفظ السلام. وحتى الآن، لقد شارك الجيش الصينى فى 25 عملية حفظ السلام، وأرسل ما يقرب من 50 ألف فرداً عسكرياً، وأنشأ وأصلح طرقاً بلغ طولُها أكثر من 18 ألف كيلومتر وأكثر من 300 جسراً، وأزال أكثر من 16 ألف لغم وأنواع مختلفة من الذخائر غير المتفجرة، وقطع أكثر من 13 مليون كيلومتر من المسافة لنقل أكثر من مليون و200 ألف طن من المواد والمعدات، وقدم الرعاية الطبية لأكثر من 254 ألف مريض. ينتشر نشاط الجيش الصينى فى إطار عمليات حفظ السلام الأممية فى أكثر من 20 دولة ومنطقة من بينهم الكونغو الديموقراطية وليبريا والسودان ولبنان، وحالياً هناك ألفان و240 فرداً عسكرياً صينياً ينفذون مهامهم فى 7 بعثات  حفظ السلام ومقر الأمم المتحدة. ثانياً، الجيش الصينى يحافظ على أمن الممرات البحرية باجتهاد.

منذ شهر ديسمبر عام 2008، أرسلت القوات البحرية الصينية 41 تشكيلاً بحرياً تكوّن من أكثر من 100 سفينة عسكرية و 30 ألف فرداً عسكرياً لتنفيذ مهمة المرافقة البحرية فى خليج عدن والمياه الصومالية. ومن خلالها تم تأمين 1500 مجموعة من السفن العابرة فى تلك المنطقة المائية، حيث بلغ العدد الإجمالى من تلك السفن أكثر من 7000، إضافة إلى أن السفن الأجنبية تمثل أكثر من نصف العدد، وتم تفتيش ومطاردة حوالى 3000 سفينة مشتبه بها فى عمليات القرصنة، بما قدم مساهمة مهمة لضمان الأمن فى الممر البحرى بالغ الأهمية للتجارة الدولية. ثالثاً الجيش الصينى يشارك فى عديد من عمليات الإغاثة مثل ما بعد إعصار هايان فى الفلبين، ومكافحة وباء الايبولا فى غرب إفريقيا، ومساعدة المالديف لتجاوز نقص مياه الشرب، والإغاثة بعد الزلزال فى نيبال، والإنقاذ بعد الفيضانات الناتجة عن انهيار سد فى لاوس.

كما زارت سفينة المستشفى التابعة للقوات البحرية الصينية «سفينة السلام»  43 دولة وقدمت الرعاية الطبية إلى 230 ألف شخص. وفى بداية العام الجاري، وبناء على طلب مملكة تونغا بعد تعرض البلد لكارثة  ثوران بركاني، أرسل الجيش الصينى طائرات النقل وسفن عسكرية لتقديم آلاف الأطنان من لوازم الطوارئ و المواد لإعادة الإعمار. وفى الحملة ضد جائحة فيروس الكورونا، قدم الجيش الصينى اللقاحات والمستلزمات الطبية لمكافحة الجائحة لجيوش أكثر من 30 دولة، وتعاون مع جيوش أكثر من 50 دولة من خلال تقديم المستلزمات الطبية وإيفاد فرق من الخبراء وإقامة لقاءات بتقنية فيديو كونفرانس.


يوافق هذا العام مرور 95 عاماً على تأسيس جيش التحرير الشعبى الصيني. فى سنوات الحرب، لقد كتب الجيش الصينى ملحمةً خالدةً بدمائه وحياة أبنائه لتحقيق الاستقلال للأمة الصينية وتحريرها وبناء الصين الجديدة. وبعد إنشاء جمهورية الصين الشعبية، أخذ الجيش الصينى على عاتقه حماية سيادة الدولة ووحدة أراضيها، بما شكل سور الصين الحديدى للدفاع الوطني، وساهم بشكل كبير فى بناء الوطن وتنميته. ومع دخول العصر الجديد، بدأ الجيش الصينى فى تطبيق أفكار شى جينبينغ لتقوية الجيش، والإسراع فى تحديث الدفاع الوطنى والجيش، وإجراء التدريبات المحاكية للمعارك الحقيقية بكثافة. وفى الآونة الأخيرة دخل العديد من الأسلحة والمعدات الجديدة الخدمة تدريجياً، وتم إطلاق مؤخراً ثالث حاملة طائرات محلية الصنع للاختبار، بما رفع حداثة الجيش الصينى وقدرته على القتال المشترك إلى المستوى الجديد، وجعل الجيش يخطو بخطوات ثابتة نحو هدفه فى بناء جيش على مستوى عالمي، مع أنه سيواصل فى الدفاع عن سيادة وطنه وأمنه ومصالحه التنموية.


وما نريد التأكيد عليه هنا هو أن الصين ملتزمة بسياسة الدفاع ذات طبيعة دفاعية. لقد أدرجت الصين «التمسك بطريق التنمية السلمية» فى دستورها، وهى الدولة الوحيدة من الدول النووية الخمس التى تعهدت ألا تباشر باستخدام الأسلحة النووية، وهى التى تمتلك أفضل سجل ما بين الدول الكبرى فى حفظ السلام والأمن العالمي. إن الشعب الصينى يدرك جيداً قيمة السلام، لأن الصين قد عانت من أهوال الحروب وتعرضت للغزو مراراً وتكراراً من القوى الأجنبية منذ العصر الحديث. إن جوهر الحضارة الصينية يكمن فى فلسفة «الانسجام فى التنوع» و»الوئام يأتى أولاً»، والغاية الأسمى للثقافة العسكرية الصينية التقليدية هو»الحذر فى الحرب» و»قهر العدو دون قتال». قال الرئيس شى جينبينغ: «الصين لن تتردد مطلقاً فى التمسك بطريق التنمية السلمية، ومهما حققت الصين من التنمية والتطور، ولن تسعى أبدًا إلى الهيمنة أو التوسع أو البحث عن مجال النفوذ». هذا هو التصريح العلنى الذى وجّهته الصين للعالم وأيضاً الوعد المهيب الذى قطعته أمامه.


إن مصر هى أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، وتعتبر العلاقات الصينية المصرية نموذجًا للتضامن والتعاون والمنفعة المتبادلة بين الصين والدول العربية والإفريقية، بل إن الجيشين الصينى والمصرى متوافقان من حيث العقائد والمبادئ، فكلاهما يتحملان المسؤولية المقدسة فى حفظ السيادة الأمن والمصالح التنموية لبلده، ويساهمان بإيجابية من أجل السلم والأمن العالميين. ونحن على استعداد دائماً لمواصلة السير يداً بيد مع الجانب المصرى تحت الإرشاد الاستراتيجى من رئيسى البلدين، ودمج مبادرة «الحزام والطريق» مع «رؤية مصر 2030» وغيرها من المشاريع الاستراتيجية بين الجانبين، والاستمرار فى تعميق التعاون بين الجيشين والبلدين، لتقديم المزيد من المساهمات لتعزيز السلام والتنمية سواء للمنطقة أو للعالم أجمع.